د. رشا سمير تكتب: فى ذكرى الثورة والفورة والفوضى وعيد الشُرطة!

مقالات الرأي




بعد خمس سنوات وفى ذكرى قيام ثورة 25 يناير.. انقسم الشعب المصرى إلى قسمين، قسم قرر الاحتفال بذكرى الثورة المجيدة وقسم أنكر وجود تلك الثورة ووصفها بأنها نكسة ومكيدة.

بعد خمس سنوات انهالت الاتهامات والتهكمات واشتدت حدة الانقسامات.. وبقيت الحقيقة الوحيدة الأكيدة وهى أننا جميعا يجب أن ننحاز إلى مصر.. ومصر وحدها.

فبعد خمس سنوات تغيرت أفكارنا، وتبلبلت عقائدنا وانكشف الغطاء عن حقائق مذهلة ومؤلمة لم تكن جلية وقتها.

هل كان الربيع العربى حقا هو مجرد حالة انفجار داخلى أم حصيلة تفاعلات محلية وإقليمية، أم هو نتاج لسياسات دولية؟ وهل كانت ثورة يناير ثورة شعبية مطلبية أم كانت سيناريو الفوضى الخلاقة التى بشرت بها كوندليزا رايس؟!.

اليوم فقط أعود بذاكرتى للوراء واسترجع كلمات رئيس وكالة الهجرة اليهودية الذى صرح بأن العرب والمسلمين ليسوا مؤهلين للديمقراطية وذلك يعود إلى أن النُظم السلطوية العربية استطاعت التأصل والاستمرار فى البنية العربية بدليل بقاء الرؤساء العرب فى أماكنهم لعقود طويلة، الأمر الذى جعل العرب بمنأى عن التحولات التى يعرفها العالم بأسره.. ما يستدعى التدخل بنقلهم إلى الديمقراطية!.

لقد وصف باراك أوباما الانتفاضات العربية بأنها «فرصة تاريخية» لأمريكا! وأضافت هيلارى كلينتون: إن هذه الثورات من شأنها أن تسمح لواشنطن أن تمضى قدما لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار والديمقراطية فى المنطقة!.

أمريكا التى لا تسمح لمخلوق فى التدخل بشأنها الداخلى، تضع أنفها بكل صفاقة فى شأن كل المنطقة العربية بحجة السلام.. يا سلام!

لم يكن حديث كوندليزا رايس عن قدرة أمريكا على إحداث فوضى خلاقة فى المنطقة حديث قهاوى، بل كان حديثا مدروسا موجها لكل الأطراف التى تعاونت مع أمريكا.. من ناشطين سياسيين ونُخب تربحت على جُثث الأوطان، وشباب تم الزج بهم لإحداث فوضى، وأنظمة إسلامية تم استحداثها لاستخدامها كفزاعة.

الحقيقة أن ثورات الربيع العربى أظهرت الفجوة بين الأجيال المتعاقبة، بين النُخب التقليدية والشباب الذين عرفوا تنشئة اجتماعية وسياسية مختلفة.. هكذا وقع الشرخ بين جيل قديم يعرف قيمة الأرض ويتمسك بالاستقرار حتى ولو على حساب الحرية.. وجيل يبحث عن التمرد والثورة على كل الأعراف ضاربا بكل القيم والأعراف عرض الحائط، حتى لو كان الثمن أوطانهم..

لقد تغير الوطن العربى بالفعل نتيجة لما أصابه من هزة عنيفة، فسواء نجحت الثورات أم لا، إلا أن تفكير المواطن قد تغير ومزاجه السياسى قد أخذ منعطفا جديدا..

لكن.. وفى لحظة حاسمة وتقدير من الله سبحانه وتعالى.. تنهض مصر وتأبى الانكسار.. وتعقب ثورة يناير ثورة تصحيح أخرى وهى ثورة 30 يونيو.. فالثورة التى انقض عليها الإخوان والمصلحجية والبلطجية تحتاج إلى استعدال فى المسار.. وينحاز الجيش للشعب، فيرزق الله مصر برجل عسكرى تربى فى منطقة شعبية أكسبته صفات الشهامة والرجولة والإنسانية.. الرئيس عبد الفتاح السيسى، الرجل الذى يمتلك القوة والقدرة والحنكة، حتى لو كان له أخطاء، فما قدمه من تضحيات يُلزمنا اليوم بأن نقف خلفه ونثق به ونتغاضى مرحليا عن أى تقصير قد يتبع فوضى الثورات.

شئنا أم أبينا.. فثورة يناير أتت بثورة يونيو وثورة يونيو أتت بعبد الفتاح السيسى.

إن ثورة 25 يناير هى ثورة أقرها وسطرها التاريخ فكيف يمحوها البشر؟!.

إن الحكام العرب أجبروا الشعوب على الثورة باستبدادهم وتوحشهم وفسادهم..

حين قام الشعب ضد نظام مبارك، قام ضد فساد وقهر وفقر ومرض.. وحين قرر أن يثور ثار من أجل الغلابة والمقهورين والمحتاجين.. ثار من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

ربما مازال هناك فساد.. وربما مازالت نفس الوجوه القديمة على الساحة.. وربما لم تتحقق الأهداف المرجوة كلها.. ولكن.. انتهى عهد وجاء آخر بحاكم يعمل جاهدا لتنتصر مصر، حاكم يشعر بآلام البسطاء وينحاز لقضاياهم.. حاكم يُدرك قيمة ومعنى الوطن.

ياسادة.. أبدا لم تكن الثورة نكسة.. بل كانت خطوة لغد يحمل الأمل.. كانت تغييرا للأفضل، لشباب أصبح جزءًا من الصورة.. ومشاريع سوف تطرح ثمارها غدا.. وقبضة قوية تضم الشعب والجيش والشرطة معا.. كل عام ومصر أقوى وأكبر وأعظم وأجمل.. كل عيد ثورة وشرطة واحنا بخير.