منال لاشين تكتب: إلا البنوك يا سيسى

مقالات الرأي



■ ما يحدث عودة للخصخصة تحت عباءة «زيادة رأس المال» ونهايته تعيسة

قرار طرح حصص من بعض البنوك فى البورصة خبر تعيس وخطير ومقلق، فنحن أمام عودة للخصخصة وفى قطاع مهم وحساس وهو قطاع البنوك، ولا يقلل من خطورة القرار اختيار أفضل أنواع الخصخصة، فالطرح العام فى البورصة هو أحد أنواع الخصخصة وإن كان من أفضلها وأكثرها عدالة وشفافية.

ومحاولة تمرير الخصخصة الجزئية فى البنوك بدعوى رفع رأس مال بعض البنوك العامة لا يمكن «بلعها» لأسباب عديدة، فالقطاع المصرفى المصرى خاصة العام منه قوى وناجح ويحقق معدلات ربحية غير مسبوقة، والبنوك تستطيع تمويل زيادة رأس المال من استقطاع نسبة من الأرباح الهائلة، فضلا على أن القرار نفسه يخص البنوك العامة الناجحة فقط.

مرة أخرى نحن أمام خصخصة فى قطاع لا يجوز فيه رفع شعار البيع، ولا يقلل من خطورة هذه الخطوة القول بأن طرح حصص بنكين لم تقلل نسبة المال العام إلا بنحو 20% لكل بنك، وأن قرار الإدارة سيظل لممثلى المال العام، لأن الخطر ليس فى نسبة المال الخاص فحسب، ولكن فى ادخال البنوك فى سوق مال مضطرب، وسوق لا يعبر عن حقيقة الشركات وقوتها. سوق مال هش يتأثر بالشائعات ولا يخلو من التلاعب. سوق مال يتأثر بالعوامل الخارجية من الصين لأمريكا مرورا بأسواق الخليج، وما كان يجب أن ندخل بعض بنوكنا فى هذا العالم المضطرب الغامض المجنون، واختيار توقيت القرار فى هذا المناخ المضطرب لم يكن اختياراً موفقاً، ولا يمكن تبرير هذا التوقيت بحجة أو دعوى الرغبة فى مساندة البورصة من المزيد من الانهيار، فالحفاظ على البنوك العامة أهم من محاولة إنقاذ البورصة، فضلا على أن هناك طرقاً عديدة لإنقاذ البورصة بعيدا عن البنوك.

فقبل وبعد ثورة 25 يناير لم يساند الاقتصاد المصرى سوى البنوك العامة، وتكرر الأمر بعد ثورة 30 يونيو تذكر يا سيادة الرئيس شهادات قناة السويس، وتمويل المشروعات الكبرى والقومية من خلال البنوك العامة، ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لم تتم إلا فى البنوك العامة. لم ولن يذهب للصعيد سوى البنوك العامة، وآخر مثال كان رفع الفائدة على الودائع والذى استفاد منه ملايين المصريين. قد بدأت حركة الرفع من بنكى الأهلى ومصر ثم القاهرة، وتلاها بنك الاستثمار العربى وهو مملوك بنسبة 91% لبنك الاستثمار القومى.

وربما يكون البيع الوحيد المقبول فى هذا المجال هو أن يطرح البنك المركزى «المصرف المتحد» للبيع، وهو بنك مملوك بنسبة 99.9% للمركزى، لأن استمرار ملكية المركزى للبنك يمثل خرقا لقواعد تعارض المصالح، وفلا يجوز للرقيب أن يمتلك بنكا، وكان المركزى قد تدخل بالشراء إنقاذا لأموال المودعين فى ثلاثة بنوك صغيرة ومتعثرة، وهو تصرف محمود لكنه مشروط ببيع البنك بعد تطويره، لكن أن نفتح باب الخصخصة فى البنوك العامة فلا وألف لا. خاصة أننا باب مفتوح لم يستثن إلا بنك الأهلى ومصر، وبالطبع لا يوجد عاقل يفكر فى بيع سهم من بنكى الأهلى ومصر، لكن بمفهوم المخالفة، فإنه باستثناء الأهلى ومصر. كل البنوك العامة ومساهمات الدولة فى البنوك المشتركة أصبحت تحت سيف الخصخصة.بنوك القاهرة وحصة المركزى فى كل من البنك العربى الإفريقى والمصرف العربى وبنك الإسكان والتعمير، وحصة المال العام فى بنك مصر وإيران، والبنك العقارى العربى وحصة المال العام فى بنك الإسكندرية سان باولو والتى تبلغ 20% من أسهم البنك.

كله كله يقف فى الطابور فى انتظار قرار جديد لبيع حصة أو بالأحرى فى انتظار لحظة «زنقة» اقتصادية أو الحاجة لتمويل مشروعات جديدة، وهذا طريق خطر جدا.

إلا البنوك يا سيادة الرئيس.