منال لاشين تكتب: الحكومة تعترف: قانون الخدمة المدنية حرم الموظفين من 14٫5 مليار جنيه
■ صفقة سياسية لتمرير «القانون الأزمة»
منذ أن ظهر قانون الخدمة المدنية لم تهدأ الضجة حوله، ولا خفت صوت الجدل بشأن القانون. ربما لأن القانون يمثل رواتب ومزايا أكثر من 6 ملايين موظف. خرجت المظاهرات ضد القانون. ورفعت فئات راية التهديد بالتصعيد لو لم يتم إخراجهم من عباءة القانون.
والقانون يحمل بعض الجوانب الإيجابية فى تطوير الجهاز الإدارى للدولة، ولكن فى إطار التطوير وبحسن النوايا تم المساس أو تخفيض مزايا بعض الموظفين ودخول ورواتب البعض الآخر. وهذا التخفيض فى حد ذاته قد لا يكون خطيئة أو ظلما. ولكن المشكلة أو بالأحرى الفضيحة أن الحكومة ووزراءها روجت لأوهام فى هذا القانون. وكررت بدلا من مرة ألف مرة أن القانون لن ينتقص من رواتب أو حوافز أو مزايا الموظفين. وأقسم وزراء بألا يضار موظف من تطبيق قانون الخدمة المدنية. لكن لأن (الكذب مالوش رجلين). فقد اضطرت الحكومة منذ أيام قليلة لكشف المستور.
وبدأت القصة عندما اعترض نواب بالبرلمان على تمرير قانون الخدمة المدنية وأصروا على رفض القانون. وكان أول رد للحكومة أن رفض القانون سيؤثر على الأوضاع القانونية والمالية لـ6 ملايين موظف. وانه يؤدى إلى عدم دستورية الإجراءات والقواعد التى طبقت على موظفى الدولة. وقد كان هذا الدفاع موضوعيا إلى حد كبير، لأن المادة 156 من الدستور تضع الجميع فى مأزق. فإذا لم يقر القانون خلال خمسة عشر يوما من بدء البرلمان ويعد القانون لاغيا. ولذلك طالب الكثيرون من نواب المجلس بالموافقة على القانون. وبعد ذلك يقوم المجلس بتعديل ما يشاء من مواد القانون. ولكن الحكومة فى ظل حماسها لتمرير القانون أدلت باعتراف خطير جدا يخص قانون الخدمة المدنية. هذا الاعتراف ينسف تصريحات الوزراء السابقة بعدم المساس بحقوق الموظفين.
قالت الحكومة: إن عدم تمرير القانون سيؤدى إلى تكلفة فى الموازنة العامة للدولة بـ14.5 مليار جنيه. وهذا التصريح أو بالأحرى الاعتراف يكشف حقيقة مهمة، وهى أن تطبيق قانون الخدمة المدنية قد خفض مزايا ورواتب وحوافز موظفى الحكومة أو بعضهم بنحو 14.5 مليار جنيه. وذلك خلافا لتصريحات الوزراء. ولست ضد أن يتم تخفيض دخول أو مزايا بعض الموظفين لتحقيق العدالة الاجتماعية، لكننى ضد حالة الإنكار التى أصبحت تسيطر على الحكومة ووزرائها. فقد كان أولى بالحكومة أن تعترف بحقيقة التخفيض، وأن تقدم التفسير أو السبب وراءه. وقد استخدمت الحكومة لعبة خسائر الموازنة لتمرير قانون آخر. فقد رفض المجلس تمرير قانون الثروة المعدنية. ففى اجتماع داخل لجنة الصناعة أكدت الحكومة أن إلغاء قانون الثروة المعدنية له آثار مالية. وبحسب الحكومة فإن الخسائر تصل إلى 4 مليارات جنيه من أموال الخزانة العامة.
وفى حالة القانونين فإن الأنباء عن الخسائر قد أحدثت تراجعا نسبيا فى رفض القانونين.
وقد جرت مفاوضات مكثفة جدا بين نواب بالبرلمان وممثلى الحكومة لتمرير القانونين.
وتجرى المفاوضات للوصول لصفقة سياسية لتمرير القانونين. بحسب مصدر برلمانى فإن الحكومة ستتعهد أمام البرلمان بتغيير عدة مواد فى اللائحة التنفيذية للقانون. كما ستتقدم الحكومة بتعديلات فى نحو خمس مواد فى القانون للبرلمان وذلك فور إقرار القوانين التى صدرت قبل البرلمان مباشرة. ولاشك أن كشف الحكومة لرقم 14.5 مليار يعد إحدى النتائج المباشرة لوجود مجلس النواب. فلولا البرلمان ما كانت الحكومة قد اضطرت للاعتراف بهذا الرقم أو بالأحرى اعترفت بالحقيقة.