منال لاشين تكتب: لأول مرة.. على عبد العال يرفض تدخل الأمن فى إدارة البرلمان
■ هذا الموقف يحسب بالتأكيد لرئيس البرلمان لأن هذا الموقف يؤكد فهمه العميق للدستور والقانون من ناحية واحترامه وحرصه على استقلال البرلمان وكرامته من ناحية أخرى
ربما تبدو أزمة صحفيى البرلمان يوم الأحد الماضى للبعض أزمة حرية الصحافة، وربما تبدو للبعض جس نبض لقوة الصحافة فى مواجهة بعض السلطات فى المجتمع، ولكن حقيقة الأمر أن للأزمة بعدا برلمانيا مهما، هذا البعد يتصل بأول اختيار لرئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال.
يوم الأحد الماضى استبعدت جهة أمنية نحو عشرين صحفيا من المحررين البرلمانيين من حق دخول البرلمان، ومن ثم ممارسة عملهم الصحفى، وتدخل نقيب الصحفيين يحيى قلاش وتواصل مع بعض النواب من الصحفيين وداعمى حرية الصحافة مثل النواب مصطفى بكرى وأسامة هيكل وخالد يوسف وتامر عبدالقادر، القصة كما نشرت أن النواب قابلوا رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال بين الجلسات، وأن رئيس المجلس استجاب وأمر بإلغاء المنع، بل وأصر على أن تبلغ إدارة الإعلام الصحفيين فى نهاية اليوم البرلمانى الطويل بكل الصحفيين وإبلاغهم بإلغاء قرار المنع.
القصة المنشورة صحيحة ولكنها ناقصة، والعنصر الناقص مهم جدا ويكشف جوانب من شخصية رئيس البرلمان، فخلال اللقاء بين الدكتور على عبدالعال والنواب لمناقشة الموضوع، قال أحد النواب لرئيس البرلمان إن المنع جاء من جهة أمنية، وأنه لا يجوز بعد ثورتين أن يمنع الأمن الصحافة من تأدية مهمتها أو يتدخل فى أعمال أو إدارة البرلمان، وهو الأمر الذى وافق عليه رئيس البرلمان على الفور، مؤكدا رفضه لمثل هذه الممارسات، وهذا الموقف يحسب بالتأكيد لرئيس البرلمان الفقيه الدستورى، لأن هذا الموقف يؤكد فهمه العميق للدستور والقانون من ناحية، واحترامه وحرصه على استقلال البرلمان وكرامته من ناحية أخرى.
فالدستور والقانون يؤكد أن رئيس البرلمان هو ومكتب هيئة المجلس هو من يدير شئون المجلس، حتى إن المجلس له شرطته الخاصة داخل البرلمان، ويتولى المجلس إدارة شئون الأمن داخل أسوار البرلمان، ولذلك لايجب أن تتدخل أى جهة فى أعمال المجلس بما فى ذلك كل ما يتصل بالأمن داخل شئون البرلمان، وليس من حق الحكومة أن تتدخل على سبيل المثال فى موازنة مجلس النواب، بل تحدد للبرلمان رقما محددا فى الموازنة العامة للدولة، ويتولى المجلس تقسيم المبلغ على بنود موازنته، كما يرى، فالدستور يحرص على استقلال السلطة التشريعية، وقد حافظ الدكتور على عبدالعال على كرامة واستقلال السلطة التشريعية بقراره السريع والفورى والحاسم بإلغاء بمنع دخول الصحفيين لدعاوى أمنية، لأن وجود سلطة للأمن بكل أنواعه على تنظيم عمل الصحفيين داخل البرلمان هو مساس بكرامة واستقلال السلطة التشريعية، وقد أحسن الدكتور على عبدالعال صنعا بأن أصر على إلغاء القرار فى نفس اليوم وبعد أقل من 12 ساعة، ولم يستجب لاقتراح بتأجيل تنفيذ القرار لليوم الثانى، لأن التنفيذ السريع لقرار الدكتور على عبدالعال يؤكد للجميع أن رئيس البرلمان لم يرجع لأى جهة، وأنه اتخذ القرار دون انتظار للاستشارة أو نصيحة أو حتى مبررات للمنع، وهذا الأمر الذى يعزز استقلال القرار داخل البرلمان، وأن البرلمان وحده طبقا للدستور والقانون والأعراف البرلمانية صاحب السلطة المطلقة على كل شئونه.
هذا الموقف لا يكشف موقف الدكتور على عبدالعال من الصحافة فحسب، بل هو موقف كاشف لموقفه كرئيس برلمان للحفاظ على استقلال وكرامة برلمان بعد ثورتين.
هذا موقف أتمنى أن يستمر فى علاقة البرلمان بكل مؤسسات الدولة، وأثق أن الدكتور على عبدالعال سوف يحرص على تطبيق الدستور فى كل خطوة للبرلمان.