إيمان كمال تكتب: فن بما لا يخالف شرع الله
فى "الخيط الرفيع" لم تتخوف فاتن حمامة أن تقول "يا ابن الكلب" أثناء مشادة بينها وبين محمود ياسين بأحد مشاهد الفيلم بالرغم من شخصية فاتن المعروفة بتحفظها الشديد فلم تقبل على تقديم أعمال تتسم بالجرأة الشديدة مثل سعاد حسنى أو شادية وغيرهما، إلا أن الجمهور كان على وعى كاف ليدرك أن الضرورة الدرامية حتمت اللفظ خاصة أنه دارج ومن واقع المجتمع المصرى فهو بالتأكيد ليس وحى انزل على "احسان عبدالقدوس" مؤلف الفيلم، الأمر تكرر مع أعمال مختلفة فكررها نور الشريف فى "سواق الأتوبيس" وأعمال اخرى تنتمى لسينما الواقعية.
لكن فى السنوات الأخيرة اصبحنا نتعامل بمتلازمة دعوى قضائية لكل عمل فنى جديد بتهمة أنه يدعو للفجور والرذيلة، وإن كان أشهرها تلك القضية التى واجهها المخرج خالد يوسف بعد عرض فيلمه "حين ميسرة" واتهامه بنشر الفجور فى المجتمع مع ظهور غادة عبدالرازق بشخصية مثلية الجنسية فى مشهد واضح وصريح، إلا أن القضاء برأ خالد يوسف وأكد أن الشريعة الإسلامية فى الأساس تبيح حرية الإبداع.
فى 2007 برأ القضاء خالد يوسف معتبرا أن الشريعة الإسلامية تكفل حرية الإبداع، وفى 2016 واستنادا ايضا للشريعة الإسلامية اصدر القضاء الحكم على رنا السبكى بالسجن لمدة عام مع الشغل وكفالة 5 آلاف جنيه بتهمة نشر محتوى فنى يحرض الشباب على الفجور وإثارة الفتن وإيقاظ الغرائز فى نفسه فى فيلم «ريجاتا» الذى قامت بإنتاجه، واعتبر أن حرية الإبداع التى يكفلها الدستور مقيدة بالشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ومن ثم لا بد للإبداع أن يكون مقيدا بما أوجبته علينا الشريعة بعدم اثارة الفتن وحسن تربية النشء.
بالتأكيد لم تتغير الشريعة الإسلامية التى تحكم مصر منذ سنوات طويلة، ولكن الأمر اختلف تماما بعد أن اصبحت محاكم التفتيش تقف بالمرصاد لكل عمل إبداعى، ولأن السينما السبكية اصبحت الشماعة التى تعلق عليها خيبات الفن مؤخرا فلا أزمة من "قرصة ودن" لتقديم أعمال بما لا يخالف شرع الله ولا مانع أيضا من أن تكون رنا السبكى هى كبش الفداء فلن تجد من يدافع عنها فهى من عائلة السبكية، بالرغم من حصول "ريجاتا" على موافقة رقابية، الموقف تكرر من قبل مع "حلاوة روح" الذى اصدر رئيس الوزراء سابقا قراراً بوقفه من دور العرض أيضا، فالحرب على الإبداع لم تعد مقصورة على الجهات الرقابية ولا الدينية، فحق الإبداع مكفول للجميع ولكن حق تجريم الإبداع هو العصا التى يطيح بالفن مؤخرا.