أحمد فايق يكتب : الوزير والجميلة
«لا أريد أن تكون الأسئلة ساخنة مثلك» هذه هى الجملة التى انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى، على لسان وزير الإعلام صلاح عبد المقصود قالها لمذيعة قناة دبى «زينة يازجى» فى بداية لقائه معها فى برنامج الشارع العربى، فسر الجميع الجملة على أنها تحمل إيحاءات جنسية، وتطورت الأمور إلى نشر تصريحات على لسان زوجها الفنان السورى عابد فهد، الذى أبدى استياءه من ردود الفعل، ثم نشرت له تصريحات على الفيس بوك يهاجم فيها صلاح عبدالمقصود، القضية تبدو جريمة مكتملة الأركان لو اعتمدنا فقط على التصريحات التى تنشر على الفيس بوك، ومن حق المذيعة أن تقدم بلاغًا ضد الوزير تتهمه فيه بالتحرش الجنسى، ومن حق الجميع أن يطالب بضرورة أن يتقدم الوزير باستقالته فورا ويعلن اعتذاره للرأى العام.
ولكن للحقيقة دائما وجهًا واحدًا، فقد بحثت عن أصل الفيديو واللقاء الذى تم فى قناة دبى، فقد قال صلاح عبد المقصود بالنص «لا أريد أن تكون الأسئلة ساخنة مثل أرائك» وهناك فارق كبير بين أصل الجملة وبين إعادة توجيهها للرأى العام لصناعة قضية زائفة، فقد جرى اقتطاع الجملة من سياقها الطبيعى، وجرى أيضا استغلالها سياسيا، وبمزيد من البحث ستجد أن المجموعات التى روجت هذه القضية المزيفة معظمها «فلول»، وتركت هذه المجموعات تصريحات المذيعة نفسها على الـ«فيس بوك» حينما قالت إنها تحترم وتقدر مصر التى وصفتها بالكريمة، ووصفت شعبها بالشجاع، وأشارت إلى أنها تود أن تسجل حقيقة ما حدث معها فى الحلقة، التى استضافت خلالها الوزير»، وأكدت أنها قد تكون تأخرت فى ذلك قليلا، لكنها بررت التأخير بخشيتها من تضخيم الموضوع من قبل البعض، وأضافت أنها وفريق عمل البرنامج لم يشعروا بالشك ولو للحظة فى قصد الوزير من استخدام العبارة كنوع من الترميز، وقالت إن هذا التوضيح كان ضروريًا بحق ضيف وصفته بالكريم، مثل كل ضيوف برنامج «الشارع العربى».
هنا انتهى كلام زينة يازجى لكنه لم ينشر بنفس قدر انتشار الفضيحة نفسها، لقد كتبت منذ تولى الرئيس مرسى المسئولية، أن هذه المساحة الصغيرة ستتحول إلى معارضة شرسة، لكننى لا أحب الترصد واصطياد الأخطاء وصناعة قضايا وهمية، لا أحب تعليقات ميلشيات الإخوان الإليكترونية على مقالاتى فى موقع «الفجر»، وسبهم لى بأبشع الألفاظ، ولا أحب حذفها فى نفس الوقت، فالإناء ينضح بما فيه.
صلاح عبدالمقصود برىء من هذا الاتهام، ولم يفعل أى شىء مخجل أو خارج عن النص، يمكن أن نتفق أو نختلف معه حول سياسته فى إدارة وزارة الإعلام، من حقنا أن ننتقده لتضييق الحريات، بل ونعلن الحرب ضده ونصوبه لو لزم الأمر، لكن ليس من حق أحد اتهامه بأنه تحرش جنسيا بمذيعة، وهذا رأيى الذى يحتمل الخطأ والصواب، ربما يرى آخرون أنه تعمد أن يقول لها بعد ذلك «حاجة سخنة زيك»، لكننى لم أرها كذلك، بل وجدتها جملة عفوية، جاءت بعد حديثه عن سخونة آرائها.
أرجو أن يعلم ويتعلم الآن قيادات جماعة الإخوان المسلمين أنه من السهل جدا أن ترمى منافسك بأبشع الاتهامات، رغم أنك تعلم من داخلك براءته، فقد تتسبب اتهاماتك فى خراب البيوت، وتشويه السمعة، وهذا مافعله بعضهم طوال الفترة الانتقالية بداية من ربط اختيارى نعم ولا بالاستفتاء الدستورى بالجنة والنار، واتهام الليبراليين بأنهم ملحدون وخارجون عن الدين، والسيدة المنقبة التى سحلها حمدى بدين ورفاقه، وعراها جنوده، ورغم ذلك لم تسلم من الطعن فى شرفها، من رجال ذقونهم تحمل كذبهم ونفاقهم، لم يسلم مقاطعو الانتخابات الرئاسية وحتى البرلمانية من الاتهامات بالعمالة، لقد جرب الآن وزير الإعلام الإخوانى معنى هذا، ومن الطبيعى أن يقود تيارًا إصلاحيًا داخل الجماعة، حتى لا يقذف المتطرفون والمتشددون فيها الآخرين بأبشع الألفاظ والاتهامات، عليه أن يتذكر مشهد نواب الإخوان المخزى فى مجلس الشعب وهم يتهمون أبطال وشهداء ومصابى محمد محمود بالعمالة والتمويل من الخارج