مرض "خامنئي" يثير جدلاً في إيران

عربي ودولي

بوابة الفجر


بعد تردي الحالة الصحية للمرشد الإيراني علي خامنئي، وهو ما أكده انتشار صور له على سرير المرض، وما صاحب ذلك من أنباء عن خطورة وضعه الصحي، انطلقت أصوات إيرانية تدعو للتفكير بما بعد خامنئي، حيث يبدو المشهد غير واضح مع ازدياد الأسماء المرشحة، وهو ما دفع سياسيين إيرانيين للدعوة إلى إلغاء منصب "الولي الفقيه" واستبداله بمجلس يقوم بمهامه.

 

 

ويبلغ عمر خامنئي 76 عاماً، ومن ثم فإن مجلس الخبراء المقبل المؤلف من 88 عضواً قد يكون له دور حاسم في اختيار من يخلفه؛ لأن انتخاب المجلس يتم كل ثماني سنوات، ولم يشغل المنصب سوى خامنئي ومؤسس الجمهورية الخميني.

 

 

خلافات ترافق مرض خامنئي

 

وقد أحدث اعتلال صحة مرشد الثورة الإيرانية خلافات في المكون السياسي للدولة التي تقوم على أسس عقائدية تضفي على منصب المرشد قداسة دينية، تمنحها صلاحيات واسعة جداً، ففي تصريح لقربان علي دَري نجف آبادي، عضو اللجنة الرئيسة لمجلس خبراء القيادة الإيراني، قال فيه: "من الضروري التفكير في مرحلة ما بعد خامنئي".

 

أما أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، فأكد أن "مجلس الخبراء مستعد لاختيار مجلس زعماء إذا دعت الحاجة بدلاً من المرشد الأعلى".

 

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تطرح مسألة خلافة المنصب أو إلغائه علناً بعد إجراء عملية جراحية للمرشد، وذلك منذ الثورة الإيرانية في عام 1979.

 

حتى إمام طهران، نائب رئيس مجلس خبراء القيادة الإيرانية، محمد علي موحدي كرماني، شاطر رفسنجاني رأيه بالقول: إنه "يجب التفكير في ما بعد مرحلة خامنئي". وأفادت وكالة "سحام نيوز" الإصلاحية أن كرماني، وهو أمين عام "جمعية رجال الدين المناضلين"، وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، أكد خلال كلمة له في اجتماع للتيار الأصولي المتشدد في طهران، أن "البلاد تمر بظروف حساسة، وعلينا أن نوحد صفوفنا للانتخابات القادمة" المزمع إجراؤها في فبراير المقبل.

 

 

ردود فعل غاضبة

 

وتعالت أصوات المتشددين رداً على التصريحات الآنفة، حيث حذر محمد تقي مصباح يزدي، رجل الدين المقرب من المرشد الإيراني، من محاولات إجراء استفتاء في إيران لعزل "الولي الفقيه" من منصب المرشد الأعلى.

 

وهدد تيار اليمين المتشدد في إيران رفسنجاني، أنه سيلقى مصير آية الله حسين علي منتظري، الذي مات تحت الإقامة الجبرية التي عزل فيها منذ عام 1988 حتى وفاته في عام 2009، بعد انتقاداته لنظام ولاية الفقيه، حسبما جاء ذلك في صحيفة "رسالت" التابعة لليمين المتشدد.

 

 

وسيشكل غياب المرشد الإيراني في حالة وفاته أو عدم قدرته على الاستمرار في المنصب، الاختبار الأصعب لقوة وتماسك المؤسسات والقيادات الإيرانية، لما له من صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات المهمة التي تمس مصلحة الدولة العليا، فهو الأب الروحي والفعلي للمؤسسات الإيرانية والسياسات العامة التي تتكامل أدوارها لتحقيق أهداف إيران الداخلية والخارجية.

 

المرشحون المحتملون

 

هناك عدة مرشحين محتملين لخلافة خامنئي، ينقسمون بين الإصلاحيين والمحافظين وتحالفاتهم داخل النظام نفسه، فهناك أسماء تدور التكهنات حولها لتقلد منصب الولي الفقيه؛ بدءاً من مجتبى خامنئي، نجل المرشد الحالي رجل المال والاقتصاد؛ وهاشمي رفسنجاني، الرجل القوي داخل النظام الإيراني الذي يطمح لتولي هذا المنصب المهم؛ وصولاً إلى آية الله هاشمي شاهرودي، المتهم بكونه عراقي الأصل، الرئيس السابق للسلطة القضائية؛ وصادق لاريجاني الرئيس الحالي للسلطة القضائية المولود في العراق والمرفوض من الحرس الثوري لهذا السبب؛ ورجل الدين الطامح آية الله جوادي آملي؛ وآية الله محمد تقي مصباح يزدي، المقرب من المرشد وعضو مجلس الخبراء؛ إضافة إلى رجل الدين المتشدد أحمد جنتي، الذي تخشى مؤسسات الدولة أن يؤدي تنصيبه إلى تدهور العلاقات مع الخارج نظراً لخطابه المتشدد.

 

 

ويأتي تعدد الأسماء على ما يبدو دافعاً للقيادات الإيرانية للتفكير بما بعد الولي الفقيه بمجلس زعماء أو تعيين مرشد مقبول من التيارين المتخاصمين؛ لما لهُ من تداعيات على الأوضاع السياسية ومؤسسات النظام والسياسات العامة الداخلية والخارجية، فضلاً عن أن هناك مشكلة في الآلية التي يتم من خلالها تعيين المرشد، فقد ركزت المواد الدستورية على صفات المرشد الأعلى كما نصت عليها المادة 109 من الدستور الإيراني، أو مهامه وصلاحياته في المادة 110 من الدستور، ولم تركز على الآلية بشكل مفصل لندرة الحدث وعدم تكراره.

 

 

مهام وصلاحيات المرشد وطريقة انتخابه

 

 

تنص المادة الخامسة من الدستور الإيراني على أن منصب المرشد يتولاه من يحمل صفات "الفقيه العادل، المتقي، العالم بأمور زمانه، الشجاع، الكفوء في الإدارة والتدبير والرؤية السياسية والاجتماعية الصحيحة"، وهي صفات قد يراها في نفسه جميع الأسماء المرشحة.

 

 

 

أما المواد الدستورية 106 و107 فتنص على أن المرشد ينتخب من قبل الخبراء وممثلي الشعب، وبتأييد من قبل الرأي العام، دون ذكر المؤسسات المعنية الأخرى، كالحرس الثوري الذي بات مسيطراً على أجزاء واسعة من الدولة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فيبدو الأمر متروكاً للأطراف القوية سياسياً، ولمن يُشخص مصلحة النظام واستمراره دستورياً.

 

 

 

إلا أن مراقبين رأوا أن الأمر لن يخلو من الصراعات الداخلية على تولي منصب بهذا الحجم والتأثير؛ لأن المؤسسات الأخرى تَراجع دورها في السنوات الأخيرة وتختلف وجهات نظرها حول من سيخلف الولي الفقيه "خامنئي".