"واشنطن بوست" : قابلية تنفيذ الإنذار الأمريكي لإيران أهم من إقراره
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الإنذار الأمريكي لطهران الذي تطلق عليه إسرائيل اسم الخط الأحمر يجب أن يكون متناسقا مع الوضع الفعلي لملف إيران النووي، وقابلا للتنفيذ في حال تعدته طهران.
وقالت الصحيفة -في سياق مقال أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم السبت- إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدلا من أن يرسم خط أحمر كالذي رسمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول القنبلة الإيرانية في الأمم المتحدة للتدليل على مدى خطورة امتلاك إيران لقنبلة نووية خلال أشهر قليلة، بعث برسالتين؛ الأولى إلى إسرائيل يحثها فيها على الصبر، والثانية إلى إيران وحلفاء واشنطن المترددين يحذرهم فيها من نفاد الوقت.
وأضافت أن الرسالتين لم تحظيا بأية مصداقية، وأنه من أجل معالجة ذلك، يتعين على أوباما أن يكون أكثر وضوحا بشأن مدى قدرة واشنطن على القيام فعلا بوضع الخطوط الحمراء الخاصة لإيران، والتي تهدف لتسهيل المحادثات الدبلوماسية، ورسم حدود بشأن الأمور التي ستتسامح واشنطن فيها.
ورأت الصحيفة أن الخطوط الحمراء التي وضعتها واشنطن تعتبر حاسمة لتحديد قواعد اللعبة في نطاق الجغرافيا السياسية، لكنها ليست كذلك وفقا لقواعد المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن هذه الخطوط تخلق القدرة على التنبؤ، كما يمكنها أن تعزز الاستقرار من خلال اكتشاف الصراعات التي يمكن تفاديها، إضافة إلى وضع إطار للسبل الدبلوماسية التي يمكن انتهاجها بشأن الملف الإيراني.
ومن أجل أن تؤتي هذه الخطوط الحمراء ثمارها -على حد قول الصحيفة- يجب أن تمتلك اثنين خاصيتين هما القابلية للتنفيذ والمصداقية، والأولى تعني تطابق الخط مع واقع معين في الملف الإيراني يمكن أن يتم الكشف عنه ومن ثم التصدى له أو منعه؛ أما المصداقية فتعني أن يعتقد الآخرون بأن التحذيرات بشأن تعدي هذا الخط سيتم تنفيذها بمجرد التعدى عليه فعليا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الإنذار الأمريكي، الذي يهدف لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، يحتوى على قصور في قابليته للتنفيذ، كما يفتقر إلى المصداقية ، بالنظر إلى أن واشنطن لم تتخذ أى إجراء فعلى لوقف برامج كوريا الشمالية النووية السرية، لذا أعربت دول عن تشككها حيال موقف واشنطن من اتخاذ أى إجراء لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي.
ومن جهة أخرى، طرحت الصحيفة عدة تساؤلات أخرى؛ أولها بشأن ما إذا كان الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو في كلمته أمام الأمم المتحدة يلبي المعايير المطلوبة كالمصداقية وقابلية التنفيذ، موضحة أن مصداقية إسرائيل يمكن أن يكتنفها بعض الشك ، نظرا لتاريخها الخاص بالضربات الإستباقية على برامج خصومها النووية.
وبالنظر لقابلية تنفيذ الإنذار الإسرائيلي، فإن هذا الأمر يبدو متوفرا، غير أنه في الوقت الذي يعد فيه الكشف عن واقع معين في الملف الإيراني أمرا ممكنا، إلا أن أطرافا كثيرة في المقابل تعرب عن تشككها، بما في ذلك إيران، في قدرة إسرائيل على خوض أى مواجهة عسكرية بمفردها.
ويدور السؤال الثاني حول قدرة الخط الأحمر الخاص بنتنياهو على تلبية هدف السياسة الأمريكية المزدوج بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وتأجيل النزاع العسكري لأطول فترة ممكنة في الوقت ذاته.
ورأت الصحيفة أنه من غير المرجح أن يلبي الخط الأحمر لنتنياهو هدف واشنطن المزدوج ، وذلك بالنظر إلى أن مسؤولي إدارة أوباما قد أعربوا علنا عن شكوكهم حيال قدرة إسرائيل على تدمير البنية التحتية النووية لإيران ، وأكدوا على أن الولايات المتحدة ستمتلك من الوقت مايمكنها من تنفيذ تدخل عسكري حتى بعد أن تتجاوز إيران الخط الذي حدده نتنياهو.
واختتمت واشنطن بوست مقالها بالقول إنه بغض النظر عن سياسة نتنياهو، فإن الأمر حاليا متروك لإدارة أوباما لوضع خط أحمر امام إيران يلبي أفضل أهداف واشنطن، وكذلك يراعي معايير القابلية للتنفيذ والمصداقية .