مصر تخترق البرنامج الصاروخى الإسرائيلى.. وصلت إلى الكمبيوتر الخاص بمدير هيئة الدفاع

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


■ «تل أبيب» تطيح بالمسئول عن برامج الدفاع الإسرائيلية وتحظر أى تعاون معه.. والكنيست يطالب بالتحقيق

■ إسرائيل تخشى تسريب مصر التفاصيل لروسيا ووصولها إلى إيران

أصيب الإسرائيليون بصدمة بعد الزلزال الذى أصاب الأوساط العسكرية والسياسية، عقب إطاحة وزارة الدفاع الإسرائيلية، بمدير هيئة الدفاع الصاروخى الإسرائيلية، يائير راماتاى، بسبب تسرب معلومات حساسة للغاية عن برنامج الصواريخ الإسرائيلى، خاصة بعد المعلومات التى أكدت أن مصر استطاعت اختراق البرنامج والوصول إلى الحاسب الشخصى لراماتاى، الذى تضمن تفاصيل خطيرة عن الصواريخ.

وجاءت خطوة إقالة المسئول الإسرائيلى، مفاجأة، خاصة أن العادة جرت فى تل أبيب على طرح الأسماء المرشحة لأى منصب عسكرى، قبل 6 أشهر على الأقل من إجراء تغييرات فى القيادة، واكتفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، بإصدار بيان مقتضب، أفادت خلاله بأن سببب الإقالة، يرجع إلى تسبب «راماتاى» فى خرق أمنى خطير بعد تسريب معلومات حساسة من جهاز اللاب توب الخاص به، تخص تفاصيل البرنامج الصاروخى الإسرائيلى، ولم يشفع له دوره فى تطوير الأنظمة الصاروخية الجديدة الممثلة فى صواريخ «حيتس-3» والعصا السحرية، واحتفاء وزارة الدفاع الإسرائيلية به مؤخراً.

أخذت القضية أبعاداً جديدة على المستوى السياسى، فى أعقاب ما نشرته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» التى أكدت أن مصر هى المسئولة عن عملية اختراق كمبيوتر راماتاى، وأن مصر أبدت خلال الفترة الأخيرة اهتماماً خاصاً بالبرنامج الإسرائيلى.

هذا الخبر أدى إلى إصابة أعضاء لجنة الشئون الأمنية والخارجية بالكنيست، بحالة من الغضب والارتباك وقرروا التحرك على الفور بإرسال خطاب لرئيس اللجنة، تساحى هانجبى، طالبوا خلاله، بسرعة إجراء نقاش طارىء وعاجل داخل اللجنة، لمعرفة الأسباب الحقيقية التى أدت إلى استبعاد شخصية بحجم راماتاى، الذى وصفوه بالمسئول الكفء، من منصبه بهذه الصورة، وجاء نص الخطاب: «السيد رئيس لجنة الشئون الأمنية والخارجية بالكنيست تم الإعلان منذ عدة أيام، عن قيام دان هرئيل، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بإقالة يائير راماتاى من منصب رئيس إدارة (حوما) التابعة لوزارة الدفاع، بسبب ارتكاب خطأ أمنى معلوماتى جسيم، وعلى هذا، ووفقاً للبند 111 بتشريعات الكنيست، نُطالب نحن أعضاء لجنة الشئون الخارجية والأمنية بالكنيست، الموقعون أدناه بسرعة إجراء اجتماع طارئ بحضور أعضاء اللجنة بكامل هيئتها لبحث الأمر ومعرفة ملابسات القضية».

ويعزز فرضية استطاعة القاهرة اختراق البرنامج الصاروخى الإسرائيلى، مواقف راماتاى المعادية لمصر، فقبل 5 أعوام وتحديداً فى يوم 19 يناير 2011 عندما كان مسئولاً عن تطوير منظومة صاروخ «حيتس» ويشغل منصباً مهما فى الإدارة المسئولة عن تسويق الصناعات الجوية الإسرائيلية فى الخارج، ألقى كلمة خلال أحد مؤتمرات الهندسة العسكرية فى تل أبيب استعرض خلالها المخاطر التى تهدد إسرائيل، وأشار إلى أنها وجنوب إفريقيا، الدولتان الوحيدتان فى العالم، المهددتان بعشرات الآلاف من الصواريخ من الدول المحيطة بهما.

وعرض راماتاى بالتفصيل حجم هذه التهديدات، وقال إن مصر تأتى على رأس الدول التى تهدد تل أبيب نظراً لقرب الحدود من بعضها والتى لا تتجاوز الأربعة كيلومترات، ما يجعل إسرائيل معرضة فى أى وقت لهجوم صاروخى من القاهرة، ثم تأتى بعدها السعودية والبحرين واليمن وتركيا على الترتيب.

وأضاف إنه رغم امتلاك إيران لصواريخ أكثر تقدماً من الصواريخ الأخرى الموجودة بحوزة تلك الدول إلا أن الأمر لا يحتاج لأى جهود إستخباراتية لمعرفة نوعية الصواريخ التى بحوزة طهران، نظراً لكشف هيئة الصناعات الحربية الإيرانية، عن كل ما لديها من خلال العروض العسكرية التى تقوم بها بين الحين والآخر، عكس عمليات التعتيم العسكرى التى تتبعها مصر والدول الأخرى، على قدراتها الصاروخية.

وأشار راماتاى، خلال كلمته إلى أن الحل الوحيد لمواجهة الخطر المصرى، يتلخص فى قوة الردع الإسرائيلية، أو الهجوم المضاد واحتلال بعض الأراضى فى إشارة لسيناء، منبهاً إلى أن الصواريخ القصيرة المدى التى تأتى من الدول القريبة من إسرائيل، يصعب التعامل معها، عن الصواريخ البعيدة المدى، فى إشارة أخرى لصواريخ الكاتيوشا التى يحوزها حزب الله، لافتاً إلى امتلاك تل أبيب أكثر من آلية للتعامل مع الصواريخ بعيدة المدى.

وقبل عامين، وتحديداً فى 14 مارس عام 2014، عرض الجنرال جون شبيلند، الذى يشغل منصب الملحق الأمنى بسفارة واشنطن بتل أبيب، اقتراحاً على عدد من العسكريين الإسرائيليين بحضور، راماتاى، طالب خلاله بتطوير منظومة الدفاع الجوى الإسرائيلية لتشمل كلا من مصر والأردن، معللاً ذلك أنه فى حالة النجاح فى إنشاء منظومة حماية إقليمية، تضم مصر والأردن، فإن ذلك سينعكس على إسرائيل ويوفر لها حماية أكبر، وأكد أن الاقتراح عبارة عن فكرة فى مراحلها الأولى، وهنا أعلن كبار مسئولى وزارة الدفاع الإسرائيلية عن موافقتهم المبدئية للاقتراح،عدا راماتاى الذى أعلن تحفظه على الفكرة، ورفض الإجابة عن سؤال وجه له يقول، هل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، بإمكانها توفير الحماية الجوية للقاهرة وعمان، مؤكداً أنه لن يسمح بمشاركة الصحفيين فى معلومات من هذه النوعية.

وأشارت صحيفة الجريدة الكويتية التى استندت على تصريحات مسئول، وصفته بالرفيع المستوى، إلى أن العملية التى نفذتها مصر بنجاح من خلال الحصول على معلومات تخص المنظومة الدفاعية الإسرائيلية كان الغرض منها الرد على ما اعتبرته مصر تلويحاً إسرائيلياً بالقيام بعمليات نوعية داخل سيناء لضرب وتعقب العناصر الإرهابية، وأن مصر تتابع منذ حوالى 6 أشهر، البرنامج الصاروخى الإسرائيلى، حتى تمكنت من فك شفرته.

ويعود الرعب الإسرائيلى من تسرب معلومات تخص منظومتها الدفاعية، ووقوعها فى أيدى المصريين، إلى التقارب العسكرى الأخير بين مصر وروسيا، لأنه فى ظل هذا التعاون وتبادل المعلومات بين موسكو والقاهرة، سيكون من المرجح أن تستغل روسيا هذه المعلومات وتنقلها إلى حليفتها إيران التى ستستفيد حتماً من ذلك، لأن المنظومة الدفاعية الإسرائيلية تم تطويرها وتحديثها خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتكون مستعدة للدخول فى حرب صواريخ بعيدة المدى ضد طهران، ونجحت إسرائيل حتى هذه اللحظة فى تطوير صواريخ حيتس الدفاعية بعيدة المدى لهذا الغرض، ويكفى أن نعرف أن تكلفة الصاروخ الاعتراضى الواحد من هذا الطراز عالى القدرة، يبلغ 3 ملايين دولار، ما ينذر بكارثة فى حالة توصل الإيرانيين لفك شفرة البرنامج والتعرف على نقاط ضعفه، وكذلك الأمر بالنسبة لمنظومة صواريخ «العصا السحرية «أو الصولجان السحرى، المسئول عن اعتراض الصواريخ متوسطة المدى، والتى تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد منها حوالى مليون دولار، ونهاية بمنظومة القبة الحديدية المسئولة عن اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والتى يصل فيها تكلفة الصاروخ من 50 إلى 70 ألف دولار، كل هذا يعنى أن كشف البرنامج ووصوله إلى أيدى القيادة الإيرانية، سيعنى الكثير للدولة العبرية، من الناحيتين الاقتصادية والأمنية.

ويبدو أن القضية معقدة وستأخذ أبعاداً جديدة لها خلال الأيام المقبلة فى الدهشة الكبيرة التى أصابت عدداً كبيراً من القيادات الأمنية الإسرائيلية _الذين يجهلون بتفاصيل المعلومات التى تم تسريبها _من حجم العقاب الذى وقع على راماتاى، بعزله تماماً عن أى مناصب حساسة وعدم التعاون معه مستقبلاً، إذ قالوا إنه كان من الممكن فرض عقوبة أقل تطرفاً عليه، فبعد أن كان فى صبيحة هذا اليوم بطل إسرائيل للأمن القومى، تحول فى المساء إلى مجرم ساهم فى تسريب معلومات مهمة.

المثير أن وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه يعالون، التقى بعد يومين من الإعلان عن فضيحة التسريب، براماتاى المسئول الإسرائيلى المتورط، ما يؤكد وجود عدة محاولات داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية للرجوع فى القرار، لكنها لم تجد ربما بعد انتشار أنباء وقوع المعلومات فى أيدى المصريين، وأبلغه يعالون نصاً بنبرة أسفه «لم يعد لدينا خيار إلا عزلك عن وظيفتك وأنا أعتذر لك عن الطريقة التى تم من خلالها نشر بيان إقالتك من منصبك، لقد كان القرار صعباً رغم الجهود الرائعة التى بذلتها طوال السنوات الأربع الأخيرة، ولكننا مضطرون لإقالتك نظراً لخطورة الأمر، وما ترتب عليه من تداعيات خطيرة «.

وقال يعالون فى تصريحات للصحفيين، «تم استبعاد راماتاى نهائياً، رغم عدم تعمده الوقوع فى مثل هذا الخطأ الذى يتعلق بفضح سرية المعلومات سواء كان كبيراً أو صغيراً لا يمكن التهاون فيه».

الأوامر داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية واضحة، فهناك تعليمات مشددة بعدم وضع أى مسئول معلومات سرية على أجهزة الكمبيوتر الخاصة، نظراً لأن المسئولين بوزارة الدفاع يمثلون أهدافاً مهمة للأجهزة أمنية، وفقاً لما جاء فى تقرير للتليفزيون الإسرائيلى.

والمعروف أن هيئة الدفاع الصاروخى المعروفة باسم «حوما»، مسئولة أيضاً عن كل ما هو له علاقة بأنظمة الدفاع الصاروخى ومن بينها صواريخ «حيتس_1» و«حيتس _2» و«حيتس 3» والعصا السحرية» لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى، بالإضافة لمنظومة « القبة الحديدية» للتعامل مع الصواريخ قريبة المدى، وتعول عليهم إسرائيل _الكثير فى حماية سمائها من خطر التعرض لهجمات الصواريخ القريبة والبعيدة المدى.