منال لاشين تكتب: 3 قضايا ساخنة من الرئاسة إلى البرلمان

مقالات الرأي



1- المعينون وسر ماجدة بكرى

النائبة ليست من بين أساتذة الإدارة العامة وحتى العام الماضى لم تكن قد حصلت على الدكتوراه

فور إعلان اسمها ضمن قائمة النواب المعينين من الرئيس السيسى. كتبت إحدى النائبات المعينات «ناضلنا ولو بالكلمة». والنائبة ليست ناشطة ثورية ولا كاتبة لا سبيل أمامها سوى النضال بالكلمة. أو أنها دفعت من حريتها أو أمنها ثمنا للنضال بالكلمات.

ولكن النائبة المعينة هى مدرس مساعد فى أكاديمية السادات فى قسم الإدارة العامة.

النائبة الأستاذة ماجدة السيد بكرى كانت من ضمن مفاجآت النواب المعينين. لم أظلمها وأقول إن تعيينها وحدها صدمنى.

فقد أصابت قائمة المعينين لمجلس النواب الكثيرين بالصدمة. فهناك بعض المعينين لا يمكن تصور وجودهم فى قائمة النواب من الباب الملكى أو التعيين. الحصول على شرف عضوية البرلمان بدون منافسة، أو متاعب الانتخابات وقسوتها خاصة فى معارك الفردى، فضلا على أن دخول المجلس من بوابة التعيين يتضمن ضمنا نوعا من التكريم. لأن رئيس الجمهورية وهو أعلى سلطة تنفيذية فى البلد كلها قد رأى أن فى النائب المعين يمثل إضافة لخبرات النواب المنتخبين. ومع ذلك فإن عددا من السادة المعينين والمعينات لا يعرف المجتمع لهم إسهاما خاصا أو مؤثرا فى مجالات الحياة العملية أو العامة.

الأستاذة ماجدة بحسب مؤسسة الرئاسة عمرها 41 عاما ولا تزال تشغل منصب مدرس مساعد. بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية.

إلى هنا تنتهى معلومات الرئاسة. ولكن هذه المعلومات تتحول لتساؤلات وعلامات استفهام. فقد تخرجت الأستاذة ماجدة عام 97 وحصلت على الماجستير ثم سجلت للحصول على الدكتوراه عام 2007. وفى العام الماضى كادت الأستاذة ماجدة أن تفقد وظيفتها العلمية وطريقها للدكتوراه والأستاذية. لأنها تأخرت فى الانتهاء من تقديم الدكتوراه ومناقشتها. ولكن الاكاديمية استخدمت الرأفة معها. وذلك بسبب إجرائها لعملية جراحية.

ولكن إدارة الجامعة لم تر مبررا لاستخدام الرأفة مع زميل لها. تم تحويله للعمل الإدارى لتجاوزه الفترة القانونية دون الانتهاء من الدكتوراه. وذلك على الرغم من أنه عانى من نفس السبب فقد أجرى عملية جراحية.

ولكن المشكلة ليست فى هذا الزميل، ولكن السؤال المهم المتعلق بالنائبة المحترمة لماذا اختار الرئيس مدرس مساعد لم يحصل على الدكتوراه وتجاوز المدة القانونية؟ إذن فالاختيار لم يكن بناء عن تفوق علمى بارز، وخبرة كبيرة فى علم الإدارة العامة تفيد البرلمان. خاصة أن كليات التجارة فى مصر وكلية الاقتصاد والعلوم السياسة بها عشرات من أساتذة الإدارة العامة من السيدة ماجدة.

كما أن النائبة المعينة ليس لها إسهام اجتماعى أحدث تغييرا ولو طفيفا على أرض الواقع، فهناك مئات ولا أقول آلاف كونوا جمعيات أهلية لمواجهة قضايا مثل الإدمان أو ذوى الاحتياجات الخاصة أو المرأة أو الطفولة.

وإسهام النائبة ماجدة بكرى الأشهر هو على الفيس بوك!!

وتعليقاتها تدل على توجهات سياسية لا تخلو من احتقار الأحزاب والقوى السياسية والشماتة فى انخفاض نسبة التصويت فى انتخابات البرلمان. (لحظة كشفت اللى بيقولوا على أنفسهم نخبة سياسية وقعدين ينظروا علينا ليل نهار) مرة أخرى تكتب «سامحونى فى كلمتين صغيرين سياسة فى العيد. بس عشان أريح الأصدقاء اللى زعلانين من قرار العفو الرئاسى المتبوع بقلة أدب من المفرج عنهم وذويهم وأصدقائهم. يعنى انتو كنتوا متخيلين قرار يحرمهم من دور شهداء ويخرس ألسنتهم وألسنة أسيادهم ويمزق ورقة الضغط اللى كان بتستخدم ضد الدولة المصرية بسببهم حيكون رد فعلهم إيه، حيقولوا شكرا مرسى جزاك الله خيرا؟».

هذه عينة من نضال الأستاذة ماجدة بكرى أو النائبة المعينة. وإذا كان هذا النضال هو سبب اختيارها نائبة فهذا سبب عجيب لأن قائمة المعينين ضمت أستاذة فى هذا النوع من النضال وهى الكاتبة لميس جابر.

وسلمى على ثورة 25 يناير، فتعيينات برلمان ثورة 30 يونيو قامت على فكرة «القديم يكسب». الحزبيون الذين تم تعيينهم ينتمون لأحزاب ما قبل ثورتى 25 و30 يونيو. القائمة لا تضمن سوى شابة واحدة فى عمر 29. واثنين تحت الأربعين.

والثلاثة لاعلاقة لهم بالعمل السياسى وإن كانوا ناشطين فى مجال العمل العام الرياضى أو الإنترنت.

هذه تعيينات من طموحات مصر الجديدة التى يدعو لها الرئيس السيسى مصر بها آلاف المصريين والمصريات الذين ساهموا فى إثراء مصر علميا واجتماعيا.

2- السيسى والمستقبل

الرئاسة تؤجل مؤتمر الشباب إلى ما بعد 25 يناير

60 نائبا فقط من الشباب «من سن 25 إلى 35» فى البرلمان بنسبة 10%

أنهى الرئيس السيسى عام 2015 وشعبيته لاتزال مثيرة للحسد بين أقرانه من الرؤساء. فحسب آخر استطلاع أجرى فى العام الماضى فقد حصد الرئيس نسبة رضا عن أدائه وصلت إلى 85% وبنقصان 5% فقط عن أول استطلاع حول شعبيته على مدى 17 شهرا.

لكن نسبة الـ5% تتصل بالمستقبل، مستقبل مصر وليس مستقبل السيسى. لأن هذه النسبة تتعلق بتراجع شعبية أو رضا الشباب عن أداء الرئيس.

إذن لاتزال أزمة الشباب مستمرة معنا وعابرة للسنوات والإنجازات. ثمة حاجز لا يمكن إنكاره. ولا أظن أن الرئيس نفسه لا يلمسه أو يدركه. ولكن محاولات ضم شمل الشباب لاتزال متعثرة. رغم التصريحات وإطلاق المبادرات، وعلى رأسها مبادرة تدريب الشباب على القيادة.

ولذلك ففى الطريق ثمة مبادرة أخرى رئاسية. مبادرة تدش مشروعات أخرى وتكشف عما وصلت إليه مبادرات سابقة. مثل تعيين نواب من الشباب للوزراء أو المحافظين وتواجد الشباب فى المجالس التخصصية التابعة للرئاسة.

فقد قرر الرئيس إقامة مؤتمر عام للشباب، وذلك على غرار المؤتمر الاقتصادى الذى شهدته مصر قبل ثورة 25 يناير أو مؤتمر العدالة الذى شهدته مصر فى الثمانينيات من القرن الماضى. وكلا المؤتمرين كانا محاولة رئاسية ومجتمعية للخروج من مأزق ضاغط وحاكم.

فكرة مؤتمر الشباب كان يمكن أن يكون فاتحة أو جسر العام الجديد للمستقبل، كان يمكن أن نبدأ العام الجديد بمؤتمر الشباب. ولو انطلق المؤتمر فى بداية العام لأثبتنا بشكل عملى أننا نراهن على المستقبل، ولا نعانده.

ولكن الرئاسة رأت تأجيل المؤتمر إلى ما بعد شهر يناير، وبشكل أكثر دقة إلى ما بعد 25 يناير. وأغلب الظن (وليس كل الظن إثما) إن الاتجاه للتأجيل كان لسبب سياسى. فقد يظن البعض خاصة من الشباب (المشاغب) أن الدولة أو الرئاسة تطلق مؤتمرا للشباب قبل ذكرى ثورة 25 يناير من باب المهادنة أو تهدئة الغاضبين.

وأغلب الظن أن هذا النمط من التفكير يزيد أزمة الشباب أو بالأحرى المستقبل تعقيدا. لأنه يزيد من أزمة عدم الثقة فى تفكير الشباب وفى تفهم دوافع غضبهم. وإحباطهم المشروع. سواء للثوريين الذين قرروا الابتعاد، أو حتى من أرادوا بالفعل الاندماج مع مصر الجديدة.

فقد جاءت نتائج البرلمان بـ60 نائبا فقط من الشباب (من سن 25 إلى 35) وبنسبة نحو 10% من عدد النواب.

فضلا على ضعف عدد المستفيدين الشباب من مبادرة الرئيس للتدريب على القيادة، خاصة فى النسخة الأولى من المبادرة. حيث تم الإعلان عن عدد لا يزيد على 2500 شاب فى العام الأول من المبادرة. وهو أمر أحبط ملايين الشباب. فقد شعر هؤلاء الشباب عن حق بفقدان الأمل. لأن معدل تدريب الـ2500 شاب سنويا يؤدى أن تدريب 25 ألف شاب فى عشر سنوات. فيما بعد جرى تعديل المبادرة، وفتح نوافذ جديدة لاستفادة شباب أكثرمن المبادرة.

ولكن الطلقة الأولى كانت قد انطلقت بالفعل. طلقة أو بالأحرى رسالة مفادها أن ثمة صعوبات وفرصاً محدودة جدا للشباب. وذلك من خلال مجرد مبادرة رئاسية لتدريب الشباب على تولى الوظائف والمناصب القيادية. فضلا على ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الجامعى. فالطريق أمام الشباب وعر أمام الحلمين، حلم العمل وحلم القيادة.

أما الشباب الغاضب سياسيا فهذه مشكلة أكبر، أو بالأحرى معضلة أخطر. فنحن نختصر مشكلة هذا الشباب فى عدد محدود من النشطاء السياسيين. هؤلاء النشطاء المرتبطين أساسا بقيادة ثورة 25 يناير أو انطلاق الثورة.

وهذه أولى خطايانا. فالأزمة فى ملايين الشباب الغاضب سياسيا، غاضب من مصير قيادات ثورة 25 يناير. فمن فجر الثورة يقبع بالسجون. وبدا المشهد كأننا نعاقب من طالب بالحرية للمصريين، فكان مصيره حرمانه من الحرية. مع شديد الاحترام للأحكام القضائية لابد من حل سياسى لهذا المأزق.

ملايين الشباب غاضب من لهجة الخطاب معه. خطاب أبوى يتحدث فقط عن النصح والتعليم والتدريب. فيما يريد الشباب بعد ثورتين علاقة مؤسسية بين حاكم ومحكوم. علاقة سياسية، وليست عائلية. مئات الآلاف من الشباب مؤهل إلى القيادة وتولى المناصب العليا. ولذلك لا ترى هذه الفئة أن المشكلة فى إطلاق برنامج تدريبى. ولكن المشكلة فى رفض الحكومة فى منح هؤلاء الشباب المناصب.

ملايين الشباب الغاضب يزعجه عن حق العودة لمحاكم التفتيش والتضييق على حرية الإبداع. ملايين الشباب يرى أن وجودهم فى الصورة مشروط. مشروط بشرط العيش على مقاس الكبار وأهدافهم. وليس أحلام وطموحات الشباب. مشروط بممارسة العمل العام على مقاس الكبار (ممكن تعمل مباردة لعمل السياحة أو أطفال الشوارع) وساعتها تصبح شابا وطنيا واعيا، ولكننا نتوتر لمجرد اقتراب الشباب من السياسة.

فلاشك أن الشباب لاحظوا خلو قائمة المعينين من شاب أو شابة تمارس السياسة.

ملايين الشباب يزعجهم أننا لا نتقبلهم كما هم. وأننا نريد سجنهم فى قوالب أفكارنا. وهذه طريقة لم تؤد إلا لمزيد من الصدام. لم أتحدث عن آلاف الدراسات الخاصة بالشباب. ولكن سأكتفى بمجرد مثل شعبى من ريف مصر ومعجون بحكمتها.

إن كبر ابنك خاويه.


3- كعكة النواب

محافظو الصعيد طلبوا من النواب قائمة المشروعات التى يريدون إقامتها

ربما يتصور البعض أن كعكة النواب هى المناصب البرلمانية رئاسة لجنة أو وكالتها أو حتى أمين سر إحدى اللجان، ولكن هذه الكعكة يتصارع عليها بعض النواب أو نسبة صغيرة منها. الاغلبية الكاسحة من نواب البرلمان يتصارعون على كعكة أخرى.هذه الكعكة لا تخص النواب بشكل مباشر، لكنها تخص دوائرهم أو بالأحرى ناخبيهم.

الكعكة الأهم هى مشروعات الحكومة تلك المشروعات التى يتم إقامتها فى المدن والقرى. أو بلغة البرلمان فى الدوائر. مدرسة أو طريق، شقق سكنية، وظائف لأبناء الدائرة، صرف صحى أو شبكه مياه.

هذه الكعكة تحكم إلى حد كبير العلاقة بين البرلمان والحكومة. ناهيك عن خناقات المجلس أو بيان الحكومة وأرقامها، فإذا عجز النائب عن تقديم خدمات لأهل دائرته فسوف تتوتر علاقته بالحكومة ووزرائها. خاصة أن النواب دفعوا «دم قلبهم» حتى يصلوا للمقعد البرلمانى، ولذلك فمن غير المعقول أو المقبول أن يضاعفوا من فاتورة التكلفة مرة أخرى.

حتى الآن وعلى الرغم من أن البرلمان على الأبواب، وعلى الرغم من زيارات النواب المتكررة للوزارات المختلفة فى الحكومة.

رغم هذا وذاك فإن رئيس الحكومة ومعظم الوزراء لا يريدون مجرد التفكير فى هذه المعضلة. طوال الأسبوع الماضى سمعت من بعض المسئولين عبارات مختلفة لكن المعنى واحد، الحكومة ليس لديها ما تعطيه للنواب أو دوائرهم، هناك وزراء يحاولون قدر الإمكان تجميل الوضع، واستخدام عبارات فخيمة. عبارات من نوع «هذا الزمان انتهى ولن يعود» أو «نحن دولة مؤسسات لدينا خطة سنوية وموازنة لا يمكن تغييرها» أو «الوضع الاقتصادى لا يسمح بمثل هذا النوع من الترف».

بالطبع كل التبريرات لم تحل الأزمة، فالنواب لا يريدون شيئا لأنفسهم على الأقل معظم النواب يطلبون للدوائر أو للمواطنين حقوقا دستورية، ومطالب قانونية.

والحكومة التى ستقدم برنامجها يجب ألا تكتفى بمشروعات قومية أو مستقبلية فقط. البرنامج يجب أن يتناول بالتفصيل مشروعات قصيرة المدى، مشروعات تخص مصر «القديمة» مدنها وقراها وشوارعها وحواريها. لأن هذه المشروعات ستلبى أو تغطى نسبة لا يستهان بها من طلبات النواب لدوائرهم.

الحكومة الشاطرة تبحث بين دفاترها وأبواب موازنتها وثنايا خطتها عن حلول لمواجهه الأزمة المقبلة.

المثير أن بعض المحافظين خاصة فى الصعيد قد تعاملوا مع هذه الأزمة أو بالأحرى العاصفة القادمة، وكان هذا التعامل أسرع وأذكى من تعامل الحكومة المركزية بالقاهرة.

الأسبوع الماضى حدثت لقاءات بين محافظين ونواب صعايدة. كل محافظة على حدة، وكانت مشروعات الدوائر أو طلبات النواب لدوائرهم محور الحديث.كل نائب يتحدث عن المشاكل والأزمات المتراكمة فى دائرته، ويعدد المطالب، مطالب أهل الدائرة له، وهذه المطالب بالطبع تمثل الوعود التى أطلقها النواب خلال حملاتهم الانتخابية، وكانت المطالب أو بالأحرى المشاكل متشابهة فى كل الاجتماعات. اختلف اسم المحافظ واسم المحافظة واختلف عدد النواب، ولكن مشاكل مصر واحدة. استمع بعض المحافظين إلى المشاكل فى صبر، وقالوا للنواب إن لديهم موازنة محددة وموارد محدودة، ولكن هناك حلاً عملياً، وهذا الحل أن يقدم كل نائب قائمة المشروعات التى تحتاجها دائرته، ويدرس المحافظ هذه المشروعات للإجابة عن سؤال هل تتضمن موازنة المحافظة وخطتها الاستثمارية هذه المشروعات أم لا، وفى حال وجود المشروعات فى الخطة الاستثمارية فسيتم الاستعجال فى تنفيذ هذه المشروعات. أما فى حالة عدم تضمن الخطة هذه المشروعات فإن الأمر قد خرج من يد المحافظ، ولم يكن أمام النائب حل سوى الوزير أو الحكومة، فعلى النائب أن يخوض معركة برلمانية لضمان الحد الأدنى للمشروعات التى يريد تنفيذها فى الدائرة.

هذه معركة مهمة وخطيرة ولا يجب أن تتجاهلها الحكومة أو تقلل من قيمتها أو تحاول تشويهها، فهناك فارق كبير بين أن يطلب النائب مطالب شخصية، وأن يجاهد النائب من اجل إقرار مشروعات لأهل دائرته، ولذلك على الحكومة خاصة وزارتى المالية والتخطيط أن تجد حلولا عاجلة للأزمة قبل بداية البرلمان، لأن ضغوط الأهالى على النواب لا تحتمل التأجيل، ويجب أن تضمن الحكومة نظاما يتسم بالعدالة أو الشفافية لحل الأزمة أو مواجهة مطالب النواب.

لا نريد أن نكرر أخطاء أو بالأحرى خطايا الماضى، ففى بعض الأزمنة الغابرة كانت الخدمات تذهب لنواب الصوت العالى أو النواب المقربين، هذه الحلول لم تجد ولم تؤد إلى نتائح تقرب بين الحكومة والبرلمان ولم تضمن علاقة ودية بينهما.

العدالة هى الحل