مى سمير تكتب: لوبى تجار السلاح يحددون الرئيس الأمريكى القادم

مقالات الرأي




يجتمعون بالمرشحين لاختيار شخص ينفذ أجندة جماعات الضغط لشن حرب فى الشرق الأوسط


لا تلعب السياسة الدور الوحيد فى التوجهات العسكرية، فمارد رأس المال، الخاضع لأنواع خطيرة من التجارة، يحدد الخطط والمساعى.. وربما يختار وقت التنفيذ، ليعمل الرئيس الأهم فى العالم، وفقا لأجندة تقضى بحماية مصالح الشركات الكبرى لتجارة السلاح.

ولأن الحلول السلمية والسياسية، لا تتوافق أبدا مع مصالح كبرى شركات تجارة السلاح فى أمريكا، فإن جماعات الضغط الأمريكية، بدأت الاجتماع بالمرشحين، لدعم من ينفذ أجندتهم، التى تقضى فى المقام الأول، بشن حرب طويلة فى الشرق الأوسط.

وفى الشهور الأخيرة تأسست جماعة ضغط جديدة فى الولايات المتحدة، تعد الجماعة الأكثر قوة ونفوذا كونها تمثل شركات الأسلحة الأمريكية، وتسعى هذه الجماعة الجديدة إلى دعم المرشح الذى يتعهد بشن حرب أرضية فى الشرق الأوسط.

جماعة الضغط الجديدة تضم أصحاب والمديرين التنفيذيين لعدد من أهم شركات الأسلحة والمعدات العسكرية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلنت هذه الجماعة أنها تسعى لرسم خريطة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ودفع المرشحين إلى الالتزام بأجندة خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وبحسب مصادر من داخل هذه الجماعة الجديدة، يسعى صناع الأسلحة ومقاولو المعدات العسكرية إلى دفع الحزب الجمهورى بالتحديد إلى اختيار المرشح المستعد لكى يشن حربا فى الشرق الأوسط بتصاعد التدخل العسكرى الأمريكى فى سوريا على نحو كبير.

بحسب موقع (ذا انترسبيت) الأمريكى، فإن مايك روجرز، مؤسس هذه الجماعة التى تحمل اسم (أمريكا، من أجل السلام، الرخاء، والأمن) قام بإرسال إيميل إلى داعمى هذه الجماعة لحثهم على دفع مرشحى الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى اتخاذ مواقف محددة وصارمة بشأن الأمن القومى الأمريكى، مايك روجرز عضو سابق فى الكونجرس الأمريكى، وقبل الانضمام إلى عالم السياسة كان عضوا فى الجيش الأمريكى قبل أن ينضم إلى المباحث الفيدرالية كعميل خاص.

وتولى روجرز رئاسة لجنة الاستخبارات فى الكونجرس الأمريكى التى تعد من أقوى الكيانات وأكثرها تأثيراً فى كواليس صناعة القرار الأمريكى، كما أنه كان عضوا فى لجنة الطاقة والتجارة، واشتهر بمواقفه الحادة فيما يتعلق بإطلاق برامج المراقبة والتجسس لصالح الأمن القومى ومحاربة الإرهاب.

الإيميل تضمن إشارة واضحة لآراء وأفكار المرشحين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الذين يؤمنون بأهمية تصعيد التواجد العسكرى الأمريكى فى سوريا والشرق الأوسط من أجل القضاء على الإرهاب، وعلى سبيل المثال أشار الإيميل إلى تصريح للمرشح الرئاسى بن كارسون فى أحد المؤتمرات تحدث حول أهمية تدمير كل أشكال الإرهاب والتطرف النابع من الشرق الأوسط وهو الأمر الذى لا يحدث إلا من خلال التدخل العسكرى الأمريكى فى المنطقة، كما أشار الإيميل إلى تصريحات السيناتور ليندسى جراهام فى أحد المؤتمرات حيث دعا صراحة لضرورة التدخل البرى الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أن المخاوف المتعلقة بإرسال قوات أرضية لا أساس لها من الصحة، وأضاف أن مثل هذا التدخل سيكون قادرا على تحقيق نتائج تصب مباشرة فى مصلحة الأمن القومى الأمريكى.. ومن ضمن المرشحين الذين يحظون بتأييد هذه الجماعة الجديدة المرشح جيب بوش الشقيق الأصغر للرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، وكان قد أشار فى مؤتمر من تنظيم هذه الجماعة إلى أن الشعب الأمريكى عليه أن يستعد من أجل حرب طويلة المدى ضد تنظيم داعش.. كما تؤيد الجماعة المرشح ماركو روبيو الذى أشار صراحة إلى أن أمريكا يجب أن تشن حربا واسعة على داعش مشابهة لتلك التى شنتها على حكومة طالبان فى أفغانستان فى بداية حربها على الإرهاب التى بدأت مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر فى عام 2001.

تتمتع هذه الجماعة بنفوذ كبير فى كواليس السياسة الأمريكية، ما يدفع أغلب المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية لكسب تأييدها وهى تمثل صناع الأسلحة فى أمريكا، وبالتالى توفر دعما ماليا غير محدود وتبرعات مالية ضخمة.

مؤسسو هذه الجماعة من المسئولين الحاليين والسابقين لكبرى شركات الأسلحة ومقاولى الدفاع مثل شركة رايثيون، أنظمة بى إيه إى، SAIC.

ولم تكشف جماعة الضغط الأمريكية الجديدة عن الممولين لها، كما تحرص على إضفاء هالة من الغموض حول هؤلاء الذين يحركون الجماعة من الكواليس لرسم خريطة انتخابات الرئاسة الأمريكية.

لكن.. بالنظر إلى الأعضاء التنفيذيين فى هذه الجماعة، لن يكون من الصعب إدراك أنها بمثابة المتحدث الرسمى لصناع الأسلحة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى سبيل المثال، يضم المجلس الاستشارى لهذه الجماعة جون كوبيرن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لشركة أنظمة vt وهى الشركة المسئولة عن توفير تكنولوجيا الاتصال لوزارة الدفاع الأمريكية.

ومن أعضاء هذا المجلس الاستشارى ستيفن هايدلى المدير فى شركة الاستشارات (رايس هايدلى جاتس) لشئون الدفاع، غير أنه عضو فى مجلس إدارة شركة رايثون، التى تعد من أكبر مقاولى الدفاع فى أمريكا، حيث يحصل على ما يقرب من 300 ألف دولار كراتب.

وتضم قائمة الأعضاء والت هاففينستن الرئيس التنفيذى السابق فى شركة أنظمة bai والكولونيل السابق فى الجيش الأمريكى، وكذلك جون انجلير رئيس الأعمال فى جماعة (الدائرة المستديرة) وهى جماعة ضغط أخرى لمجموعة من أهم شركات الأسلحة فى أمريكا مثل لوكهيد مارتن، بوينج، يونايتد تكنولوجى.

من جانبه أكد مايك روجرز أن هذه الجماعة التى تخطط للانتشار فى مختلف انحاء الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تلعب دورا رئيسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية حيث تعقد اجتماعات خاصة مع مختلف المرشحين للوقوف بقوة وراء هؤلاء الذين يتبنون أجندة الجماعة التى تهتم فى المقام الأول بالسياسة الخارجية والأمن القومى الأمريكى.

ومن المتوقع أن تقف الجماعة واسعة النفوذ والأكثر ثراء فى الولايات المتحدة الأمريكية خلف مرشح الحزب الجمهورى الذى يتبنى سياسة صارمة فى الشرق الأوسط ويتعهد بتوسيع التدخل العسكرى الأمريكى فى سوريا مع ضمان اتخاذه قراره بشن عملية عسكرية أرضية فى سوريا. ويبدو أن المقولة الشهيرة فى أروقة السياسة الأمريكية والتى تشير إلى أن العالم عليه أن ينتظر شن حرب فى الشرق الأوسط فى حال وصول رئيس جمهورى للبيت الأبيض قد تتحول إلى واقع فعلى يعيشه الشرق الأوسط من جديد بعد حرب العراق وإيران فى عهد الرئيس الراحل ريجان بالثمانينيات، وحرب الخليج الأولى فى عهد بوش الأب فى أوائل التسعينيات، وحرب أفغانستان والعراق فى عهد الرئيس السابق بوش الابن.