مى سمير تكتب: إسرائيل تساند الجماعات المسلحة السورية بـ8.7 مليون جنيه إسترلينى

مقالات الرأي



فى تحقيق مصور للديلى ميل:

■ تل أبيب أنقذت ألفى سورى فى عمليات سرية طوال ثلاث سنوات على الحدود مع سوريا

■ أعضاء الجماعات أعلنوا أن إسرائيل لم تعد عدوهم.. وأن العرب «مجرد كلاب»

انفردت جريدة الديلى ميل البريطانية فى بداية هذا الأسبوع بنشر تحقيق مصور على الحدود الإسرائيلية مع سوريا، استعرضت من خلاله كيف يقدم الجيش الإسرائيلى مساعدات طبية للجماعات المسلحة فى سوريا.

الجريدة البريطانية نشرت التحقيق فى إطار تقديم صورة إنسانية للجيش الإسرائيلى الذى يتعالى على خلافاته مع سوريا كى يقدم المساعدات الطبية لمصابى الحرب، وأغلبهم من أعضاء الميليشيات المسلحة المعارضة لنظام بشار الأسد.. لكن، على الجانب الآخر كشف هذا التحقيق طبيعة العلاقة التى تجمع بين الجيش الإسرائيلى والجماعات المسلحة المعارضة فى سوريا.

وبحسب التقرير، يخصص الجيش الإسرائيلى وحدات عسكرية على الحدود تعمل على نقل المصابين السوريين لتلقى العلاج فى المستشفيات فى تل أبيب، غير أن الجريدة البريطانية الديلى ميل، هى أول وسيلة إعلامية تقوم بالتغطية المصورة لهذه العمليات السرية التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى بشكل يومى على الحدود مع سوريا.

وتضيف الديلى ميل أن المسئولين الإسرائيليين أشاروا أن هذه العمليات لها طابع إنسانى، وأنهم يأملون أن يسهم هذا التعاون مع الجماعات المسلحة فى كسب قلوب وعقول السوريين، وفى المقابل يعتقد المحللون السياسيون أن إسرائيل عقدت صفقة مع الشيطان بموافقتها التعاون مع التنظيمات والجماعات المسلحة فى سوريا التى تستهدف إسقاط بشار الأسد على أمل أن يساهم هذا التعاون فى احتواء إيران وحزب الله أعداء إسرائيل.

العمليات السرية مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، وأسفرت عن إنقاذ حياة أكثر من ألفى سورى، على الأقل 80% منهم أعضاء الجماعات المسلحة بما فى ذلك أعضاء جبهة النصرة الفرع الرسمى لتنظيم القاعدة فى سوريا، و20% من المدنيين الذين يلجأون إلى إسرائيل بعد دمار الحياة فى سوريا.

ووصلت تكلفة هذه العمليات إلى 50 مليون شيكل أى ما يعادل 8.7 مليون إسترلينى. ومن غير المعلوم كيف بدأ هذا التعاون الإسرائيلى مع الجماعات المسلحة، كل ما تم الكشف عنه أن المصابين كان يتم إلقاؤهم على الحدود، وأكدت المخابرات الإسرائيلية أن الأمر ليس فخا وهو الأمر الذى دفع الجيش الإسرائيلى إلى إرسال وحدات الإنقاذ.

وتشير الديلى ميل إلى أن مستشفى تل أبيب عالج شقيق زوجة الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى أكتوبر الماضى، بينما قدم العلاج لابنة إسماعيل هنية زعيم حماس خلال العام الماضى.

والتقت الديلى ميل مع عدد من مصابى الجماعات المسلحة الذين تلقوا العلاج فى إسرائيل، لمعرفة رأيهم فى هذا التعاون المثير للدهشة، أحد المصابين والذى أشار إلى أن اسمه أحمد ويبلغ من العمر 23 عاما أكد أنه لا يفكر فى محاربة إسرائيل فى المستقبل بعد تلقيه العلاج فيها، ولم يكتف بإعلان ولائه لإسرائيل ولكنه هاجم العالم العربى ووصف العرب بالكلاب، وأضاف: إنه يشعر بالأمان فى إسرائيل وانهى كلامه بالتأكيد أنه سيعود إلى سوريا بمجرد انتهاء علاجه للمشاركة فى الحرب هناك.

عضو آخر من الجماعات المسلحة السورية صرح قائلا: إن بشار الأسد، الذى وصفه بالجزار، هو عدوه أما إسرائيل فهى ليست عدوته، وأكد هو الآخر أنه سيعود إلى سوريا بمجرد شفائه من أجل إسقاط نظام الأسد، وكانت قوات خاصة من الجيش الإسرائيلى تقوم باصطحاب هؤلاء المصابين إلى الحدود كى يعودوا من جديد للمشاركة فى الحرب السورية.

وعلق مايكل ستيفنز الباحث المتخصص فى الشرق الأوسط فى معهد خدمات رويال يونايتد أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهداف جيوسياسية من هذا التعاون، أول هذه الأهداف منع حزب الله من السيطرة على جانب آخر من الحدود المشتركة مع إسرائيل، خاصة أن المصالح الإسرائيلية تتفق مع مصالح الجماعات المسلحة فى سوريا التى تحارب حزب الله، ما يفسر هذا التعاون الغريب بين طرفين يفترض أنهما أعداء.

وأنهى ستيفنز كلامه بالإشارة إلى أن هؤلاء المصابين من الممكن أن يمنحوا إسرائيل معلومات استخباراتية مهمة عما يحدث داخل سوريا، ويرى محللون آخرون أن التهديد الذى يمثله التحالف الشيعى بين نظام الأسد وإيران وحزب الله على إسرائيل هو أكثر خطورة من أى تهديد يمكن أن تمثله هذه الجماعات السنية المسلحة.

وفى هذا الإطار كان من الطبيعى، وكما صرح مسئول إسرائيلى أن تقتصر المساعدات الطبية التى تقدمها إسرائيل على أعضاء الجماعات المسلحة السنية فى سوريا، حيث لم يتم تقدم أى مساعدة إسرائيلية للمقاتلين الشيعة فى سوريا.

وبالنسبة لإسرائيل فإن أى جهة تحارب حزب الله هى بالتأكيد حليف مهم وضرورى لها، فالتخلص من حزب الله يعنى التخلص من التواجد الإيرانى فى المنطقة.

وقال ضابط كبير فى المخابرات الإسرائيلية فى تصريح خاص للديلى ميل إن إسرائيل تشعر بالقلق بشأن دور حزب الله فى الصراع السورى، حيث يكتسب مقاتلو حزب الله خبرة قتالية قيمة قد تعزز من عملياتهم ضد إسرائيل فى المستقبل.

بالنسبة لإسرائيل فإن هذا التعاون مع الجماعات المسلحة السنية بما فى ذلك جبهة النصرة هو تعاون يندرج تحت المبدأ العسكرى (عدو عدوى صديقى).