تاريخ تدخل الموساد فى هدم مشاريع مصر العسكرية

العدو الصهيوني

بوابة الفجر


يخطىء من يعتقد أنه بالتوقيع على إتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979 , قد إنتهى الصراع المصرى الإسرائيلى للأبد ,ويقع فى نفس الخطأ كل من يؤمن  لما تقوله الصحف الإسرائيلية ,عن التعاون الإستراتيجى العسكرى الوطيد  بين البلدين ,فالحقيقة أن مصر كانت وستظل هى الشوكة الوحيدة  فى حلق إسرائيل  ,وأثبت التاريخ الحديث ,أن الأصوات التى تعالت بعد كامب ديفيد ,عن إنتهاء الدور المصرى ,والتسابق على شغل دور  الزعامة  بدلا من مصر  ,لم يكن إلا شعارات جوفاء ,لم تثمر عن تهديد حقيقى للكيان الصهيونى مثلما فعلت مصر من قبل .

موقع وزارة الدفاع الإسرائيلية حمل رسالة تحمل نفس هذا المعنى قبل أيام من التوقيع رسمياً بين مصر وروسيا  على مشروع الضبعة النووى ,وذكر نصاً ضمن تقرير مطول عن عمليات الموساد لإحباط مشروعات مصر العسكرية منذ عهد الملك فاروق  وحتى وقتنا هذا قائلاً "ماتزال أعين الشعب الإسرائيلى تتجه صوب  إيران ,ولكن إذا أمعنا النظر نحو الجنوب ونظرنا إلى مصر سنجد أن لديها نوايا لا تقل طموحاً ,عن تلك التى لدى إيران ".

وإستعرض التقرير المحاولات المصرية المستمرة للقضاء على الكيان الصهيونى منذ نشأته عام 1948 عندما   حاول الملك فاروق ,ضرب الكيان المحتل  الوليد ,فى رأسه مباشرة عن طريق الحصول على صواريخ متقدمة من روسيا من طراز "frog-4" و"frog-5" مع الإستعانة فى نفس الوقت ببعض الخبراء الالمان الذين عملوا لمصلحة هتلر فى تطوير صواريخ "v-2 "لبناء منظومة  الصناعات الحربية المصرية وتولى أحدهم ويُدع دكتور "ويليام فوس"هذه المهمة ,والذى كان يقف وراء صفقة الأسلحة المصرية التشيكية عام 1955 ,والتى من ضمن أسبابها ,شاركت إسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 ,ووقتها رغب "وليام فوس" فى إنتاج صواريخ ذكية ذات قُطر صغير نسبياً لمصلحة الجيش المصرى ,مما جعله يستعين بخبير صواريخ ألمانى يدعى "كورت فيلنر" الذى قام بتنفيذ تجربة إطلاق الصاروخ ,الذى يعمل بالوقود الصلب ,والذى يصل مداه لبضع كيلومترات فقط ,إلا أن التجربة فشلت .

أدى فشل التجربة _وفقاً للتقرير الإسرائيلى _ إلى إصرار مصر لإنتاج صواريخ بعيدة المدى ,ووقتها تقرر  تأميم عملية تطوير الصواريخ ,وهو ما عارضه الخبير الألمانى ,وقرر مغادرة مصر,لتدخل فى الصورة شركة فرنسية تدعى "كيفرا"  ,تعاونت مع بعض مراكز التطوير البحثية المصرية ,ولكن مع إندلاع ثورة يوليو 1952 ,تغيرت الأوضاع رأساً على عقب وتولى مسئولية شركة تطوير  الاسلحة الفرنسية ,خبير صواريخ المانى يُدعى "رولف أنجل" ,أحد المقربين من هتلر والمسؤول الاول عن تطوير صواريخ "v_2" وبدأ بمعاونة 80 خبير ومهندس ألمانى فى تطوير الصواريخ لمصلحة مصر وإنشاء شبكة رادار للجيش المصرى ,وبعد عامين قام عبد الناصر بإنشاء مصنع خاص لإستيعابهم ,عُرف وقتها بإسم "صقر" وتغير بعدها ليصبح مصنع "333" الحربى .

ومنذ تلك اللحظة بدأ الموساد الإسرائيلى يستشعر الخطر  من جراء التطور الرهيب الذى طرأ على منظومة التسليح المصرية ,ووقتها بدأت  وحد ة 131 التابعة للجيش وللموساد الإسرائيلى ,فى التغلغل وسط الجالية الالمانية فى مصر لفهم حقيقة ما يحدث على أرض الواقع عن قرب ,ونجح أفراد الوحدة  بالفعل فى الحصول على الرسومات الهندسية الخاصة بالصواريخ وبالمصنع ذاته ,إلا أن نشاطات الوحدة داخل مصر قد تم إكتشافها ,بعد فضيحة لافون الشهيرة .

ورغم فشل التجربة الفرنسية الألمانية ,إلا أن مساعى عبد الناصر لم تهدأ لتهديد إسرائيل بالصواريخ ,فمع نهاية عام 1956 ,طالب عبد الناصر الروس بالحصول على صواريخ قصيرة المدى تصل من 60إلى 70 كيلومتر ,إلا أن الروس رفضوا ,ليتم بعدها حل شركة "كيفرا",ورغم ذلك إستمر  عبد الناصر يعتمد على الخبراء الالمان فى تسليح جيشه  .

ومع حلول عام 1960 كشفت المخابرات الإسرائيلية عن إمتلاك مصر لخمس مصانع لإنتاج وتطوير  الصواريخ الباليستية ,وأن مصنع 333 الحربى أصبح يعمل داخله حوالى 1000 موظف بينهم 250 خبير ألمانى ,أما فى أوقات الذروة فقد إستوعب المصنع 4000 موظف على الأقل ,وخلال تلك الفترة تم إعداد وتمهيد منطقة "جبل حمزة" لإجراء التجارب على الصواريخ الجديدة ,كل ذلك أدى إلى إضاءة الضوء الاحمر داخل أروقة الموساد الإسرائيلى ,الذى تدخل بقوة فى منع إفتتاح مصنع لتطوير وإنتاج صواريخ أرض أرض كان سيتم إفتتاحه بالتعاون مع شركة المانية .

إستمرت محاولات الموساد الإسرائيلى فى تعقب أى محاولة مصرية للنهوض بصناعتها الحربية ,والعمل على تدميرها ,وبالفعل فى أغسطس من العام 1963 ,نجح الموساد فى تصفية  أحد الخبراء الألمان المميزين ويدعى "هاينز كروج" والذى ساهم بشكل كبير فى تطوير صواريخ "الظافر " والقاهر" التى وصل مداها فى هذا الوقت إلى 300 و600 كيلو متر على الترتيب.

وخلال عام 1965 أجرت مصر عرضاً عسكرياً ضخماً ,إستعرضت خلاله أنواع الصواريخ الجديدة التى تم إنتاجها فى مصانعنا الحربية ,ووصل عدد العلماء الالمان إلى أكثر من 250 عالم ,إلا أن بعضهم قد غادر من مصر ,بسبب نشاطات الموساد الخفية من جانب ,وبسبب إعتراف مصر بألمانيا الشرقية من جانب اخر .
ولم تقتصر محاولات الكيان الصهيونى على الجانب الإستخباراتى الخفى فحسب ,بل أن الحكومة الإسرائيلية  قد أعلنت عام 1965 عن مطالبتها بشكل علنى من نظيرتها الالمانية ,بسن قانون يمنع العلماء الالمان من تطوير الصواريخ خارج ألمانيا ,إلا أن المانيا رفضت ذلك ,نظراً لمساهمة علماؤها فى تطوير انظمة الصواريخ الامريكية فى تلك الفترة .

وكشف التقرير أن الموساد الإسرائيلى ,رفض فكرة قصف مصانع الصواريخ المصرية خلال حرب 1967 بزعم ان مشروع الصواريخ المصرى لا يشكل تهديداً على إسرائيل ,ولكنه أصدر توصية بضرورة قصفها خلال حرب الإستنزاف عام 1969 .

وبعد إنتصار أكتوبر 1973 ,لجأت مصر وفقاً لأحد الوثائق التى سربها موقع ويكيليكس ,إلى الهند فى أغسطس عام 1974 من أجل مساعدتها فى تطوير القنبلة الذرية والحصول على صواريخ بعيدة المدى .
وفى عام 1975 تم إنشاء الهيئة العربية للصناعات العسكرية بمشاركة دول قطر والسعودية والإمارات العربية ,كما لجأت مصر فى ذات العام ,لفرنسا من أجل الحصول على بعض خبراتها فى تطوير صواريخ "سكود"ووقتها تدخلت إسرائيل أيضاً فى المشروع بعدما أعلن شمعون بيريز عن إستعداد إسرائيل للتنازل عن الحصول على صواريخ "بريشينج" الامريكية مقابل تنازل مصر عن صواريخ "سكود" الفرنسية .

وواصل التقرير سرد تاريخ التسليح المصرى للتشديد على خطورة الجبهة المصرية وإصرار قادتها على النهوض عسكرياً حتى بعد التوقيع على إتفاقية كامب ديفيد مباشرة ,وأشار إلى دخول مصر فى إتصالات مكثفة مع فرنسا عام 1979 من أجل مساعدتها فى إنتاج وتطوير صواريخ أرض _جو من طراز "كورتيل" والحصول على طائرات "الميراج" ,إلا أن المشروع لم يكتمل فى حينه .

وفى عام 1984 وقعت مصر مع كلا من العراق والارجنتين على إتفاق لتطوير صواريخ "بدر 2000" بمدى يصل ل750 كيلومتر ,وبتمويل عراقى وتم الإتفاق مبدئياً على حصول مصر والعراق على 200 صاروخ لكل منهما ,إلا أن المشروع قد ألغى بسبب قضية العالم المصرى الامريكى "عبد القادر حلمى " الذى إتُهم وقتها بتسريب لمصر معلومات الصواريخ الامريكية و عن تركيب الوقود الصلب  .

ومع بداية التسعينات ,وقعت مصر والصين على إتفاق لتطوير مصنع "صقر" لإنتاج الصواريخ ,وإستمر هذا التعاون حتى عام 2013 ,وهناك بعض الادلة _وفقاً للتقرير _لإستمرار هذا التعاون حتى يومنا هذا .
ومع حلول الألفية الجديدة لجأت مصر للحصول على خدمات كوريا الشمالية بالإستعانة ب300 خبير صواريخ ,وخلال تلك الفترة حصلت مصر _وفقاً للتقرير _ على 24 صاروخ من طراز "نو دونج "الذى يصل مداه إلى نحو 1,300 كيلومتر ,كما تم التوقيع على صفقة للحصول على 50 محرك صاروخى ,إلا أن الصفقة الاخيرة  تم إجهاضها بواسطة المخابرات الإسرائيلية ,والامريكية .

كما حصلت مصر خلال تلك الفترة على شاحنات من بيلا روسيا من طراز maz -547 ,التى من الممكن إستخدامها كقاعدة متحركة للصواريخ الكورية ,فى الوقت الذى أنكرت فيه مصر ذلك وأكدت أن التعاون مع كوريا الشمالية قد توقف منذ عام 1996 .

وذكر التقرير أن إسرائيل قد تدخلت من قبل وتحديداً عام 1992 من أجل منع تحويل الصواريخ الباليستية التى تمتلكها كوريا الشمالية  لدول الشرق الاوسط ,وتحديداً لمصر ,ووقتها عرضت إسرائيل تقديم مساعدات إقتصادية عملاقة ,نظير منع وصول هذه الصواريخ لمصر وإيران ,وتم الإشارة إلى أن إسرائيل قدمت عرضاً خيالياً يصل إلى مئات الملايين من الدولارات يشمل شراء منجم ذهب فى كوريا الشمالية ,إلا أن الصفقة لم تتم لأسباب غير معروفة .

تقرير وزارة الدفاع الإسرائيلية توصل فى النهاية لفرضية مفادها ,أن الدول التى تسعى لتطوير الصواريخ الباليستية ,ستقوم بشكل حتمى  فى نفس الوقت بتطوير صناعات الفضاء ,وأوضح  التقرير أن هناك هدفان من وراء ذلك ,أولها خلق غطاء مدنى لمواصلة تطوير الصواريخ لأغراض عسكرية ,وثانياً أن الاقمار الصناعية توفر للصواريخ رصد أماكن الاهداف المراد الوصول إليها ,أضف إلى ذلك وفقاً للتقرير ,أن إنتاج الصواريخ الباليستية بالإضافة إلى الصناعات الفضائية ,إلى جانب تطوير برنامج نووى عسكرى,يمنح العلامة الكاملة فى القوة العسكرية الناجعة  ,هو ما تسعى مصرلتحقيقه  فى الوقت الحالى أسوة بإيران وكوريا الشمالية ,وفقاً لبعض التقارير الإستخباراتية .

وأوضح التقرير ,أن مصر تسعى إلى جانب إنتاج الصواريخ الباليستية ,إلى إنتاج السلاح النووى ,وهو حلم لديها منذ عام 1954 ,وسبق أن حققت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2005 ,فى إجراء تجارب على اليورانيوم ,ونفى تقرير اللجنة ذلك ,ولكن فى عام 2007 تحدث "عاموس جلعاد" رئيس الشعبة الامنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية ,مع وفد عسكرى روسى ,أكد له أن مصر تسعى بكل قوة للحصول على معاونتهم لبناء مفاعل نووى للاغراض السلمية ,ولكنهم اكدوا لهم أن يشككون فى النوايا المصرية بشكل كبير.

وتابع التقرير أن الإتفاق الذى تم توقيعه مع إيران برعاية امريكية ,وإعلان مصر مؤخراً عن رغبتها فى إمتلاك تكنولوجيا نووية للاغراض السلمية  ,والتقارير التى نشرت مؤخراً من داخل احد مراكز الابحاث الامنية الامريكية عن إمتلاك إسرائيل ل115 رأس نووى على أقل تقدير ,كل ذلك سيزيد الضغط على القيادة المصرية الحالية للبدء فى مشاريع إنتاج الصواريخ والصناعات الفضائية والأسلحة النووية ,مع العلم _وفقاً للتقرير _ أن مصر تمتلك بالفعل مئات الصواريخ الباليستية من طراز سكود c-1B.,وعدد من صواريخ النو دونج .,كما أنها تحل ثانية بعد إسرائيل فى مجال الفضاء ,على مستوى منطقة الشرق الاوسط ,ويدل مشروع إطلاق القمر الصناعى "إيجيبت سات 2" العام الماضى ,على رغبة مصر فى السيطرة على هذه التكنولوجيا ,وعلى الرغم من أن مصر سبق وأن أطلقت العديد من الأقمار الصناعية الاخرى ,إلا أن "إيجيبت سات 2" يعد من أخطر الاقمار الصناعية وأكثرها تقدماً ,فهو يعتبر قمرتجسس عالى الكفاءة ,لا يقل باى حال من الاحوال ,عن الأقمار الصناعية الإسرائيلية ,وعلى الرغم من توارد بعض الأنباء عن فقد الإتصال بالقمر فى الفضاء ,إلا أن مصر مصرة على الإستمرار قدماً فى تطوير هذا المجال .