مطالب باستقلال الأجهزة الرقابية فى الدستور الجديد

أخبار مصر


أجمع خبراء اقتصاديين وإعلاميين وبرلمانيين وممثلو أحزاب سياسية ونشطاء حقوق الإنسان على ضرورة وضع الضمانات الكافية لضمان الاستقلالية الكاملة المالية والإدارية والفنية للأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة في الدستور الجديد ممثلة في المفوضية الوطنية للفساد والمفوضية العليا للانتخابات والمجلس الوطني للإعلام المسموع والمرئي والهيئة القومية للصحافة والإعلام جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة في الدستور الجديد .

وطالب المشاركون بأن تتمتع المفوضية العليا للانتخابات بخمس عناصر أساسية؛ أولها الاستدامة بمعنى أن تكون مهمة هذه المفوضية دائمة وليست مرحلية، وبالتالي هي غير معنية بانتخابات معينة دون غيرها ولكن تتولى إدارة كافة العمليات الانتخابية من انتخابات رئاسية وبرلمانية ونقابات وأندية وأحزاب وغيرها ، ثانياً؛ الاستقلالية أي لا تخضع لأي جهة، وتتمتع بالاستقلال المادي والإداري والمالي ولا تخضع للأجهزة الإدارية الأخرى،

وثالثاً؛ النزاهة،أي تتمتع بالحيدة والنزاهة، ورابعا الشفافية بمعنى أن كل عنصر يجب أن يكون متاحاً لضمان شفافية العملية الانتخابية برمتها وخامسا المهنية والاحترافية حيث ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المهنية أساسية لإدارة العملية الانتخابية، بدءا من إعداد الكشوف الانتخابية وحتى إعلان النتائج ، وبالتالي الاحترافية تتطلب وجود مراكز لتدريب القائمين على العملية الانتخابية ..

ومن جانبه أكد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن الدستور الجديد لا يضم جميع الهيئات المستقلة، إذ قصرها على 5 هيئات فحسب وهى المجلس الاقتصادى الاجتماعى والمفوضية الوطنية للانتخابات والهيئة العامة لشئون الوقف والهيئة العامة لحفظ التراث والهيئات المستقلة للإعلام والصحافة، مشيرًا إلى عدم ذكر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حيث قصر الذكر على الجهاز المركزى والبنك المركز والرقابة الإدراية ووحدة غسيل الأموال.

وأكد أبو سعده أن مواد الدستور الجديد والتى يلزم أخذ رأى الهيئات المستقلة في القوانين المتعلقة بها، هى مادة ركيكة، موضحا أن الأجهزة المشار إليها في هذه المواد هى القائمة ، مما يعني أن الأجهزة المستحدثة سينظمها قانون لن تستشار فيه.

وطالب رئيس المنظمة المصرية بأن تتمتع الهيئات الرقابية باستقلالية كاملة وكافية للقيام بأداء دورها وخاصة هيئة مكافحة الفساد والمؤسسات العاملة للرقابة على الإعلام، وآلا يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رؤساء الأجهزة المستقلة وذلك على النحو الذي جاء في المادة ( 3 ) والتي نصت على يعين رئيس الجمهورية رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ ..

وجاءت الجلسة الأولى بعنوان قراءة للمفوضية الوطنية الفساد في الدستور.. المزايا والعيوب ومن جانبه أكد د. عبد الفتاح الجبالي رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام السابق أن الدستور الجديد ينص على إنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد، متسائلاً هل ستجمع كافة الأجهزة الرقابية في جهاز واحد أم لا ، ولاسيما أن المادة 6 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد قد نصت على أن تنشأ هيئة أو هيئات لمكافحة الفساد، مضيفاً أن مصر ستقوم بمراجعة تعهداتها بالاتفاقية عام 2013 ، مطالباً باتخاذ خطوات ملموسة من أجل القضاء على الفساد .

وأكد د. حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق بأننا ملتزمين بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أن ننشأ هيئة أو هيئات لمكافحة الفساد، ولكن ينبغي أن يتمتع كل جهاز باستقلالية عن الأجهزة الأخرى، ولاسيما وأن بعض الأجهزة قد شهدت تراخي بالآونة الأخيرة ، مطالباً بوجود جهاز واحد لمكافحة الفساد وأن يكون مستقلا عن رئيس الدولة والسلطة التشريعية، وأن يتولى الجهاز التحقيق والفصل في جميع قضايا الفساد.

واقتراح عبد العظيم إضافة بند في المادة السابعة من الدستور ينص على التزام هذه الهيئات بالاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد ، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية التنسيق بين الأجهزة الرقابية المختلفة، فنحن على سبيل المثال لدينا وحدة مكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي وينبغي أن تنسق مع الإدارات والأجهزة الأخرى، وكذا مع الجهات الدولية لأن جريمة غسل الأموال على سبيل المثال تتجاوز الحدود الوطنية، وبالتالي تتطلب التنسيق الدولي في قضايا الإنابة القضائية والتعامل مع الانتربول الدولي.

وتبني عبد العظيم فكرة إنشاء جهاز واحد لمكافحة الفساد، ويكون له سياسة واحدة ولا تتدخل في عمله أجهزة أخرى وأن يضم وحدات من الأمن القومي ومكافحة غسيل الأموال والشرطة، وأن يتضمن تبادل معلومات بين كافة الجهات تحت مظلة واحدة، رافضاً النص في الدستور على أن تقوم الأجهزة الرقابية برفع تقاريرها إلى الرئيس فحسب، مطالباً بالنص على وضع آليات وضمانات لكيفية التعامل مع مرحلة ما بعد رفع التقارير إلى الرئيس، وكيفية ضمان وصول هذه التقارير للتحقيق الفوري فيها، وعدم تدخل رئيس الجمهورية في مواد الإحالة.

ومن جانبه طالب د. مصطفي النشرتي وكيل كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة مصر الدولية بالنص في الدستور على استقلال البنك المركزي عن الحكومة، فهذا البنك يتبع رئيس الجمهورية على عكس البنوك المركزية في كل دول العالم، وبالتالي فهو لا يستطيع رسم السياسة النقدية للدولة، فعلي سبيل المثال لم يجتمع المجلس التنسيقي في البنك المركزي منذ عام 2002، والسياسة النقدية تقوم بتوظيف الأموال والاستثمار والتأكد من سلامة الجهاز المصرفي في الدولة، أما السياسة النقدية للحكومة فهي تعتمد على الاقتراض من البنك المركزي بما يؤدي إلى زيادة الدين العام، ويقلل فرص الاستثمار، وبالتالي لا تقوم البنوك بدورها في التنمية، وبالتالي 40% من مدخرات المصريين تذهب لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة على عكس البنك المركزي الأوروبي الذي يطالب الحكومة بتخفيض نفقاتها للالتزام بحد الأمن لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي، مثلما حدث في فرنسا وأسبانيا واليابان.

واقترح النشرتي أن يتم النص في الدستور الجديد على استقلال البنك المركزي، مع وضع ضمانات لتحقيق هذا الاستقلال في إطار السياسة الاقتصادية للدولة، وأن يمنح البنك حق الاعتراض الفيتو على السياسة النقدية للدولة. كما اقترح إضافة مادة في الدستور بالنص على أن الموارد الطبيعية ملك الأمة ويجب تنميتها لصالح الأجيال الحاضرة والقادمة.... .

واختلف د. عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة وعضو الجمعية التأسيسية مع عبد العظيم حول فكرة إنشاء هيئة واحدة لمكافحة الفساد، مؤكداً أنه لا يمكن إنشاء هيئة واحدة، ولكن لا بد من وجود هيئات مختلفة لمكافحة الفساد، فالعقاب الجنائي يهدف إلى الردع العام والردع الخاص، وبالتالي لا بد من وجود هيئات مختلفة مثل الرقابة الإدارية، هيئة غسيل الأموال بالبنك المركزي، ، وأن يكون لكل هيئة اختصاصها، ويتم التنسيق والتعاون بين الهيئات المختلفة .

واتفق البنا مع د. النشرتي على ضرورة النص على استقلالية البنك المركزي ووضع ضمانات محددة لاستقلاليته وممارسة دورها في رسم السياسة النقدية للدولة، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن تأتي السياسة النقدية منسجمة مع السياسة الاقتصادية للحكومة.

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان قراءة للمفوضية الوطنية للانتخابات في الدستور.. المزايا والعيوب وأكد د. ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أن عملية الانتخابات أمراً في غاية الأهمية، فاختيار نائب الشعب يجب أن يكون بأساليب معينة تضمن لمن يتولى النيابة عن الشعب كله أو النيابة عنه في دائرة واحدة أن يعبر عن طموحات المواطن وعنه جاء بطريق ديمقراطي ونزيه.

وانتقد بدوي فكرة الإشراف القضائي على الانتخابات معتبرها أكبر كارثة في تاريخ الانتخابات، وبمثابة نهاية للقضاة في مصر، مطالباً بأن تتمتع المفوضية العليا للانتخابات بالاستقلالية عن القضاء والتشريع لتقوم بإدارة العملية الانتخابية بدءاً من إعداد كشوف الناخبين واستقبال طلبات المرشحين، حتى إعلان النتائج النهائية للانتخابات، موضحا أن الاستقلال هنا يقصد به الاستقلال العضوي أي أن يكون الجهاز المستقل هو الذي يتولى شئون أعضائه في التعيين والترقية، والاستقلال الموضوعي هو أن يكون الجهاز هو الذي يباشر اختصاصاته.

وأكد بدوي أنه لا قيمة للديمقراطية بدون انتخابات، ولا قيمة للانتخابات بدون ديمقراطية، ولا قيمة لهذا كله بدون الحقوق والحريات العامة،

وأشار أ. عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض على ضرورة وجود هيئة تتولي إدارة العملية الانتخابية، فهذ آمل لكل المصريين منذ وضع دستور عام 1923 ولكن العكس أعطي إدارة هذه العملية إلى وزارة الداخلية، بغية الهيمنة على العملية الانتخابية، مطالباً بضرورة أن ينص في الدستور الجديد على تقسيم الدوائر، وأن يتنبى أيا من الخيارين أما تقسيم الدوائر على أساس عدد السكان أو تقسيمها على أساس المساحة.

وأعرب أ. حسين عبد الرازق أن مصر لم تعرف الانتخابات المزورة إلا من خلال التدخل الإداري، وبالذات الانتخابات الأخيرة لأن تم فيها إنفاق مالي هائل واستخدم فيها شعارات الدين بالمخالفة للدين والدستور، مشدداً على أن فكرة المفوضية فكرة قديمة وليست من اختراع الجمعية التأسيسية، فالأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لها باع طويل في هذا الشأن وطالما نادت بتأسيس مفوضية تتولى إدارة شئون الانتخابات.

وانتقد عبد الرازق القائمين على صياغة الدستور، لأنهم لا يعرفون دساتير مصر ولا يعرفون سوى آرائهم، وبالتالي فنحن ندخل في نفق مظلم، ويجب تنبيه جميع القائمين على هذا البلد بهذا، خوفا على مستقبله .

وعقب المستشار نور الدين علي عضو الجمعية التأسيسية بقوله أن أصل الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، ولكنها فكرة صعبة التطبيق على أرض الواقع، ولذلك جاءت فكرة الديمقراطية النيابية من خلال انتخابات أقلية تتولي وضع السياسات والقوانين بدلاً من الشعب.

وأوضح نور الدين أن عمل القاضي هو الفصل في الخصومات بين الأطراف المتنازعة، وبالتالي لا يجوز ندب القضاة للحفاظ على استقلالهم، ولهذا نهج مشروع الدستور الجديد هذا المنهج من عدم ندب القضاة، فضلا عن وجود مقترح باللجنة حاليا حول الفصل في الطعون، حيث سيتم إنشاء دوائر خاصة من المحكمة الإدارية العليا لتغطية محافظات مصر، كما تم اقتراح اسم المفوضية الوطنية للانتخابات بدلا من المفوضية العليا للانتخابات.

وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان الهيئات المستقلة للإعلام والصحافة في الدستور.. المزايا والعيوب وأشار د. محمد صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلى أن بعض المؤشرات ظهرت في الشهور القلية الماضية حول محاولة السيطرة على آليات وممارسات السياسة الإعلامية، وهناك خطوات إدارية وتمثيلية بدأت وظهر لها صدى واضحا من خلال صفحات الرأي من خلال ما يمنع أو ما يتم إبرازه لأشخاص نراها تشكل شكلاً للصفوة في مصر، وبعلاقة بالنظام الذي حكم قريبا، كما أن هناك ارتباكا في الأداء التلفزيوني الرسمي ومعه يستحيل الاستقلال، كما أن ممارساته أبعد عن المهنية.

وأشار العالم إلى بعض الأفكار التي تتعلق بوزارة الإعلام بين الإبقاء والإلغاء، وهناك آراء لإنشاء مجلس وطني يشرف على الإعلام المرأي والسمعي، وإنشاء نقابات للإعلام، مؤكداً أن إلغاء وزارة الإعلام بدون وجود نص واضح لاستقلال هذه المؤسسات سياسياً يمثل نكوصا للأداء الإعلامي.

وأشار أ. سعد هجرس مدير تحرير جريدة العالم اليوم إلى أن هناك 3 مجالس خاصة بالصحافة والإعلام في الدستور الجديد ومشكلتها أن هذه الهيئات تركت للقانون تنظيمها، مشيراً إلى أن هناك تخوف إلى عكس ما هدف إليه المشرع الدستوري، كما أن اختصاص الهيئات في الدستور تحتاج إلى تفصيل أدق وواضح.

ودعا هجرس الصحفيين المصريين إلى التضامن مع الصحفيين التونسيين بالإضراب يوم 27 أكتوبر لأن هناك نية مبيته ودستور معد بالفعل داخل الأدارج، مطالبا منظمات حقوق الإنسان بعمل لجان مشتركة مع نقابة الصحفيين لمناقشة التطورات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير في الدستور الجديد.

وطالب د. مجدي قرقر أمين عام حزب العمل بفتح حوار حول التقارير التي صدرت عن التقييم الأداء الإعلامي، ووضع ضوابط لعدم إنشاء وزارة جديدة للإعلام إلا بموافقة البرلمان لضمان عدم عودة وزارة الإعلام ثانياً، وإنشاء نقابة للإعلاميين بعيداً عن نقابة الصحفيين تحافظ على حقوقهم، وإصدار قانون لحرية تداول المعلومات، وأن يكون للمجلس الوطني للصحافة والإعلام دوراً رقابياً فقط، وتطبيق ميثاق الشرف داخل مؤسسات الصحافة والإعلام، وإعادة النظر في المؤسسات الإعلامية والصحفية المملوكة للدولة لضمان استقلاليتها الكاملة .