د. أحمد يونس يكتب: دعونا نسرق فى صمت

مقالات الرأي




احترسوا من الطاعون الملتحى. أخـطر هو من الطاعون الأصفر أو الأســود أو الموف. عـلى بابات فى كـــل شــبر من أرض مـــصر. إلا بالمناسبة: هل يعرف أحـد كم يبلغ عدد العـلى بابات فى الوقت الحاضر، خاصة إذا أضفنا لكل عـلى بابا الأربعين ألف حـرامـى بتوعــه؟ الإخوان يرون أن التهريب أو الاحتيال على الآخر أو المضـاربة فى السلع أو العملات أو الأسهم من المهارات الرئيسية التى يجب أن يتحلى بها التاجر، وأن على كـــل شخــص أن تكون له مهنتان: الطب أو الهندسة أو المحاماة أو كسمسار سعادة، شريطة أن يزاول التجارة أيضاً، وأن من الضرورى أن يمارس مهنته الأولى، أياً ما كانت، بعقلية التاجر، وأنه لا وطن فى الدين، على حد تعبير حسن البنا. بالطبع هناك أســبـاب بالجملة تقف وراء هذه التشوهات العقلو ضميرية.

على بابا بعد الضنا لابس حرير فى حرير. إدولو قصر فى الدوحة وبيهبش فلوس كتير. والست مرجانة، تمــلى سكرانة. دلوقت بتاخد حمام ساونا فى باريس. وبتعمل شوبينج وباديكير وكورسات تخسيس. قاسم أخوه قيادى فى حزب النور. وراح معين نفسه مفتى وله جمهور. ورئيس العصابة اللى سمى نفسه سليمان، تاجر زيوت من طهران، بطل سرقة وانضم للإخوان. وخلاص بدل الياقوت والدهب والمرجان، اكتفى بالمتاجرة فى السوبرمــاركتات والأديان. المغارة فضلت تكبر لحد ما بقت من ليبيا لأفغانستان. والأربعين ألف حرامى اتوزعوا على داعش والقاعدة وبوكو حرام والسلفيين، ونازلين تكفير فى البشر بالذات المسلمين. وشوية فى تركيا عند أردوغان، وبيشرشحوا فى الفضائيات لكل مين كان. لغاية ما كـلت مخهم العتة. ولسه برضه فاكرين مــصــر أنجر فتة.

وعلى بـعــد 15 عـاماً من بداية القرن الحادى والعشرين، نكتشف أننا كنا نتوهم، عندما تصورنا أن عصور الظلمات قد انسدل عليها الستار إلى الأبد. وأن ما يربو على قرنين من التنوير استطاع أن يطهر البلاد من ذباب المقابر. ياما أكدوا لنا أن الجماعة ستجعل الاقتصاد المصرى أقوى من ألمانيا والصين والولايات المتحدة واليابان والدول الإسكندنافية. هكذا أقسم أصحاب اللحى الكثيرون الذين لا أعرف ما هى صفتهم القانونية ليخاطبوا الشعب من موقع السلطة. مشايخ وبلطجية وبتوع تلات ورقات، صاروا هكذا فجأة من علماء الاقتصاد. مادام هؤلاء بالتحديد قد بشرونا بالخير، فلابد أن الخـطب عظيم، على رأى ابن إياس.

بلاطـة إيه دى يا إخواتى اللى تحتها حيساع ده كله؟ لازم تكون بالميت قد تمانين تسعين برج زى مركز التجارة العالمى. جبل المقطم بجلالة قدره، اللى اتهد على دماغ الناس واللى لسه فى السكة، ما ينفعش حد يخبى تحته 600 مليار جنيه. داحنا لو فرشنا بيهم الأرض، ملضومين الورقة فى اللى بعدها،حيغطوا البلد من أسوان حتى السلوم. مصر مساحتها مليون كيلومتر مربع. يعنى بواقع 600 جنيه لكل متر. احسبها كده. ما تعتمدش على حسبتى. ما تبقاش كسلان أمال. مافيش فى مصر بلاط يكفى سرقة بالضخامة دى إلا مغارة الإخوان. ستمائة مليار جنيه يـا مـؤمـن على 90 مليون مصرى، يعنى كل مواطن فيكى يا مصر اتنشل منه 8000 لحلوح. حار ونار فى جتة دولم على دكهم!

الرأسمالية حتى المتوحشة، أو الاشتراكية حتى الباطشة، مذهبان متناقضان فى التعامل مع الواقع الاجتماعى. وعلى الرغم من أن لكل منهما نظريته المختلفة فى تفسير التاريخ، فإنهما -على أى حال- أسلوبان فى إدارة النشاط الاقتصادى داخل الدولة. أما هذا الذى طالما ضحكوا علينا بالحديث عنه، فلعله نظام سياسى أو اقتصادى جديد من إبداعات مقرئى المدافن. نظام سياسى أو اقتصادى شعاره: دعونا نسرق فى صمت.