د. رشا سمير تكتب: إحنا آسفين يا سما
قضت المحكمة الإدارية العليا فى حيثيات حكمها باستبعاد سما المصرى من الترشح للانتخابات البرلمانية بالحيثيات الآتية نصا:
(إن طيب الخصال من الصفات الحميدة المتطلبة فى الفرد بصفة عامة، وفى عضو مجلس النواب بصفة خاصة، وبدون توافر هذه الصفات تختل الأوضاع وتضطرب القيم فى جميع مناحى عمله البرلمانى.. وطيب الخصال لا يحتاج فى التدليل على نقصه صدور أحكام قضائية خاصة بها، إنما يكفى فى هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية فى هذا الشأن، وتلقى ظلالاً من الشك على شخص المترشح حتى يتسم بسوء الخصال، أخذاً فى الاعتبار بيئة المجتمع التى يعيش فيها وطبيعة المهام التى من المفترض أن يضطلع بها).
استوقفتنى الكلمات وأدهشتنى حيثيات الحُكم وسألت نفسى: ماهى الدلائل والشبهات المطلوبة لاستبعاد ناخب من البرلمان؟.
فما الفرق بين سما المصرى الراقصة الصريحة وبين سعيد حساسين الرجل الذى حصل على كرسى البرلمان على الرغم من تورطه فى العديد من المخالفات وعشرات القضايا، أو حسام عامر عنتيل الإسماعيلية مرشح حزب النور الذى تم تسريب فيديوهات جنسية له، أو توفيق عكاشة الرجل الذى سب مصر بأكملها ولم يستثن أحدا، أو محمد حمودة محامى أحمد عز الذى وافق أن يترافع عن الرجل الذى أفسد فى مصر حتى أغرقها، أو أحمد مرتضى منصور الذى تم تسريب فيديو له وهو يتلفظ بألفاظ نابية أقل ما يقال عنها إنها تخدش الحياء العام والخاص، أو علاء والى المرشح السابق عن الحزب الوطنى الذى استغل نفوذه وماله فى شراء الأصوات!.
لقد خرجت نتائج انتخابات برلمان 2015 لتؤكد أن هناك كارثة اجتماعية ثقافية تهدد مصر.. وأنا هنا لا أبالغ ولا أحاول الهجوم على البرلمان ولا أريد أن أكون عقبة فى سبيل تحقيق الاستحقاق الثالث.. ولكنى أريد أن أقول كلمة حق فى نتائج أظنها أربكت حسابات الجميع.
إن الوجوه التى قررت أن تخوض المعركة الانتخابية هذه الدورة هى السبب الرئيسى فى ضعف الإقبال وعزوف الشباب عن المشاركة فى هذه المهزلة.
فهم إما أعضاء حزب وطنى سابق مصممون على إفساد الحياة السياسية بدافع انتقامى.. أو عتاة إجرام لفظى وبلطجة اجتماعية استطاعوا الفوز بالدراع.. أو مرشحون عليهم قضايا لم تصل إلى درجة الأحكام وبالتالى فالمتهم برىء حتى تثبت إدانته.. أو ممولون بمال سياسى فاحت رائحته وتلوثت أوراقه بالفساد الفج.. أو شخصيات عامة كان للإعلام فى تلميعهم على شاشاته الفضل الأكبر فى نجاحهم تحت بند (ده بيعرف يتكلم كويس قوى)!.. أو ضباط جيش وشرطة استغلوا أن رئيس الجمهورية رجل عسكرى فهُم بالتبعية من حقهم الفوز.
ويبقى السؤال: ماذا سيقدمون؟ وماذا سيضيفون؟.... لا شىء.
أما عن الأحزاب فحدث ولا حرج.. اكتسح تحالف فى حب مصر.. ربما لأنهم منظمون.. وربما لأن وجوههم معروفة وربما لأن للنجاح حسابات أخرى.. والأرجح هو أن الأحزاب الأخرى إما أنها تترنح مثل الوفد أو أنها ممولة بالمال السياسى الذى سمح لرجال الأعمال بالتواجد بقوة المال تحت قبة البرلمان وهم متخفون فى ملابس الهالاويين!.. ما جعل توزيع الأموال والمخدرات على الناخبين سببا رئيسيا فى نجاح الكثيرين..
وأخيرا وبعد خسارة فادحة أمام قائمة فى حب مصر تخرج المستشارة تهانى الجبالى مؤسس التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية، تتهم اللواء سامح سيف اليزل مقرر القائمة بالتحالف مع تنظيم الإخوان والاجتماع مع قيادات الجماعة بالخارج للحصول على أصواتهم والتعامل مع أمريكا.. ما جعل الناخب يداخله الشك بأن الخسارة تعنى بكل وضوح خسارة الحصانة والمميزات والمكانة السياسية.. يعنى من الآخر خسارة (السبوبة)!.
وتبقى الحقيقة الوحيدة التى تحتاج وقفة من الدولة مستقبلا.. وهى أن الناخب المصرى صورة واحدة وألف مسمى.. فهو إما مُرتبك أويائس أو مُحتاج أو متردد أو جاهل أو مازال لديه أمل.
إن نجاح بعض المرشحين الذين لا يرتقون للوجود تحت قبة البرلمان ولا يحملون فى جعبتهم سوى المطامع الشخصية، صورة مؤسفة فى مشهد دولة تحاول النهوض.
والحقيقة أن سما المصرى هى أكثرهم اتساقا ووضوحا مع نفسها.
فالرقص يا سادة لا يحتاج إلى بدلة والإيمان لا يحتاج إلى سبحة والسياسة لا تحتاج إلى دجالين والوطن لا يحتاج إلى المزيد من الانكسار..
بجد.. إحنا أسفين يا سما!.