إيمان كمال تكتب :حواري وعشوائيات السينما فن وابداع وجمال
ليس شرطا أن يكون التعبيرعن المهمشين أو الفقراء ونقل عالم العشوائيات يحمل كل هذا الكم من القبح الذى نراه على الشاشة، فالمشهد ليس ضروريا أن يكون مشوها حتى إن كان موجعا أو قاسيا.. هو ما نراه بالفعل فى السينما من مختلف دول العالم لتبقى السينما المصرية هى (الراعى الرسمى للقبح والتشوه) بدعوى التعبير عن قسوة ومرارة الواقع، دونما التركيز على جماليات العمل الفنى التى قد تحرضك رغما عنك من الاستمتاع بالقيمة الفنية فى حد ذاتها حتى وأنت تشاهد كل هذا الكم من الفقر. وبالرغم من شماعة نقل الواقع التى يقولها الكثيرون ممن يقدمون هذه الأعمال إلا أن الكثير من الأفلام التى عرضت بداخل فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى بددت هذه الحجج ونقلت صورة مختلفة لعالم المهمشين والفقراء والمطحونين.
2- أما فى الفيلم المجرى «طفلة الأربعاء» فماجا تعيش حياة مشردة، فهى أم لطفل يبلغ خمس سنوات وهى لا تزال فى عمر المراهقة، لا تنتمى لعائلة فقد تركتها والدتها التى أنجبتها نتيجة علاقة عابرة لتضطر أن تتقاسم الحياة مع صديقها ووالد طفلها كريس دون زواج وذلك فى مشروع سكنى شبه متهالك على أطراف مدينة بودابست.
الحياة البائسة والصعبة جعلت ماجا بطلة فيلم «طفلة الأربعاء» شخصا متمردا على كل ما حولها وصعبة المراس، ولكن بالرغم من حرص المؤلفة والمخرجة لى لى هورفاث على نقل حياة من يعيشون حياة بائسة وصعبة من التعمق فى تفاصيلهم من خلال ميلودراما ناعمة وبسيطة زادت من جمالها ملامح البطلة «زولت اتتال» وتعاملها بشكل إنسانى مغدق بالأحاسيس والمشاعر وهو ما نراه فى بداية العمل من خلال علاقتها بطفلها الذى لا يستطيع التحدث ولكن ماجا بالرغم من احترافها للإجرام والسرقة وكل ما هو مشوه لا تملك إلا أن تكون أما صالحة تزور ابنها كل أسبوع فى دار الأيتام الذى يكفله وتحاول جادة إيجاد مصدر رزق فتلجأ للعمل ضمن مشروعات مكفولة من خلال فتح مغسلة ملابس إلا أن كريس يقرر هدم مشروعها الذى كانت ترهن عليه أملها فى أن تعيش مع طفلها الذى يحتاج لعنايتها بعد أن يشعر بالغيرة من علاقتها بالشخص المسئول عن المشروع لنرى قصة حب تنشأ بينهما حيث يساعدها بالفعل فى ضم طفلها.
3- عائلة لا تقل بؤسا وألما عن أبطال الأفلام السابقة فبعد حرب البوسنة تبدأ تفاصيل فيلم «حياتنا اليومية» لنرى أسرة مكونة من أب خسر شركته وأمواله وزوجته التى تعانى من مرض السرطان والابنة التى تنتظر استقبال طفلها فى حين لا يأتى حبيبها فلا تتمكن من الزواج به، أما البطل الرئيسى وهو الابن الذى يعانى من البطالة ويقرر عدم الزواج والانجاب بالرغم من تخطيه الأربعين من عمره.
وبالرغم من حالة الاحباط والبؤس إلا أن المشاعر الانسانية الدافئة التى نراها فى علاقة الابن بوالدته وحتى فى الفتاة التى ارتبط بها غلفت المشاهد لتبدو الصورة أكثر شاعرية بالرغم من قسوة الأحداث فى كثير من الأحيان حيث يعانى البطل من جحود والده فى الكثير من المشاهد وتعنفه الذى وصل إلى حد ضربه إلا أن المخرج كان حريصا على نقل الصورة بواقعية بعيدا عن فكرة التشويه لنقل رسالته.