نصار عبد الله يكتب: فاروق ظالما ومظلوما «1»

مقالات الرأي





أتابع بشغف واستمتاع شديدين سلسلة المقالات الأسبوعية التى يكتبها الأستاذ صلاح منتصر فى صحيفة المصرى اليوم بعنوان: «فاروق: ظالما ومظلوما» والتى بدأها فى شهر أغسطس الماضى بمقال كان عنوانه أكثر تحديدا للمراد وهو «فاروق الذى ظلمنا وظلمناه»، ثم تابع المقالات بعد ذلك بالعنوان سالف الذكر «فاروق: ظالما ومظلوما» والذى لاتكتمل دلالته إلا بالرجوع إلى المقال الافتتاحى الذى نعرف منه أنه كظالم: كان ظالما لنا، أما كمظلوم فقد ناله الظلم منا نحن أيضا!.. وإن كان محتوى المقالات نفسه يؤكد أنه كان مظلوما منا ومن كثيرين غيرنا أيضا « هل هذا هو ما جعله يعدل عن العنوان الأول ويستقر على العنوان الثانى؟، أم أنه لم يعدل عنوانه فى حقيقة الأمر، وما العنوان الجديد إلا مجرد إيجاز مختصر تكتمل دلالته بالإحالة إلى المقال المفتتح للسلسلة كما نوهنا منذ قليل؟..مجرد تساؤل، لكنى على أية حال كنت أتمنى أن اقرأ هذه السلسلة من المقالات فى كتاب واحد، وهذا هو ما تعودت أن أفعله مع الكثير من الأعمال المسلسلة التى أثق أنها إن عاجلا أو آجلا سوف تصدر فى كتاب، ومع هذا فإن بعض هذه الأعمال المسلسلة يشدنى فلا أصبر على اكتمالها وأظل أتابعها أسبوعا بعد أسبوع، وقد مضى حتى الآن أربعة عشر أسبوعا وأنا أتابع هذه السلسلة الممتعة من الحلقات التى لاتحكى لنا سيرة فاروق فقط ولكنها تحكى لنا جانبا من سيرة بعض أسلافه أيضا من خلال رؤية كاشفة توضح المؤثرات التى أسهمت فى تشكيل شخصية كل منهم، وأظن أن هذه السلسلة عندما تكتمل، أو أن هذا الكتاب عندما يصدر فسوف يكون إضافة لها قيمتها إلى المكتبة الفاروقية «الأعمال التى تناولت فاروق»، والتى تتراوح بين المؤلفات التى تتسم بالدقة الأكاديمية، على سبيل المثال مؤلفات الدكتورة لطيفة سالم: «فاروق وسقوط الملكية فى مصر «1936-1952» فـاروق من الميـلاد إلى الرحيـل «1920-1965» فاروق الأول وعرش مصر «بزوغ واعد وأفول حزين»، مرورا بالمؤلفات التى تتسم بالجاذبية الصحفية لكنها لا تخلو من الدقة...على سبيل المثال ما كتبه الأستاذ أحمد بهاء الدين، وبوجه خاص كتابه: «فاروق ملكا» ومرورا كذلك بالشهادات التى كتبتها شخصيات أتيح لها بحكم مواقعها أن تكون قريبة من الملك فاروق، ومن ثم فنحن لا نستطيع أن نجزم على وجه التحديد بمدى نصيبها من الأمانة والموضوعية خاصة أن أصابع الاتهام كثيرا ما امتدت إلى أصحابها ومن ثم فإن كتاباتهم تنطوى على نوع من الدفاع عن أنفسهم أكثر مما تنطوى على العرض الدقيق والمحايد.. على سبيل المثال مذكرات كريم ثابت الذى كان مستشارا صحفيا للملك فاروق والذى نشر بعنوان «عشرسنوات مع فاروق» أو كتاب الدكتور حسين حسنى السكرتير الخاص للملك الذى نشر بعنوان «سنوات مع الملك فاروق» وانتهاء إلى تلك الكتابات التى لا تمتلك إلا الإثارة والجاذبية وحدها لكنها منذ الوهلة الأولى تجعل أى قارئ محايد يشعر بمدى بعدها عن الأمانة وعدم التجرد، ومن أمثلتها: «ليالى فاروق» للأستاذ مصطفى أمين «رحمه الله» الذى أسرف صاحبه فى تشويه فاروق وتجريحه بعد أن كان يوما ما دائم التسبيح بحمده !!، والواقع أن مقالات الأستاذ صلاح منتصر الأخيرة التى أتابعها حاليا تأتى ضمن تيار واضح برز فى السنوات الأخيرة يحاول إعادة التوازن إلى صورة الملك فاروق بما عليها، ومالها أيضا، وكأنها محاولة للانتصاف له مما ناله من الظلم بواسطة أقلام كثيرة دون إغفال لما ألحقه هو بنا. وتتبدى هذه الظاهرة فيما كتبه عن فاروق كُتاب من أمثال على سالم وحلمى النمنم كما تتبدى كذلك فى الصورة التى رسمها له مسلسل الملك فاروق الذى كتبته الدكتورة لميس جابر، كما يتبدى كذلك فى الحوار المتخيل مع الملك فاروق الذى كتبه الأستاذ إبراهيم عيسى وأعاد نشره عدة مرات ثم قام بأدائه هو شخصيا بالصوت والصورة فى واحد من برامجه متقمصا صورة وصوت المتحاور معه «الملك فاروق» وصوت المحاور الذى هو إبراهيم عيسى نفسه، هذا التيار هو محاولة للانتصاف للملك الظليم «على وزن الكليم»..وهو ما ربما ينم عن ظاهرة أطلقت عليها يوما من باب التندر ظاهرة «الركسوتالجيا» أو الحنين إلى الملكية «قياسا على النوستالجيا»، حيث كلمة ركس REX فى اللاتينية تعنى ملك!. وللحديث بقية.