بالمستندات.. «الرقابة الدوائية» تسمح بتداول «المضادات الحيوية» دون التأكد من فاعليتها

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


ربما تقتنع وزارة الصحة يوماً ما بأن الشعار المناسب الذى يجب أن ترفعه، هو "كل نفس ذائقة الموت"، خاصة أنه لا يوجد مواطن يضمن خروجه حياً من مؤسسات الوزارة المختلفة بسبب الإهمال المستشرى داخل مؤسساتها.

وحصلت "الفجر" على مستندات تؤكد أن الإهمال الفاجر لم يعد قاصراً على إدارة أو هيئة بالوزارة دون أخرى، والتى تؤكد أن الهيئة العامة للرقابة على الأدوية لا تُخْضع المضادات الحيوية، أحد أهم العقاقير الطبية، للفحص والتحاليل القياسية، قبل إصدار ما يسمى شهادة المطابقة للمستحضرات الدوائية، التى تعنى أن الدواء فعال وقادر على شفاء المرضى.

■ عقاب باحثين بالهيئة لتجرؤهم على رفض دخول الأدوية إلى الأسواق دون اختبار صلاحيتها


المضاد الحيوى مادة أو مركب يقتل أو يقلل نمو الجراثيم، ويستخدم لعلاج الأضرار التى تسببها الفطريات والطفيليات وغيرها، أما الهيئة القومية للرقابة، فهى المؤسسة الوحيدة المعنية بالرقابة على الأدوية، سواء كانت منتجة داخل مصر، أو مستوردة وتصدر شهادات المطابقة للشركات والمصانع، بناء على تحاليل دقيقة، قبل طرحها فى السوق المحلية من صيدليات ومستشفيات ووحدات صحية.

1

قدم الدكتور طارق إسماعيل نائب رئيس معمل الميكروبيولوجى "ج" المخصص لتحليل المضاد الحيوى وكشف فاعليته فى القضاء على الميكروبات، فى عام 2013 شكوى ضد زميله الكيميائى، "كامل. م"، الذى كان يتولى رئاسة المعمل، يتهم فيه الأخير بأنه خلال توليه منصبه كان يحلل عينات المضادات الحيوية بطريقة خاطئة دون استخدام مادة tween، طبقاً لما نص عليه دستور الأدوية (مرجع رسمى معتمد لكل ما يتعلق بالأدوية) وذلك بعلمه وبأمر مباشر منه ما يعنى عدم صحة جميع نتائج تحليل العينات، ما يترتب عليه أضرار بالغة قد تصيب مستخدميها.

وأكد الدكتور إسماعيل فى شهادته المقدمة لرئيس شعبة الميكروبيولوجى، أن رئيس المعمل ألغى أحد أهم التحاليل المنصوص عليها فى جميع دساتير الأدوية والمعتمدة فى جميع معامل الهيئة واللازمة لصحة وسلامة نتائج التحليل وهى pathogenisty، بدعوى أن هذا التحليل ليس ضرورياً وغير ملزم إلا فى حال وجود مستعمرات ميكروبية ذات أشكال معينة وهو خطأ ومخالفة علمية وإدارية واضحة.

وتضمنت الشكوى أن رئيس المعمل خالف قوانين ولوائح الهيئة بتوزيعه عينات المضادات الحيوية باهظة الثمن، بعد مواعيد العمل الرسمية على بعض العاملين وأمرهم ببيعها وتقاسم ثمنها معه، علماً بأنه يستأثر بجميع مفاتيح الدواليب والتى يتم حفظ العينات المرتفعة الثمن وطالب مقدم الشكوى، رئيس الشعبة بالتحقيق فى المخالفات السابقة.

2

ومن الواضح أن شكوى إسماعيل على خطورتها البالغة، لم تخضع للتحقيق واستمرت الممارسات، لذا قدم الدكتور طارق المرسى، رئيس شعبة الميكرو بيولوجى، فى 9 أكتوبر 2013، مذكرة إلى رئيس الهيئة، أوضح فيها جميع المخالفات السابقة وقال فى نهايتها "إنه تم تصحيح الوضع فى إجراء التحاليل اللازمة للمضادات الحيوية طبقاً لدستور الأدوية وإحضار المادة المطلوبة فى التحليل ولكننا أدركنا خطورة الوضع فى تحليل العينات فى السابق لذا لزم التنويه، لاتخاذ ما ترونه مناسباً من إجراءات حفاظاً على سلامة الدواء ومحاسبة المتسبب فى الخطأ". وطالب المرسى بوقف الكيميائى، "كامل. م"، عن العمل بالشعبة لعدم الاطمئنان إلى تصرفاته داخل المعمل من إثارة العاملين والتوجيه بعدم تحليل العينات وخروج النتائج بدون تحليل، وإحالة الموضوع إلى الشئون القانونية فوراً لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

3

فى نفس يوم تقديم المذكرة السابقة أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة، أمراً إدارياً بإحالة الواقعة إلى الشئون القانونية، وأمر بوقف التقارير الخاصة بمطابقة العينات محل الشكوى، وإجراء التحاليل الخاصة للعينات فى معمل الميكروبيولوجى بالعجوزة، وعرض النتائج، وأمر أيضاً بندب الدكتور طارق المرسى، مقدم الشكوى، للعمل مسئولاً للبحث العلمى، وندب الدكتور طارق إسماعيل، للعمل بالعيادة الطبية، وكلاهما فى مركز الدراسات التطبيقية لبحوث النباتات الطبية بكفر الجبل، بالإضافة إلى ندب الكيميائى المشكو فى حقه للعمل بمعمل الميكروبيولوجى (أ)، وندب الدكتور وائل محمد أبوالوفا للقيام بأعمال رئيس معمل الميكروبيولوجى (ج).

4

وقدم الدكتور طارق المرسى، الشكوى رقم 8849 فى 23 أكتوبر 2013، إلى وزير الصحة ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة، قال فيها إن رئيس الهيئة نقله بأمر إدارى ليس له سند قانونى إلى وظيفة وهمية ليس لها أساس بهيكل الهيئة، وذلك بعد شكوى قدمها بمخالفات أحد الكيميائيين بالمعمل، وطالب الوزير بالتحقيق فى هذه المخالفات. ورغم تعدد الشكاوى ضد مخالفات الكيمائى "كامل. م" فى المعمل الميكروبيولوجى "ج" وخلال العامين الماضيين لم تظهر أى نتائج لتحقيقات أو للتحليلات التى تمت على المضادات الحيوية.

5

لم يكن من المتوقع بعد مرور عامين على وجود شكوى خطيرة تخص أحد أهم الأدوية، والتى تشكك فى سلامة الإجراءات المرتبطة بدخول أدوية غير صالحة إلى السوق، أن يحدث شىء إيجابى بإجراء تحقيق دقيق فى الكارثة ومعاقبة المهمل، ولكن العكس حدث فأصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة القرار رقم 694 فى 12 أكتوبر 2015، بنقل الكيميائى "كامل. م" الذى يشغل وظيفة مساعد بهيئة البحوث من معمل الميكروبيولوجى (ج) بمركز الدرسات التطبيقية بكفر الجبل، لرئاسة معمل الميكروبيولوجى بمعامل الهيئة بالعجوزة، فى خطوة تعنى الإصرار من جانب أكبر رأس فى الهيئة على الاستمرار بالعبث فى صحة المصريين.

6

وتواصلت "الفجر" مع الدكتور أسامة بدارى، رئيس مجلس إدارة الهيئة، لتوضيح قراره الأخير، والرد على تساؤلات الجريدة عن هذا الملف الخطير الذى يعنى أن هناك إهمالا متعمدا من جانب الهيئة فى صحة المصريين، ولكنه طلب مهلة للرد.