"منظمات حقوق الطفل" تتبتي قضية عمالة الأطفال .. و الحكومة لا تمتلك أي أرقام رسمية حول عددهم



قضية العنف واستغلال الأطفال في مصر واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان ، وخاصة المهتمين بحقوق الطفل مما فرض على النشطاء في الفترة الأخيرة ضرورة الاشتباك الفاعل مع ظاهرة الإنتهاكات الواقعة على الأطفال ، وخاصة الاعتداءات الجنسية والإتجار بالأطفال ، واستخدامهم في الترويج للمخدرات.

وحسب إحصائيات المجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ، قد شهدت السنوات الأخيرة أيضاً بروزاً لقضايا بيع الأطفال واستغلالهم كسلعة للتجارة وليس فقط كوسيلة ، وهي القضايا التي لم تعد تنحصر في شبكات إجرامية لخطف الأطفال ؛ بل أصبحت تجارة شبه منظمة قائمة على الطواعية أكثر فأكثر، بمحاولة عدد من الأسر الفقيرة بيع أبنائها من أجل توفير المأكل والمشرب للأطفال الآخرين.

لماذا استغلال الأطفال ؟

وأسباب تفشي هذه الظاهرة داخل المجتمع المصري إلى الفقر المدقع، مما يدفع الأسرة إلى استغلال الأطفال في تحقيق كسب أو منفعة من ورائهم، وبذلك يتحّول الأمر إلى جشع يدفع الفرد إلى استغلال أبنائه في تحقيق نوع من الرفاهية في حياته على حساب حياتهم الشخصية ومستقبلهم.

ومما لا شك فيه أن تأثيرات سلبية كبيرة تقع على كافة أفراد أي مجتمع يتعرض مواطنوه للعنف خاصة الفئات المهمّشة والفقيرة، ولعل أسوء أشكال العنف هو الذي يقع ضد الأطفال، وهو الأذى الذي يلحق بهم أو نتيجة استغلالهم بشكل بدني أو جنسي، أو التهديد بالاستغلال أو الأذى، وأيضاً يُعدّ الإهمال واللا مبالاة ، وعدم تحمل المسؤولية، وحماية حقوق الأطفال في أماكن الإيواء ، أو دور الرعاية الرسمية وغير الرسمية ، كلها تُعدّ من قبيل إلحاق الأذى بالأطفال، وبالتالي يعد ذلك عنفاً موجهاً ضدهم .

وقد ظهرت أنواع مختلفة من استغلال الأطفال في مصر مثل: عمل الأطفال في بعض قطاعات الصناعة المحاجر – الكسارات ، وعمل الأطفال في قطاع الزراعة خاصة أطفال مزارع القطن المعرضين للرش بالمبيدات ، وأيضاً فإن هناك فئة كبيرة من الأطفال تعمل كخدم منازل مما يؤدي إلى استغلالهم ، وانتهاك حقوقهم في الحياة والنماء .

ولعل المجتمع الصحي والسوي هو الذي يبحث عن رفاهية أبنائه وعن مستقبلهم الآمن ؛ بل يجب على المجتمع أن يوفر لأطفاله دون أي مبررات حقوقهم في الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والتعليمية والاقتصادية، وأن يعمل بلا كلل لوقف الإيذاء والعنف ضدهم.

من المسئول ؟

على الرغم من أن الدساتير العربية اهتمت بالطفل، وكفلت حماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب وتوفير الظروف المناسبة لهم لتنمية ملكاتهم الفكرية، إلا أن الواقع مختلف كلياً عن اللوائح والقوانين ! .

ففي مصر على سبيل المثال صدر قانون الطفل سنة 1996م، وينص على رعاية الطفل العامل الذي لم يبلغ من العمر (18) عامًا، ويحظر فيه تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الـ (14) ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم (12) سنة، أما الطفل العامل فهو من سن (14 – 18) سنة، وله عدة اشتراطات حيث يحظر على صاحب العمل الذي يستخدم طفلاً أو أكثر تشغيله لأكثر من (6) ساعات في اليوم، يتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة، بحيث لا يعمل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة.

وعلى الرغم من ذلك لا يلتزم صاحب العمل في كل الأحوال بهذه الاشتراطات، بل قد يمارس أفظع أنواع الوحشية مع هؤلاء الأطفال ؛ لذا فالمسؤولية في هذه الحالة تقع على عاتق الدولة في الرقابة ووضع القوانين الملزمة.

إيذاء نفسي وعضوي درسنا ظاهرة عمالة الأطفال، وفي مقدمتها خدم المنازل الذين يتعرضون للإهمال والفقر والحرمان من الرعاية الأسرية حيث يعملون ساعات عمل كثيرة وغير محددة، وعلى الرغم من أن العمل في المنازل قد لا يكون خطرًا مثل أعمال أخرى، إلا أنه غالبًا ما يتعرّض فيه الأطفال للإيذاء النفسي والعضوي لتعرضه لكثير من الضرب والإهانة، وأحيانًا العدوان الجنسي .

أما الفئة الثانية فهم الباعة الجائلون، وهم فئة هامشية ضمن الفئات الدنيا في القوى العاملة ، وقد أثبتت الدراسات أن عددًا أكبر من الأطفال الذين يعملون كباعة جوّالين يبلغون عشر سنوات، كما أن 97% منهم بدؤوا العمل في سن مبكرة للغاية، وهم يتعرضون لمخاطر الطرق والمواصلات والإرهاق الجسماني المستمر، ويُفرض على أغلبهم معرفة العصابات وأصدقاء السوء.

أما العمالة في الزراعة فتبلغ نسبة الأطفال فيها 8 .77% وعلى الرغم مما تتركه من مخاطر صحية على الأطفال إلا أنهم يستقبلونها مع عائلاتهم كعادة مترسبة في المجتمع الريفي.

ويمثل الأطفال في المنشآت الصناعية والخدمية الصغيرة عمالة رخيصة بالإضافة إلى أنهم أكفأ في القيام بالأعمال اليدوية والنظام وخدمة العاملين، كما أن صاحب العمل يفضل الطفل العامل كي يتهرب من الشروط والالتزامات المتمثلة في التأمين الاجتماعي والضرائب، وهذه الأعمال تمثل خطورة كبيرة على الأطفال خاصة الصناعات التي تتطلب درجات عالية من الحرارة كصناعة الزجاج والمواسير والصناعات الكيماوية، وهناك فئة من الأطفال تعمل في جمع القمامة، ولذا يشعر الطفل بالدونية الاجتماعية والنفسية، ويتعرض لأمراض الحساسية .

ويقول سعيد أنه خرج من المدرسة بإرادته قبل ثماني سنوات والتحق بالعمل كـ استرجي بإحدى ورش دهان الأثاث المنزلي.

يستخدم سعيد الدهانات والكيماويات بأنواعها المختلفة في عمله، وربما تكون بعض هذه الدهانات قد عفي عليها الزمن فتنبعث عنها رائحة كريهة إثناء استعمالها مما يعرضه شخصيا للخطر ، لكن سعيد قال ان ليس له حول ولا قوة في هذا الشأن.

وكذلك انتشرت ظاهرة عمالة أطفال المدارس الابتدائية بالزى المدرسي ( المريلة) تجدهم منتشرين في كافة وسائل المواصلات والشوارع كبائعة جائلين اثبت الدراسات بنسبة 15% من طلبة المدارس الابتدائية يعملون باعة جائلين ، أما في الريف فيعمل مئات الألاف من الأطفال في فلاحة الأرض وجني المحاصيل برغم خطورة المبيدات الزراعية وأشعة الشمس ، لكن الخطر ربما يأتي من مكان أخر.


ويقول أحمد البالغ من العمر 14 عاماً في العمل واحد من قرابة 2.7 مليون طفل يعملون في مصر ، وهو يعمل في مغسلة ملابس وتبين قصة أحمد كيف يمكن أن يكون عمل الطفل صعباً.

فعمله لمدة 12 ساعة يومياً في محل تنظيف الملابس يتبع روتيناً مألوفاً يتمثل في أداء مهام مختلفة في المحل والحرص على إعادة الثياب إلى الزبائن في الوقت المحدد.

ويوضح أحمد قائلاً: أستيقظ في الصباح وأتوجه إلى عملي. وفي فترة بعد الظهر، أقوم بجمع الملابس من الزبائن وآخذها إلى المحل لكيّها ثم أعيدها إليهم ثانية ، وهذه الحياة ليست سهلة على مراهق صغير، ولكن أحمد يفضل ذلك على أن يكون في المدرسة .

ويرى صاحب المحل الذي يعمل فيه أحمد، إبراهيم السيد، وهو محام متدرب، أنه باستخدام أحمد في محله، فهو يساعده في تعلّم حرفة قد تضمن له مستقبله. ويقول السيد إبراهيم السيد: في البداية جاء أحمد لتقديم المساعدة في المحل فقط. لكنه أصبح يعرف الآن كيف يشّغل آلات التنظيف بالبخار، ويغسل الثياب ويفرزها حسب ألوانها المختلفة، ويكويها. لذلك فإن تعلم مهارة كهذه أفضل له، وفي جميع الأحوال فهو يعرف القراءة والكتابة .ا ن عودة الأطفال إلى المدرسة يعتبر هدفاً محورياً آخر والمهارات الاجتماعية لمساعدتهم في عدم التعرض للمشاكل. ويقول السيد محمد: “يتعرض أي صبي في عمر أحمد ويمر بنفس ظروفه للاستدراج لممارسة أشياء سيئة.

و مع تبنى إلغاء عمالة الأطفال كهدف سواء في مواثيق منظمة العمل الدولية أو بالنسبة للعديد من منظمات و هيئات المجتمع المدني أثيرت تساؤلات كثيرة حول تكلفة إنهاء عمالة الأطفال و المصادر و المواد المطلوبة لتحقيق هذا الهدف و ما هو العائد من ذلك؟ ، كما يهتم بهذه النقطة لتأثيرها على الاقتصاد القومي في إطار جهودها المستمرة لإلغاء عمالة الأطفال أصدرت منظمة العمل الدولية دراسة جديدة ، البحث اقرب ما يكون إلى دراسة جدوى لمشروع إلغاء عمالة الأطفال خلال عشرين عاما. تبدأ بحساب التكلفة و العائد من القضاء على عمالة الأطفال في جميع إنحاء العالم.

ورغم أن بعض المكاسب يصعب حسابها بالأرقام كالعائد من تطور الشخصية و القدرات الفردية بعد التعلم إلا ان النتائج أوضحت دون شك ان الإرباح و العائد من إلغاء عمالة الأطفال يفوق كثيرا التكلفة التي ستنفق لإتمام هذه المهمة.

وقد تكون نتيجة عمالة الاطفال عوائد لن تظهر مباشرة إذ إنها ستبدأ بعد نضج هؤلاء الأطفال وإكمال تعليمهم. ففي البداية ستكون النفقات أكثر من العائد ثم يبدأ بعدها التحول الكبير في النتائج من 2016 و حتى 2020. أما بعد ذلك فلن يكون هناك أية تكاليف فقط أرباح تمتد لأربعين عاما اى حتى سنة 2060. و تطالب الدراسة القطاع العام بتحمل هذا العبء وتخصص الأموال الكافية للاستثمار في تعليم هؤلاء الأطفال.

حيث أن النتائج في النهاية ستكون فائدة كبيرة سواء من الناحية الإنسانية حيث انتشال الأطفال من سوق العمل و توفير طفولة أمنة و كريمة لهم و هو احد أهم حقوق الطفل, أو من الناحية المادية والتطور القومي و العالمي. و بشكل عام ستكون التكلفة بمتوسط 54,9 بليون دولار سنويا في العشر سنوات الأولى و 135,8 بليون في العشر سنوات الثانية .

و أشارت منظمات حقوقية وخبراء إن ظروف العمل تختلف من مصنع لآخر، حيث يوفر بعضها الغذاء وحدا أدنى من الدراسة للأطفال العمّال، في الوقت الذي تستغلّهم فيه معامل أخرى وتسيء معاملتهم التي تصل حتى الضرب وكذلك زيادة ساعات الدوام الذي يمكن أن يتم حت أشعة الشمس الملتهبة. ولا تتوفر معلومات دقيقة حول العدد الحقيقي لهؤلاء العمال ناهيك أنّه عادة ما يتمّ الخلط بينهم وبين أطفال الشوارع .

هذه مسألة كارثية يتعين على الحكومة والمنظمات الدولية أن توليها ما تستحق من عناية ، ولا تملك الحكومة أي أرقام رسمية حول عدد الأطفال العمال، غير أنّ الدراسات أثبتت إلى أن عدد أطفال الشوارع في البلاد، بين سن السادسة والسابعة عشرة، يناهز مليونا ونصف مليون. وفي المدن الكبرى، مثل القاهرة، من العادة أن يشاهد الزائر أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم الخامسة، وهم يلاحقون السيارات لبيع العلكة والأزهار أو المناديل.

وعلى خلاف الأطفال عمال المصانع، ليس لهؤلاء الأطفال عائلات معروفة أو أنهم ببساطة فروا من أسرهم واختاروا العيش في الشوارع.

إنّه لا يتوفر في البلاد سوى أقل من 30 ملجأ لأطفال الشوارع أو الطفولة التي تعاني من ظروف معيشية صعبة، غير أن البلاد تضم أيضا 160 ملجأ خاصا. وكثيرا ما تعتقل الشرطة الأطفال الذين يبيعون العلكة والأزهار في الشوارع خشية أن يتحولوا إلى شباب مخرب للأملاك العمومية ومن ثم تضعهم في ملاجئ عادة ما يفرون منها لاحقا. ، وهو في التاسعة من العمر، أنه يعمل في أحد المصانع منذ عام، كسائق عربة مقابل 3.6 دولارا كل يوم لمساعدة والدته التي تعمل بدورها معينة منزلية ، وأضاف أنّ ما يتقاضاه نظير عمله يذهب للإنفاق على علاج والده المقعد ولذلك فإنني غير نادم على ترك مقاعد الدراسة لأنه بهذه الطريقة أحصل على المال .

إن عدد الأطفال الذين تسربوا من التعليم ويعملون في أعمال حسب إحصائية لعام 2007 حتي 2011 حوالي6.7 مليون طفل عامل .

أننا نتكاتف جميعا وننادى بعدم استغلال الأطفال نتيجة الفقر المدقع ونطالب بالتعليم ومستقبل أحسن لآلاف الأطفال الفقراء والمعدمين والمهمشين.

لمناهضة أسوأ أشكال عمل الأطفال وتوجيههم نحو التعليم، من خلال تشجيعهم للالتحاق بالمدارس بتقديم حوافز مثل دفع المصروفات المدرسية وشراء الزى المدرسي وتوزيع أغذية مدرسية يومية. من أجل رفع الوعي بظاهرة عمل الأطفال. جدير بالذكر أن المشروع نجح بالفعل في حماية وإعادة إلحاق لــ 4001 طفل تفشت ظاهرة عمالة الأطفال في مصر حيث أثبتت الدراسات أن 54% من أطفال الشوارع يقومون بإعالة أسرهم، أي أن الإعالة أصبحت عكسية بعد أن وصل عدد الأطفال العاملين تحت سن الرابعة عشرة نحو مليوني طفل يعملون في مهن شاقة.