أحمد فايق يكتب: السيسى فى ورطة
دراسة أجريت على 4 ملايين شاب فى 200 دولة على 3 سنوات: مصر ثالث دولة
فى العالم تمتلك قيادات شابة قبل ألمانيا وأمريكا وانجلترا وفرنسا
ستندهش كثيرا حينما تقرأ هذه الدراسة العظيمة، ستجد مثلى أن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى والحكومة فى ورطة حقيقية، لأنها تنسف كل النظريات التى تقول إن مصر بلا قيادات شابة، وأن الشباب غير مؤهل للقيادة الآن، سيندهش الشباب أنفسهم، لأنها تعيد لهم كرامتهم المفقودة وحريتهم الضائعة، ولن تندهش لماذا قاطع هؤلاء الشباب انتخابات مجلس النواب، وتركوها لكبار السن.
الدراسة من مؤسسة دولية تحمل اسم «ceb» وهى مؤسسة لها أفرع فى كل بلاد العالم تقريبا، ومقرها الرئيسى فى الولايات المتحدة الأمريكية، هذه المؤسسة بدأت دراسة مهمة فى 200 دولة فى العالم حول القيادات الشابة، وقامت بتحليل وتقصى 4 ملايين شاب فى هذه البلدان، تحدثت الدراسة عن قيادات الآن وقيادات المستقبل، ركزت على قطاعات البترول وإدارة الأعمال والتمويل والبنوك والطاقة والاتصالات والتعدين والتكنولوجيا.
وتقسم الدراسة المناطق الجغرافية إلى أربع مناطق:
أولا: مناطق لديها إمكانيات قيادة قوية بشكل عام سواء فى قادة اليوم والغد مثل تايوان، ألمانيا، السويد، سويسرا وأمريكا.
ثانيا: دولة قوية فى قادة اليوم ولكنها ضعيفة فى قادة الغد.
تتمتع هذه الدول بمعدل عالمى كبير للأفراد، وهناك مشكلة تتعلق بتوافر المواهب اللازمة لتولى القيادة فى المستقبل.
مثل: الصين، اليابان، سنغافور، تايلاند، فرنسا، بريطانيا، فنلندا، استراليا.
ثالثا: دول ضعيفة فى قادة اليوم وقوية فى قادة الغد.
هذه الدول تعانى من نقص القيادات اليوم ولكن لديها امكانيات قوية لقادة المستقبل، ولضمان استمرار فعالية هذه المجموعة القادرة على القيادة، لابد من الاهتمام الاكبر بتحديد هؤلاء القادة المحتملين خاصة أن معدلات النجاح بينهم تصل إلى واحد من كل عشرين.
تشير البيانات أن المعلومات عن الأشخاص تمتد إلى مرحلة ما بعد التوظيف إلى برامج التنمية لتعزيز فعالية أصحاب المناصب العليا، فضلا عن تحديد ثراء فى قادة الغد فى تلك المناطق الجغرافية ومن هذه الدول: الهند والدنمارك وإيطاليا وهولندا والبرازيل والمكسيك ومن الشرق الأوسط: مصر وتركيا.
لقد شملت الدراسة جدولا من 25 دولة تتوفر فيهم القيادات الآن ولم يتم تصنيف مصر ضمنهم، لأن لدينا ضعف فى توفر القيادات، وتصدرت هونج كونج القائمة تليها ألمانيا ثم انجلترا ثم استراليا ثم أمريكا ثم سويسرا ثم كندا ثم اليابان ثم سنغافورة.
المفاجأة الكبيرة أن الدراسة وضعت جدولا لأهم 25 دولة فى العالم تمتلك قيادات شابة للمستقبل، وجاء ترتيب مصر الثالث، واحتلت المركز الاول المكسيك بنسبة 53.9% ثم تركيا بنسبة 49.5 % ثم مصر بنسبة 44.1%، وجاء بعد مصر بلاد كبيرة فى العالم مثل أمريكا وألمانيا وانجلترا والدنمارك والسويد والصين، والدولة العربية الوحيدة التى ذكرت فى هذا التصنيف هى الإمارات وترتيبها الـ12 عالميا.
وأشار التقرير إلى أن الدول التى لديها تحديات قوية فى كل من الظروف الاجتماعية والاقتصادية وكذلك إمدادات أضعف لمواهب المبتكرين، هذه الدول يجب أن تكون أولوياتها تحديد وتنمية مواهب المبتكرين لدعم وبناء النمو الاقتصادى.
وتندرج مصر تحت هذه الفئة ومعها دول مثل تركيا، البرازيل، المكسيك، اليونان، بولندا، رومانيا، روسيا، الهند، إندونيسيا، وتايلاند.
وتم وضع ترتيب عام للدول فى مجموعتين الأولى التى لديها مهارات إدارية والثانية لديها مهارات أساسية ومكتبية.
وترصد الدراسة المهارات التى تتمتع بها كل منطقة، على سبيل المثال دول أوروبا الشرقية والغربية، لديها قوة فى مجالات المهارات الإدارية والمهارات الأساسية والمكتبية.
بالنسبة لأمريكا اللاتينية وأفريقيا، هناك دولة تشهد بشكل عام مواهب ناشئة مثل المكسيك، جنوب إفريقيا والبرازيل، ولكن هناك تحديات لهذه الدول متعلقة بانخفاض معدلات النجاح ومتوسط درجات المهارات التى تحتاج إلى مزيد من الاستثمار وفى التدريب والتعليم لرفع مستوى المهارات، تحديات مماثلة ظهرت فى الشرق الأوسط سواء على المستوى الإقليمى وبالنسبة لكل دولة على حدا. دول مثل مصر والإمارات والسعودية ليسوا ضمن أول 25 دولة فى المهارات المحددة أو المهارات العامة، الأمر الذى يظهر أن الفجوة فى المنطقة كبيرة بالنسبة للمهارات الأساسية اللازمة التى تحسن من سير منظومة العمل بشكل يومى.
ووضعت الدراسة العديد من المعايير لاختيار الشخصيات المناسبة للقيادة، منها صياغة رؤية مقنعة وفهم كيفية تحفيز الآخرين وتوفير اتجاه واضح والتواصل الفعال ودعم الآخرين من خلال التغيير، إنجاز الأهداف والغايات.
وصاغت الدراسة المعايير وفق هذه الاسئلة...
■ كيف تبدو إمكانيات القيادة على المستوى الجغرافى والقطاع الصناعى؟
■ ما هى المواهب التى تدفع الابتكار الفعال وكيفية توزيع تلك المواهب على الصعيد العالمى؟
■ ما القطاعات الأكثر عرضة للخطر من سلوك شعوبها؟
■ هل اختلال التوازن بين الجنسين لصالح الرجال للمناصب العليا مدفوع بالاختلافات فى القدرات القيادية؟
■ ما الآثار المترتبة على إصابة القوى العاملة بالشيخوخة على توافر القيادات فى المستقبل وديناميات العمل على مدى العقد المقبل؟
■ ما المناطق الجغرافية الأفضل على المهارات على المستوى العالمى؟
■ أين يمكن العثور على المواهب التى نحتاج إليها؟
وقالت الدراسة إن أمريكا الشمالية لديها قيادات بارزة اليوم فى الخدمات العامة والسلع الاستهلاكية، وسوف تتوافر لديهم فى المستقبل قيادات فى مجالات التأمينات والتكنولوجيا والسياحة، أما قارة آسيا فهى متميزة فى الخدمة العامة والتأمينات وفى المستقبل ستكون أكثر تميزا فى الرعاية الصحية والبنوك والتكنولوجيا.
وأوروبا الغربية لديها تميز فى قيادات التعدين والخدمة العامة والتمويل والبنوك وقادة المستقبل فى التأمينات والتكنولوجيا والسياحة.
واعتبرت الدراسة أن الشرق الأوسط لديه قادة حاليون فى البنوك والتعدين ومن المتوقع أن يكون لديهم قيادات مستقبلية فى الطعام والتبغ والاتصالات والسلع الاستهلاكية.
واعتبرت الدراسة أن الشباب المصرى لديهم قدرة كبيرة على التحمل والعمل تحت ضغط والمخاطرة والإبداع وسط الظروف الصعبة، حيث تم وضع شباب من دول غربية كبيرة فى نفس الظروف ولم يعطوا إبداعاً مثل الشباب المصرى.
الدراسة كبيرة ومكونة من 61 صفحة تحتاج لأن يتم وضعها دستورا لمصر، وأن يضعها رئيس الجمهورية أمامه على المكتب يقرأها كل يوم، ويفعل كل مسئولى الدولة مثله، لأنها بيان بالثروات التى تمتلكها مصر، الثروات التى فى عقول شبابها وليس فى باطن الأرض أو فى أعماق البحر، علينا أن نحلل هذه الظاهرة نفسيا.
لماذا ينسحب هؤلاء الشباب الآن من الحياة السياسية؟
لماذا لم يذهب شباب 25 يناير وشباب 30 يونيو إلى صندوق الانتخابات؟
لماذا تتأخر مصر فى ملف العدالة الاجتماعية؟
ولماذا متوسط أعمار قيادات الحكومة والمحافظات لا يوازى كفاءة الشباب المصرى؟
سأطبق مثالا واحدا أرجو أن يقرأه عاقل واحد.....
هناك معركة سنوية بين وزير التعليم أيا كان اسمه وبين الطلبة، فالامتحانات يتم تسريبها بآلاف الوسائل، يسعى وزير التعليم إلى فرض مزيد من الحصار على أوراق الاسئلة، يستأجر خبراء إليكترونيين لتتبع السارق، يسعى لتعديل القوانين ومعاقبة الذى يغش فى الامتحان بأبشع أنواع العقاب، هكذا ينظر وزير التعليم إلى الأمر.
تعالوا نقرأه بصوت آخر أكثر تعقلا، هناك فجوة زمنية بين التعليم الكلاسيكى فى مصر وشباب تويتر والفيس بوك، فهم أكثر تعمقا فى التكنولوجيا من أساتذتهم، ولو دخلت معهم صراعاً تكنولوجياً ستخسر بسهولة، الحل أن يتم تغيير الامتحانات والمناهج بحيث تعتمد على التفكير وليس الصم، ويتم السماح للطلبة بإحضار الكتاب الدراسى إلى لجنة الامتحان، فالتعليم فى العالم الآن أصبح لا يعتمد على مقرر إنما يعتمد على البحث العلمى متعدد المصادر، لو طلب من الطلبة عمل أبحاث لن ينفعهم الغش أو السرقة، لكننا نترك المشكلة ونبحث عن حلول توضح أن المسافة بين الطلبة والحكومة مثل المسافة بين بوجى وطمطم وبين «بان تان».
سيادة الرئيس أنت الآن فى ورطة ومطالب أن تستغل الثروة القومية للوطن بالشكل الأمثل، والبداية من عندك لأنك المسئول.