سفير السعودية في لندن: لا نقبل التهجم على سيادتنا

السعودية

بوابة الفجر



ردّ السفير السعودي في لندن الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود، على الحملة المنسقة التي استهدفت السعودية في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، بمقال قصير، مباشر ولا يخلو من تذكير بالمصالح البريطانية الكثيرة في علاقاتها بالسعودية وبالمنطقة العربية، نشرته صحيفة ذا تلغراف البريطانية، حذّر فيه مما أسماه بعبث من لا يرغب في استمرار علاقة الشراكة الاستراتيجية بين لندن والرياض، بما يخدم مصالح الطرفين.

واستهل الأمير السعودي، مقاله بوضع الأمور في نصابها متوجهاً للرأي العام البريطاني ومن ورائه صانع القرار، مذكراً بأن السعودية أولاً وقبل كل شيء "دولة ذات سيادة، قرارها وتوجهاتها بيد قيادتها، التي تتحرك بدورها على أساس الدستور الوحيد الذي تخضع له، القرآن الكريم، مصدر النظام القضائي السعودي المستقل".

الاحترام متبادل
هكذا انطلق الأمير في مقاله الذي سعى من خلاله إلى تسليط الضوء أكثر على بعض الخفايا، أو بعض الحقائق التي تغيب عن الأذهان حسب المقتضيات والظروف، مشيراً إلى أن السعودية، التي تحترم"التقاليد والعادات والدين والقوانين المعمول بها في بريطانيا، فإنها تنتظر في المقابل من بريطانيا نفس الاحترام، ليس من باب المنة، أو التكرم، بل من باب المعاملة العادلة وبالمثل".

مصالح مُهددة
وبعد التعميم، ينتقل الأمير السفير إلى التفصيل، والتشخيص للعلل التي ظهرت في الفترة الأخيرة على جسم العلاقات السعودية البريطانية، التي تعود إلى تاريخ سابق لإقامة الدولة السعودية في 1932، والتي قامت حتى الأسابيع القليلة الماضية، على أساس التعاون والتبادل والمصالح المشتركة، ما أتاح أفضل الفرص للتبادل التجاري والثقافي والعسكري بين البلدين بالتطور والازدهار، ولأكثر من 50 ألف عائلة على الأقل في بريطانيا والولايات المتحدة، من ضمان مصالح مالية قوية في السعودية، فضلاً عن تعزيز استثمارات السعوديين الخاصة في بريطانيا والتي تجاوزت 90 مليار جنيه استرليني.

حملة مُنظمة
ولكن هذا المناخ المثالي الذي كانت تتمتع به العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية وبريطانيا، تعرض في الفترة الأخيرة حسب السفير إلى "تعكير" صفوه أخيراً، بعد تصريحات زعيم المعارضة البريطانية الجديد جريمي كوربن، التي أكد فيها أنه أقنع رئيس الحكومة ديفيد كاميرون، بالانسحاب من استشارة نظمتها السعودية حول سجونها بقيمة 5.9 ملايين جنيه استرليني، وذلك في ذات الوقت الذي تزايدت فيه التلميحات والربط بين إلغاء المشاركة في الاستشارة وبعض الأحدات التي عرفتها الساحة الداخلية السعودية في الفترة القليلة الماضية. 

تحذير
ولم يتطلب الأمر من السفير السعودي، سوى بضع أسطر ليُحذر أصحاب القرار البريطاني من هذه التطورات الجديدة وخطورتها على العلاقات بين البلدين بقوله: "وإذا خضعت العلاقات التجارية الوثيقة بين البلدين إلى بعض الأيديولوجيات السياسية، فإن هذا التبادل الاقتصادي العام بين البلدين معرض لمخاطر وتهديدات جدية"، قبل أن يُضيف "طبعاً نحن نسعى إلى ضمان واستمرار هذه العلاقات، ولكننا لا نقبل أيضاً أن يرتبط استمرارها بتلقي دروس من أي طرف كان"، ذلك أن "القرارت المتسرعة الرامية إلى تحقيق مكاسب سريعة على المدى القصير، تتسبب في أكثر الأحيان في أضرار كبيرة على المدى الأبعد".

ولتوضيح وكشف هذا التسرع، يقول الأمير محمد بن نواف، إن السعودية تعرضت إلى حملة مغرضة "حول دور المملكة في محاربة التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، وهي التي بذلت أكبر الجهود مقارنةً بدول أخرى، لمكافحة الإرهاب، الذي يستهدفها بدرجة كبيرة".

إنقاذ الأرواح
وعلى مستوى المعلومات والاستخبارات، كانت المملكة "ولا تزال مصدراً رئيسياً للمعلومات الاستخباراتية التي ساهمت في حماية أمن بريطانيا نفسها، ففي 2010، نجحت بريطانيا مثلاً في تفادي عملية إرهابية كبرى كان تنظيم القاعدة يُخطط لتنفيذها بتفجير طائرة شحن فوق بريطانيا، بفضل المعلومات التي أمدتها بها السعودية".

ولم يُنكر رئيس الحكومة البريطانية نفسه أهمية وقيمة المعلومات السعودية، وهو الذي قال في تصريحات صحافية أخيراً: "منذ أن توليت رئاسة الحكومة، أعرف أن المعلومات التي أمدتنا بها المخابرات السعودية، أنقذت أوراح المئات من المواطنين البريطانيين".

ويُعدّل السفير الرواية الرسمية لرئيس الحكومة" وانطلاقاً من معرفتي بهذه المعلومات، أقول إن العدد في الواقع بالآلاف لا المئات".

محاور حملة
ويُضيف الأمير محمد بن نواف، إن الهجمة المنظمة ضد السعودية، تتبين معالمها من حجم الادعاءات والإيحاءات الهادفة إلى تشويه صورتها ومكانتها، بعد أن ارتفعت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة، مثل القول إن حادثة منى أثناء موسم الحج الأخير"سببها مرور موكب لولي ولي العهد السعودي، بالمنطقة ما تسبب في وفاة المئات" أو اتهام السعودية بالتقصير في مساعدة اللاجئين السوريين، والحال أن المملكة تكفلت بمساعدة 2.5 مليون نازح ولاجئ سوري" وغيرها من الادعاءت الكثيرة التي تهدف إلى التشويش على سمعة وصورة السعودية.

صوت العقل
واختتم الأمير محمد بن نواف مقاله في الصحيفة البريطانية، بالتلميح إلى صوت العقل والتعقل الذي جاءت به تصريحات وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، في مؤتمر لحزب المحافظين الذي قال إن "أمن الخليج من أمن بريطانيا"، وهو الأمر الذي نعتقده أيضاً ونشاطره فيه الرأي، وإذا كانت "مصالحنا الاستراتيجية المشتركة معرضة لتهديدات كثيرة ومتنوعة في السنوات القادمة، فإن ضمان استمرارها لن يكون إلا بمعاملة السعودية بالاحترام والتقدير اللائق بها، والذي تتعامل به وعلى أساسه المملكة مع المملكة المتحدة".