مصر والأمم المتحدة.. تاريخ من العمل الدولي البنّاء
نشرت وزارة الخارجية المصرية عبر صفحتها على "فيس بوك"، تقريرا حول العلاقات بين مصر والأمم المتحدة، بمناسبة فوز القاهرة بالمقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي.
وأشارت إلى أن الدستور المصري ينص علي "أن مصر هي ملتقي الحضارات والثقافات في العالم، وهي مركز التقاء خطوط التجارة والاتصال، فهي وطن المصريين، كما أنها تحمل رسالة حب وسلام إلي جميع شعوب العالم".
ومن هذا المنطلق لعبت مصر علي الدوام دورا فاعلا في المنظمات الدولية وعلي رأسها بالطبع منظمة الأمم المتحدة، فكان طبيعيا بناء علي دورها الفاعل في حفظ السلم والأمن الدوليين خلال العقود الأخيرة أن تفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي لعاميّ 2016-2017 خلال الانتخابات التي جرت في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 أكتوبر الجاري، حيث حصلت مصر على 179 صوتا، وهو ما يزيد عن ثلثيّ الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والبالغ عددهم 193 دولة.
وبإلقاء نظرة سريعة علي تاريخ مصر في المنظمة الدولية، نجد أن مصر كانت أحد الدول المؤسسة للمنظمة من خلال مشاركتها في وضع ميثاق الأمم المتحدة الذي قامت عليه المنظمة الدولية عام 1945، حيث أيدت مصر من البداية إقامة نظام دولي متعدد الأقطاب تلعب فيه الأمم المتحدة دورا فاعلا.
وتعد هذه المرة السادسة التي تشغل مصر فيها أحد المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن، حيث كانت البداية عام 1946 وهو العام الذي شهد تشكيل مجلس الأمن، ثم تم انتخابها فيما بعد في الأعوام التالية: 1949-1950، 1961- 1962 الجمهورية العربية المتحدة (أثناء الوحدة بين مصر وسوريا) ثم عاميّ 1984-1985، وكانت المرة الخامسة عاميّ 1996-1997. بالإضافة إلي ذلك فإن مصر عضو في جميع الهيئات التابعة للأمم المتحدة. وقد تولي الدكتور بطرس بطرس غالي منصب أمين عام الأمم المتحدة من عام 1992 وحتي عام 1996، وهو الوحيد الذي شغل هذا المنصب من المنطقة العربية.
وتضم منظومة الأمم المتحدة للتنمية في مصر 23 وكالة وبرنامج وصندوق يطلق عليها "الوكالات المقيمة" وهى: منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) ، منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) ، منظمة العمل الدولية ( ILO) ، الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية (ITU) ، برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS) ، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UNHABITAT) ، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) ، مركز الأمم المتحدة للإعلام (UNIC) ، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) ، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) ، مكتب الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث (UNISDR)، هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UNWOMEN) ، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ، مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) ، الاتحاد البريدي العالمي (UPU) ، متطوعي الأمم المتحدة (UNV) ، برنامج الأغذية العالمي (WFP) منظمة الصحة العالمية (WHO) ، بالإضافة إلى منظمة الهجرة الدولية (IOM) ، والبنك الدولي (WB) والمؤسسة المالية الدولية(IFC). وتعمل هذه الوكالات بالتنسيق مع الحكومة المصرية من أجل تنمية القدرات الوطنية في شتي المجالات.
كذلك يوجد بمصر مكاتب اتصال لكل من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (UNRWA) ومنظمة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة .(UNTSO).
وقد لعبت مصر دورا رئيسيا في تسوية الكثير من النزاعات منذ إنشاء الأمم المتحدة بصفتها عضو مؤسس في عدد كبير من المنظمات الدولية وعلي رأسها جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي.
ولعل أحد المجالات الأساسية المرتبطة بتسوية النزاعات، والتي احتلت مصر فيها موقعا مميزا هو مجال عمليات حفظ السلام، حيث دعمت مصر هذه العمليات منذ تأسيسها عام 1948. وكانت أول مساهمة مصرية في عمليات حفظ السلام في الكونغو عام 1960، ومنذ ذلك الحين ساهمت مصر في 37 مهمة لحفظ السلام، بمشاركة 30 ألف من قوات حفظ السلام، تم نشرهم في 24 دولة في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
وتعتبر مصر حاليا من الدول الرئيسية في عمليات حفظ السلام، حيث تساهم حاليا ب2659 من أفراد الجيش والشرطة في تسع مهمات لحفظ السلام حول العالم. كما قدمت مصر أرواح 28 من جنودها من أجل تحقيق السلام. وتستضيف مصر مركز القاهرة الإقليمي لتسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا الذي أنشأته وزارة الخارجية المصرية عام 1994، وهو أحد مراكز التميز الأفريقية في مجال حفظ السلام.
وانطلاقا من إيمان مصر الراسخ بالارتباط الوثيق بين الأمن والسلام من جهة، والتنمية وبناء قدرات الشعوب من جهة أخري، دشنت مصر "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية" بهدف تقديم الدعم الفني للدول الأفريقية والإسلامية لتحقيق التنمية المستدامة. وقد أعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إطلاق الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في الخطاب الذى ألقاه خلال القمة الثالثة والعشرين للإتحاد الأفريقي بمدينة مالابو لتبدأ الوكالة عملها رسمياً اعتباراً من الأول من شهر يوليو عام 2014.
وتعد هذه الوكالة تطويراً مهماً للذراع التنموي للسياسة الخارجية المصرية، حيث تعمل بشكل أساسي علي دعم المشروعات التنموية الكبري في أفريقيا وغيرها من الدول الصديقة النامية بالتركيز على مجالات التنمية وليس فقط تقديم المعونة الفنية لاسيما في المجالات التى تتمتع مصر فيها بميزة نسبية كبيرة، مثل مجالات الاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الصحية، والزراعة، والطاقة، وكذلك العمل علي تنفيذ مشروعات مشتركة في هذه القطاعات ونقل الخبرات المصرية وتأهيل الكوادر في مختلف المجالات.
ولم تقف المساهمات المصرية في الأمم المتحدة عند هذا الحد، حيث توجد قائمة طويلة من المبادرات التي تشهد علي حيوية الدور المصري في السعي الجاد لتحقيق السلم والأمن الدوليين، ومن أبرزها "مبادرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل"، وكذلك دورها في وضع قضية مكافحة الإرهاب علي أجندة الأمم المتحدة، حيث لعبت مصر دورا كبيرا في تطوير دور الأمم المتحدة في هذا الملف بما في ذلك تطبيق استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمحاربة الإرهاب.
وتابعت: كان من الطبيعي بعد هذا التاريخ الحافل من المشاركة البناءة في مختلف مناحي العمل الدولي، أن تسارع الكثير من الدول إلي إعطاء صوتها للترشيح المصري، وهو إنجاز لا شك ينسب إلي الدولة المصرية ومؤسساتها، كما يعد اعترافا من العالم بنجاح ثورة 30 يونيو في العبور بمصر إلي مرحلة جديدة من الاستقرار وإرساء المؤسسات الوطنية. وفي هذا الصدد يتطلع شركاء مصر الدوليين إلي العمل معها خلال العامين القادمين من أجل خدمة قضايا السلم والأمن الدوليين في ظل ما يواجهه العالم من مخاطر وتحديات غير مسبوقة، في مقدمتها ظاهرة الإرهاب واستشراء الفكر المتطرف. كما تعوّل الدول الأفريقية، وكذلك الدول العربية والإسلامية كثيرا علي الدور المصري من خلال مجلس الأمن والذي كان دوما يتصدي للدفاع عن حق الشعوب المشروع في الأمن والاستقرار والتنمية.