نصار عبدالله يكتب: أحزان على زكى

مقالات الرأي



مثلما كان الحاج محمد مدبولى أشهر بائع للصحف والكتب فى مصر والعالم العربى، مثلما كان يفخر بأن من بين زبائنه صفوة السياسيين والفانين والكتاب، وعلى رأس هؤلاء الزبائن الرئيس محمد نجيب والرئيس جمال عبدالناصر، اللذان كان لا يكف عن الإشادة بهما كلما عرضت لذلك مناسبة.. وقد خطر لى يوما أن أسأله إن كان الرئيس أنور السادات أيضا من بين زبائنه فأجابنى بأنه للأسف لم ير السادات شخصيا قط، وطبعا لم يشتر منه أى كتاب!!، وعندما سألته عن حسنى مبارك أجاب بأنه لا يظن أن مبارك قد اشترى كتابا واحدا فى حياته.. لا من عنده ولا من عند سواه!!.. مثلما كان الحاج محمد مدبولى الذى تحول من بائع صحف وكتب، إلى صاحب مكتبة كبرى، ثم بعد ذلك إلى ناشر كبير ينافس أعتى الناشرين فى القطاعين: العام والخاص، المصرى والعربى.. مثلما كان مدبولى (رحمه الله) دائم الفخر بزبائنه،.. فإن بلدياته، أو إن شئنا الدقة، ابن محافظته: «سوهاج» الحاج على زكى، الذى لم يسافر إلى القاهرة مثل الحاج محمد ولم يحاول أن يجرب حظه بها، وآثر أن يظل مقيما بمدينة سوهاج، مكتفيا بشهرته المحلية كأشهر بائع للصحف والكتب فى عموم المحافظة،.. الحاج على زكى يفخر أيضا بزبائنه من أبناء المحافظة أو الذين درسوا بجامعتها ثم أصبحوا نجوما فى الصحافة والإعلام والفكر والأدب، لكنه يتنهد فى أسى لأن سوق الكتاب المطبوع والصحيفة المطبوعة ينحسر تدريجيا بعد أن تعرض لمنافسة ضارية من الكتاب الإلكترونى والصحيفة الإلكترونية!!، وليت المشكلة تقف عند هذا الحد، فما هو أكثر إثارة للحزن والأسى فيما يقول الحاج على أن القراءة الجادة نفسها قد تقلصت، ولم تعد الأجيال الجديدة أجيالا قارئة جيدة حتى للكتاب الإلكترونى ذاته.. يتذكر على فى أسى شديد أيام زمان حينما كان هناك مثقفون، وقراء حقيقيون يستعرضون دائما أحدث ما وصل إليه من الكتب، ويشترون ما يستطيع شراءه منها ثم يتطلعون فى حسرة إلى الكتب التى عجزوا عن شرائها. يقول..دعنا من أساتذة الجامعة لأن القراءة جزء من مهنتهم وأكل عيشهم، وحتى هؤلاء، قد تدهور مستوى القراءة تدهورا كبيرا لدى الأجيال الأخيرة منهم!!، هل تتذكر جيلك وجيل الدكتور حلمى عزيز والدكتور محمد غيطاس رحمه الله وكمان جيل الدكتور مصطفى رجب؟؟ ومع هذا فإن أغلب الزبائن أيام زمان كانوا طلابا وميزانياتهم محدودة جدا غالبا.. لكنه فيما يقول كان يتعاطف مع الزبون الذى يشعر أنه قارئ ومثقف حقيقى وعاجز عن الشراء،.. يكتفى الحاج منه بما اشترى، ويقدم له الكتاب الذى عجز عن شرائه لكى يقرأه على سبيل الاستعارة ثم يعيده إليه.. (لم يفعلها بالطبع إلا مع عدد محدود جدا من الزبائن)، لكنهم جميعا برهنوا على حسن ظنه فيهم وأصبحوا فيما بعد قادة للفكر والرأى والإعلام، يقول على: «أهم من إنك تبيع.. إنك تشعر بأنك بتساهم فى صناعة العقول.. بلد فيها مثقفين يعنى بلد لازم حتتقدم، وبلد جهلة لازم حتروح فى داهية!.. بالمناسبة تفتكر إننا إحنا حاليا رايحين على فين يادكتور ؟؟"..يراجع على زكى شريط الأسماء التى وردت عليه وكانت من بين زبائنه:.. عبدالرحمن رشاد على السيد شارل المصرى عمر حسانين خيرى رمضان حازم الحديدى أحمد الشهاوى إسماعيل العوامى خالد حسن محمد المعتصم ياسر الزيات فارس خضر جرجس شكرى محمد العسيرى سامى كمال الدين أحمد المريخى أحمد موسى محمد حبوشة إبراهيم البهى ماهر مقلد عمر نجم (رحمه الله).. أحيانا يتوقف على زكى عند اسم معين من الأسماء التى يذكرها ويتنهد قائلا.. خسارة الولد ده والله!! ليه ياعم على.. أهو خسارة وبس،.. كان ولد كويس وبيقرا كويس !.. طب وإيه اللى حصل منه ياعم على؟..الحاج على لا يريد أن يبوح بما فى نفسه ولعله يفترض أنى قد التقطت المغزى دون تصريح صريح... يواصل الكلام ما يعجبنيش وبس، ومن فضلك ما تسألتيش ليه.. أنا ناظر مدرسة،.. اللى يعجبنى فيها أقول له: الله ينور عليك، واللى ما يعجبنيش أقول عنه: خسارة.. ألف خسارة عليك يافلان، وكمان فلان!!.. وفلان كمان، هذا هو كلام ونظام ناظر مدرسة على زكى للصحافة والثقافة.