د. أحمد يونس يكتب: أخـــبار أحـــلام سـيادتك إيه؟
● شمس البـارودى، كابتن فريق المعتزلات، أو نائبتها أمـيرة الدعاة ســحـر هانم حــمـدى، هل نتوقع من إحداهما أن تفـتينا برأيها فى مواقف السلفيين ضد فكرة الوطن أو حرية الإبداع؟ لست فى الحقيقة متفائلاً.
● حضرات السادة الحيوانات: مــن الأسد المفترس حتى ملكة الكوبرا ذات القرون، مــن القرش الأبيض العملاق الذى يستعذب اللحم البـشــرى حتى تمساح الأريزونا الذى يعشق التهام الأطفال، مــن العناكب السامة حتى الخفافيش الرمادية مصــاصة الدماء.حضرات السادة الحيوانات: مــن الشمبانزى أو الغوريلا حتى الفهد أو الخرتيت مــن الســلعوة التى تخطف النوم من عيون الرجال والنساء فى أكواخ الفلاحين حتى الذئاب التى تعوى من قــلب الليل، بينما هى تتحرق شوقاً إلى ممارسة النهش. يا كـل أعدقائى الحــيوانات على ظهر كوكب الأرض. أعترف أمامكم باسم الإنسانية بالجرائم البشعة التى يرتكبها، خاصة ضد البشــر، بعـض مـن ينتمون، ظاهرياً فقط، إلى بنى آدم.
● السؤال طرحته على ابنتى، ذات مرة من زمان، عندما كانت صــغــيرة: كيف يا بابا نرى عـبدالحــليم حافظ، بينما هو يجرى ويقفز ويتكلم ويغنى مع أنه مات من سنين؟ ولم أعـرف بماذا أجيبها، فاكتفـيت بالقول: الإنسان يا صغيرتى يسعى إلى الاحتفاظ بأحبائه أطـول مــدة ممكنة. لست متأكداً من أنها استطاعت يومها أن تفهم ما أعنيه. كان الشعور القاسى بالفقد حين يرحل شخص نحبه أكـبر من أن تستوعبه طفولتها. محاولة استبقاء الراحلين لم تبدأ فى الحقيقة مع السينما، فلقد سبقتها الصـورة الفوتوغرافية غـيـر المتحركة. كما سبقتها اللوحات المبهرة التى أبدعها الرسامــون العــظـام من أمثال ليوناردو دافينشى أو جويا أو رمبرانت أو فان جوخ أو بيتر بروجل. أروع ما فــى هذه اللوحات هو أنها تقبض على اللحظة لتثبتهـا. الواحد من هؤلاء الفنانين الشوامخ ينتقى اللحظة التى يريد أن يتوقف عندها الزمن. ثم يأخذ فى اختيار التفاصيل التى تهب قـطعة القمــاش دورتهـا الدمـوية الخاصة. الموت ـ فــى أحـــد مظاهره ـ كان يعنى أننا لن نرى أو نسمع الشخص الذى رحل مرة أخرى. بالصورة الفوتوغـرافية غــير المتحركة أو اللوحــات المبهــرة أصـبحـنا نـراه رغـم الرحــيل. كنا فــى الواقــع قد انتصــرنا ـ بشكــل ماـ على أحـــد مظاهر الموت. لكن السينما أو كاميرات الفيديو هى التى مكنتنا من أن نسمع الراحل ونراه، كأنه مازال معنا. تلك واحـدة فقط من كرامات السينما الجميلة.
● أخـــبار أحـــلام سـيادتك إيه؟ تعالى نحلم معاً: خلال 30 عـاماً، سيكــون الوطـن العربى كله، بما فى ذلك فـلسـطين، قد تحرر من الاستعمار بشكله الاستيطانى أو بالريموت كنترول. خلال 30 عـاماً على الأكثر، سيتعلم الأطفـال من الدار البيضاء إلى عـــدن أن كـل شــىء يبدأ بالحرية. خلال 30 عـاماً، ستعود الشوارع بلا قمامة، كما نراها فى أفلام الأبيض والأسود التى ظهرت منذ 70 عـاماً أو يزيد. خلال 30 عـاماً، ستكون الأمية أو التطرف أو الأمـراض الوبائية أو الرقابة أو الأنيميا أو العشوائيات أو الإرهاب قد أصبحت جميعها من الأمراض التاريخية التى اختفت إلى غــير رجعة. خلال 30 عـاماً، أو ربما أقل، ستكون المرأة قد خلعت نهائياً ملابس الجارية لترتدى ثوب المواطنة الحرة. خلال 30 عـاماً، على أسوأ الفروض، لن نتحدث عن الديمقراطية أو حقوق الإنسان لأنها سوف تصبح مــن البديهيات. خلال 30 عـاماً مــن الآن، سيكون من حـــق كـــل شخــص أن يعبر عن أفكاره أو عقائده، أياً ما كانت، بلا خــوف من أن يقطع رأسـه السياف مسرور. على فكرة: كل هذه أحـلام دونتهـا فى أجندة قــديمة منذ 30 عـاماً.