رغم اتهامه بـ"التخابر".. "أشرف مراون" حصل على وسام الجمهورية من "السادات"
رغم أنه قتل في 27 يونيو 2007 إثر إسقاطه من شرفة منزله بلندن، مازال أشرف مروان، لغزا يبحث عن حل، وتتجدد المطالبات بفتح ملفه مع الاحتفال كل عام بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، التي تعيشها مصر هذه الأيام.
وتباينت الآراء حول دور مروان، فيها، وهل كان عميلاً وطنيًا لصالح المخابرات المصرية، ولعب دورا في تضليل العدو الإسرائيلي، أم أنه إنحاز لجهاز الموساد، وهل دفع حياته ثمنا لوطنيته.
من هو مروان
ولد مروان في عام 1945 لأب كان ضابطا بالجيش، حصل على بكالوريوس العلوم في عام 1965 وعمل بالمعامل المركزية للقوات المسلحة ثم مساعدًا لجمال عبد الناصر، حيث تزوج من ابنته منى عبد الناصر، وفي سنة 1970 أصبح المستشار السياسي والأمني للرئيس الراحل أنور السادات، وذلك بعد وفاة عبد الناصر، ولعب دورًا في إنقاذ شرعية السادات من محاولة إنقلاب مراكز القوى عليه.
حيث أبلغه بما يخططه سامي شرف وشعراوي جمعة والفريق محمد فوزي، ضده، وهو ما مكن السادات، من الإطاحة بهم، وقبول استقالاتهم الجماعية، وقتما قال عبارته الشهيرة "هما قدموا استقالتهم وأنا قبلتها".
وترأس الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979، ثم توجه إلى بريطانيا بعد تقاعده كرجل أعمال وتوفى فيها في 27 يونيو 2007.
ومنح السادات، أشرف مروان، وسام الجمهورية من الدرجة الأولي تقديرا لما قام به من جهود خلال حرب أكتوبر 1973.
الصحف العبرية كشفت علاقته بإسرائيل
اهتمت الصحف العبرية اهتمام كبير بوفاة أشرف مروان، واتهامه بإنه عميل مزدوج، حيث كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت: أن هناك غموضًا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بأنه كان عميلا مزدوجا ما بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، وأنه كان يخشى على حياته منذ أن كشفت إسرائيل عام 2003 أنه عميل كبير للموساد، وأنه سبب في إخفاق مؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا أنه لا يوجد أساس لهذه النظرية.
جنرال إسرائيلى يعترف: العميل ضحك علينا
ومن جانبه قال اللواء إيلي زعيرا، الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب عليها، في كتاب صدر في العام 1993، إن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج، غير أنه لم يذكر اسمه في ذلك الكتاب، لكن الصحافة الإسرائيلية قامت بنشر اسم "مروان".
وثائق اسرائيلية تكشف أكبر صفعة
وفيما بعد نشرت الصحف العربية "الوثائق الإسرائيلية" وكتاب "حرب الغفران: الأيام الستة"، وجاء فيهما الاسم الحركي للعميل (بابل) والذي كان مقربا من الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، وأنه كان بحكم موقعه مطلعًا على أدق أسرار الدولة العسكرية.
وفي هذه الوثائق تقول المخابرات الإسرائيلية أن أكبر صفعة تلقاها الموساد، كانت على يد أشرف مروان، وأنه خدعهم واقنعهم بأنه يعمل معهم، وأنه هو السبب في ألا يأخذ الإسرائيليون الأخبار عن حرب أكتوبر مأخذ الجد.
حيث قام بإرسال عدة رسائل للمخابرات الإسرائيلية من يوم 1 أكتوبر إلى السادس من أكتوبر، بعلم وتخطيط الرئيس السادات، يحذر فيها من قيام القوات المصرية بعبور القناة دون أن يحدث شئ، إلا أنه في يوم السادس من أكتوبر، قام بالابلاغ عن اليوم وذكر أن العبور سيتم في الساعة السادسة مساء، والحقيقة أن العبور تم في الثانية ظهرًا، وهو ما وصفه جنرالات الموساد بأنه أكبر عملية تضليل تعرضت لها المخابرات الإسرائيلية.
إتهام الموساد بقتله وسرقة مذكراته
ألمح الكاتب الإسرائيلي أهارون بيرجمان في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت، إلى أن تصفية مروان، جسديا تبدو أقوى من احتمال الموت الطبيعي أو الانتحار.
ومن جانبه أشار جمال نجل أشرف مروان، في إفادته أمام الشرطة البريطانية إلى احتمال أن تكون إسرائيل هي التي اغتالت والده, بقوله: "إن أبي لم ينتحر، لقد مات كما عاش جنديا وطنيا من أجل الأمة المصرية".
والأخطر أن المذكرات المهمة التي كتبها الدكتور أشرف مروان، اختفت من منزله بوسط لندن يوم وفاته, إثر سقوطه من الشرفة ونقلت صحيفة "تايمز" البريطانية عن مصادر مطلعة قولها: "إن النسخة الوحيدة المعروفة من مذكرات مروان، التي تألفت من ثلاثة أجزاء يقع كل منها في200 صفحة ،اختفت مع الشرائط المسجل عليها مضمون هذه المذكرات".
همس زوجته في إذن جمال مبارك
شيعت جنازة مروان من مسجد عمر مكرم بمصر الجديدة، حيث أقيمت صلاة الجنازة التي أمها الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر وقتها.
وشارك في الجنازة صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق وجمال مبارك وعدد من الوزراء وكبار المسئولين، وخلال الجنازة التقطت عدسات المصورين مشهد شهير، لحديث هامس بين أرملته منى عبدالناصر، وجمال مبارك، نجل الرئيس مبارك الذي كان يحكم البلاد وقتها، ليخرج بعدها مبارك، ويعلن أن مروان كان وطنيا مخلصًا، ولعب دورًا بطوليًا في إحراز إنتصارات أكتوبر، لم يحن وقت الكشف عنه.
تقارير خارجية تكشف تفاصيل مثيرة
في سياق متصل يرى الخبراء أن مبارك لم يشئ أن يكشف عن دور مروان؛ لأنه يتصل بخيانة تورط فيها أحد حكام العرب،
حيث عرضت محطة ميلتري الأمريكية - وهي محطة متخصصة بعرض البرامج ذات الطابع العسكري، برنامجا وثائقيا عن حرب أكتوبر، كشفت فيه النقاب عن أن أشرف مروان قد أنقذ حياة آلاف الجنود المصريين الذين عبروا القنال في حرب أكتوبر، من وشاية الملك حسين ملك الأردن وقتها، الذي طار بنفسه الى تل أبيب للإبلاغ عن موعد الهجوم المصري السوري المشترك.
ووفقا للبرنامج فإن أشرف مروان، هو الذي حال دون أخذ اسرائيل بوشاية الملك العربي، والتي كانت ستسفر عن مقتل آلاف الجنود المصريين فيما لو فتحت اسرائيل أنابيب النفط التي كانت ستحول القنال الى بركة من النار،
مصاهرة عمرو موسى "شهادة وطنيته"
وعلى الرغم من أن علاقات الزواج والمصاهرة، تعد من الأمور الشخصية، ولكن يرى المحللون أن عمرو موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية، علما بأن هانيا عمرو موسى انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة، ولكنه لو كان خائنا ما كان والدها ليسمح بهذه الزيجة، وهو في منصبه شديد الحساسية.