تصريحات الاحتلال.. "عنترية" يقتلها الجيش المصري في الميدان (تقرير)

تقارير وحوارات

تعبيرية
تعبيرية

شتان بين النصر والهزيمة.. بين الشعور بمرارة الانكسار ونشوه الإحساس بالنجاح.. إما أن تكون منتصرًا قويًا وبالتالي تصول وتجول وتصرح هنا وهناك بأنك القوي المتين والأسد الذي لن يستطع أحد افتراسه، أو أن تكون مهزومًا فتنم كافة تصريحاتك عن انكسار وضعف. 

قبل حرب 6 أكتوبر 73 خرجت تصريحات قادة الاحتلال الإسرائيلي تستخف من المصريين وجيشه الوطني وتحمل وعيدًا وتهديدًا لمن يفكر في الاقتراب من خط برليف.. بينما اختلف نبرة تصريحاتهم عقب الهزيمة التي تلقوها في الحرب على يد الجنود المصريين واعترفوا بهزيمتهم وتبدلت بطبيعة الحال تصريحاتهم..
 
قبل الحرب استخفوا بقدرات الجيش المصري فكانت تصريحاتهم "سنحولهم إلى رماد"، وأثناء الحرب "نحن في عرض مشاركه حتى كبار السن ليس الجنود الاحتياط فقط"، وبعد الحرب " لقد تصورت في وقت من الأوقات أن المصريين قد ربطوا الجنود بسلاسل إلى الأرض".

قبل الهزيمة 
جولدا مائير رئيسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي حينئذ، قالت قبل حرب أكتوبر مستهينة بقدرات مصر القتالية: "إذا كان أنور السادات عاجزاً عن الحرب، وإذا كان يعلم تماماً أن الهزيمة الساحقة المنكرة هي النتيجة المحتومة! فلماذا لا يقبل المفاوضات مع إسرائيل!؟".

وكان لموشى ديان وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي في تلك الفترة العديد من التصريحات التي تفيض بالغرور قبل حرب أكتوبر منها على سبيل المثال ما قاله بمؤتمر صحفي فى22 نوفمبر 1969: "إن خط بارليف منيع مستحيل اختراقه.. إننا أقوياء لدرجة تكفى لكي نحتفظ به إلى الأبد وأي عملية عبور مصرية إذا حدثت ستلقى الرد الحاسم ولن تؤثر على قبضة إسرائيل الحازمة على خط بارليف".

وقال أيضًا في 15 نوفمبر 1970 أمام الكنيست الإسرائيلي: "أنه إذا فضّل المصريون استخدام القوة وعبور قناة السويس فإني أعلن أن قواتهم ستتحول إلى رماد"، وفى 19 سبتمبر 1971 أذاعت الوكالة الفرنسية برقية لوزير الدفاع الإسرائيلي "إذا حاولت مصر عبور قناة السويس فسوف يتم إبادة قواتها وسيواجه الجيش المصري كارثة مؤكدة"، وقال "ديان" أيضاً: "الجبهة المصرية لا تستحق من جهد الجيش الإسرائيلى أكثر من 60 دقيقة".

بعد الهزيمة
تغيرت نبرتها عقب الهزيمة وأقرت بانتصار المصريين حيث قالت في مذكراتها: "لا شيء أقسى على نفسي من كتابة ما حدث في أكتوبر، فلم يكن ذلك حدثاً عسكرياً رهيباً فقط، وإنما كان مأساة عاشت وسوف تعيش معي حتى الموت، فقد وجدت نفسي فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ نشأتها، ولم تكن الصدمة في الطريقة التي يحاربوننا بها، ولكن أيضاً لأن عدداً من المعتقدات الأساسية التي آمنا بها قد انهارت أمامنا، إنني أستعيد الآن هذه الأيام، إنه شيء لا يمكن وصفه، يكفى أن أقول، إنني لم أستطع البكاء".

تبدلت التصريحات العنترية التي أدلى بها موشى ديان وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي، عقب هزيمتهم على في حرب 73، حيث قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده للمراسلين الإسرائيليين أثناء الأيام الأولى من الحرب والتي منعت الرقابة نشره حتى مارس 1974: "أقول بوضوح إننا لا نملك الآن إمكانية رد المصريين إلى ما وراء القناة، لقد أضعف الهجوم المصري قواتنا بصورة متزايدة.. إن ذلك يكلفنا ثمنا باهظاً، وينبغي علينا أن نخوض الحرب ضد الجندي المصري والسلاح الذي يملكه، فتدمير دبابة ليس كسحق زهرة، لقد أدرك العالم بأننا لسنا بأكثر قوة من العرب، وسوف يتحتم علينا أن نقول الحقيقة للشعب لابد أن نعترف بالحقيقة، إننا محتاجون للجميع ليس فقط الاحتياط، لكن ربما إلى المتقدمين فى السن فنحن غير قادرين على دفع المصريين والسوريين إلى الوراء". 

واعترف آريل شارون أحد كبار قادة إسرائيل في حرب أكتوبر خلال مناظرة أجرتها شبكة التليفزيون البريطانى بى بى سى فى مايو 1975، بالقوة المصرية التي هزمتهم خلال حرب أكتوبر، حيث قال إن "نجح المصريون في هذه الحرب بسبب ضيق أفق موشى ديان وزير الدفاع وسارت خلفه جولدا مائير، أما فى رأيى الشخصى فإن مفاجأة حرب يوم الغفران كانت في شئ جديد تماماً علينا، وهو الجندى المصري الجديد، إنني لن أنسى قتال الجنود المصريين فى الفرقة 16 مشاة في منطقة المزرعة الصينية شرق القناة (قاد الكتيبة المشاة التى خاضت هذه المعركة المشير طنطاوي)". 

وتابع: "لقد استخدمت القوات الإسرائيلية جميع وسائل النيران المتاحة لها، لقد حولنا المنطقة إلى جحيم ربما لم يكن هناك متر من الأرض في تلك المنطقة لم تسقط فيها قذيفة، ورغم ذلك لم يرتد جندس منهم إلى الخلف كما كان يحدث من قبل، لقد تصورت في وقت من الأوقات أن المصريين قد ربطوا الجنود بسلاسل إلى الأرض ولكن كانت المفاجأة عندما نجحت دبابة أو دبابتان في اختراق ذلك الخط، كنت تجد ذلك الجندي يستدير لها كي يدمرها بإحدى القذائف المضادة للدبابات".