"العرب اللندنية": سيناريو "روسي إيراني" لربط الساحل السوري بلبنان

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


رسمت الضربات الجوية الروسية ملامح الاستراتيجية الشاملة التي وضعها التحالف الجديد في المنطقة الداعم لسيناريوهات بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد بشكل كامل أو في جزء من الأراضي السورية.

ووفقا للعرب اللندنية، تركزت الضربات الجوية الروسية على مقتربات الساحل السوري والمعابر المؤدية إليه في محاولة لكسر عزلته التي فرضها جيش الفتح والجيش السوري الحر منذ نجاحهما في السيطرة على محافظة إدلب ومدينة جسر الشغور قبل أكثر من ستة شهور.
 
لكنها في الوقت ذاته تكشف أن روسيا، ومن خلفها حلفاؤها الإيرانيون وحزب الله والميليشيات المؤيدة للأسد، بأنهم يتعاملون بواقعية مع فكرة انهيار جيب دمشق مما يفتح الباب لعملية نزوح كبيرة نحو الساحل أو قطع الطريق الاستراتيجية التي تربط جيب دمشق مع المنطقة.
 
وتسلط الضربات الجوية أيضا الضوء على السيناريو المطروح منذ فترة عن ربط الساحل السوري بلبنان عن طريق إخلاء منطقة حمص من القوات المناوئة للأسد وتمديد التواجد العسكري لحزب الله والميليشيات العلوية نحو وادي خالد وصولا إلى البقاع.
 
وقبل بدء الضربات الروسية كان جيش الفتح المدعوم من قبل قطر وتركيا وكذلك الجيش الحر المدعوم أميركيا يحاولان الضغط على الساحل السوري الذي تسكنه أغلبية مؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وعزله عن محافظة إدلب، وعن الطرق التي تربطه بمحافظة حماة من جهة وريف حمص من جهة أخرى.
 
وشنت روسيا ثماني ضربات جوية بمقاتلات من طراز سوخوي ليلا، وقصفت مخزن ذخيرة قرب إدلب ومركزا للقيادة من ثلاثة طوابق قرب حماة.
 
ويقول خبراء عسكريون إن معركة عنيفة تلوح في الأفق بين فصائل المعارضة وقوات النظام التي تتطلع إلى ضمان غرب سوريا من دمشق حتى الساحل مرورا بمدينة حمص موحدا تحت سيطرة الأسد.
 
 
وإذا لم تتمكن من تحقيق ذلك فسيكون الخيار الأخير هو ربط الساحل السوري بلبنان وتحديدا بحزب الله عبر مدينة حمص.
 
وتفسر هذه الاستراتيجية بدء الضربات الروسية على محيط مدينة حمص ثم انتقالها نحو محافظتي حماة وإدلب بشكل يحصن الساحل السوري من اندفاع قوات المعارضة المسلحة الذي كان من شأنه إفساد سيناريو “الدولة العلوية”.
 
ورغم إصرار المسؤولين الروس على أن التدخل في سوريا يهدف بالأساس إلى ضرب داعش، فإن موسكو لن تكون قادرة على تجاهل استهداف فصائل معارضة أخرى في عملياتها العسكرية.
 
ويرى جيفري وايت، الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن “القوات الروسية تضع الآن قائمة بأولوية الفصائل التي تشكل الخطر الأكبر على نظام الأسد، لذلك بدأوا بقصف جيش الفتح مباشرة”.
 
وقال في تصريحات للصحيفة، إن ذلك “سيقود الروس في مرحلة ما إلى الاشتباك مع تنظيم داعش الذي يستخدمونه كجسر من أجل العبور إلى سوريا”.
 
وفشلت الاستراتيجية الأميركية في توجيه ضربات جوية فاعلة لتنظيم داعش في العراق، البلد الذي يفتقر إلى قوات برية فاعلة تمكنه على الأرض من حصد المكاسب.
 
لكن على عكس ذلك، فسيكون للغارات الجوية الروسية مفعول ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في الميدان، إذ أنها تعمل من خلال تنسيق مباشر مع قوات برية على رأسها الجيش السوري وقوات خاصة إيرانية وحزب الله الشيعي اللبناني، بالإضافة إلى ميليشيات شيعية حشدت مقاتليها من العراق وباكستان وأفغانستان.
 
وقال إن هناك “احتمالات كبيرة لسماح موسكو لقوات إيرانية وقوات تابعة لميليشيا حزب الله بمعاونة الطائرات الروسية من خلال التقدم على الأرض، ومن ثم نقل القوات الداعمة للأسد مرة أخرى من الدفاع إلى وضعية الهجوم”.
 
وإذا لم تنجح في إتمام هذه المهمة، فإن موسكو الباحثة عن مكانة لم تحصل عليها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بداية التسعينات، لا تمتلك رفاهية الخسارة العسكرية في سوريا، وإلا فقدت هذه المكانة العالمية الوليدة.
 
وتعتقد موسكو أن مكانتها في الشرق الأوسط تراجعت كثيرا منذ أن توصل الغرب مع إيران إلى اتفاق نهائي حول ملفها النووي في يوليو الماضي، وما تبع ذلك من بوادر رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها لسنوات.
 
وتسعى موسكو أيضا إلى إجبار الغرب والداعمين لفصائل المعارضة للأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بشرط أن يكون للرئيس السوري عليها مقعد أساسي.
 
لكن الكثير من المحللين مازالوا غير مقتنعين بأن التحركات الروسية في سوريا تهدف في نهاية المطاف للتوصل إلى أي حل تفاوضي في المستقبل.
 
ويقول وايت “لا أعتقد أنهم ينوون البحث عن أي حل سياسي. الروس هناك لدعم نظام الأسد مهما كلفهم الأمر”.
 
وبضمان بقاء النظام العلوي سواء تحت قيادة الأسد أو أي رئيس آخر، فسيعزز ذلك روابط روسيا مع منطقة الساحل، ومن ثم توظيف الأزمة السورية لإعادة رفع مستوى التنسيق بين موسكو وطهران.