د. أحمد يونس يكتب: الدنـيـا اتشقلب حـالهــا

مقالات الرأي




أفلام العيد. أغانى العيد. مسرحيات العيد. برامج العيد. أيها العيد! كم من الجرائم ترتكـب باسمك!

■■■

■ عادل إمام، باعتباره شـــيخ قبيلة الكوميديا، مطـالب باستيعاب التحولات الرهيبة التى طرأت على المــزاج الشــعبى فى مــصر، أو الوطن العربى عموماً. التحولات إلى الأفضل أو الأسوأ. ليست هذه هى القضـية الآن. فما يراه البعض نزوعاً إلى التحرر أو الالتحاق بالعصر، يظن البعض الآخر أنه ليس سوى قلة أدب. ما كان يدفع الـنــاس إلى الضحك زمان، لن يكـون له نفس التأثير اليوم. لغة التعبير بالوجه والذراعين ومخـتلف مــناطق الجسد، فضلاً عن تلعــيب الصوت، تكتسب مع مرور الوقت المزيد من الأدوات. دائرة النقد السياسى المحسوب، لابد أن تتسع إلى أن تصبح فى حــجم البلاد من الدار البيضاء حتى باب المندب. أول ما يلفت الانتباه داخل الإنسان، عندما يبدأ فى التغير، هو خريطة الضحك لديه.

■■■

■ الدنـيـا اتشقلب حـالهــا. الرجال أصبحوا يختبئون خلف النساء فى المواجهات الفــئرانية ضد الشرطة والأهالى. وقد ثبت بالتجربة أن اللحية ليست دليلاً كافياً على الرجولة. صاحبات العفاف من الحرائر ينهلن بالعض على أستاذاتهن فى حـين يعرينهن على الملأ، أو يسارعن بالشعــبطة على مواسير مكتب رئيس الجامعة ليشعلن النار فى محتوياته. بالتجربة ثبت أيضاً أن الطرحة أو النقاب لا يشكلان دليلاً كافياً على الأنوثة. ضاقت المسافات كثيراً ما بين الجنسين داخل الجماعة. الظـاهر أن الإرهاب لا جـنس له، وأن فى مـــصـر الآن ثلاثة أنواع: ذكر، أنثى، إرهـابى.

■■■

■ انتقدونى إلى حد السباب التى لا تليق بأساتذة المعاهد أو الكليات، عندما بـدأت أشرح لتلاميذى فى أكاديمية الفنون واحـدة من ثمار تأملاتى فى الحياة. قلت إن أول سيناريو فى التاريخ، منذ إنسان الكهف الميت فى جــلده من الرعب حتى إنسان الألومــيتال المــوجوع القــلب والـروح والجسد، هو الحلم. وعلى الرغم من كـــل ما جرى، فماأزال أعتقد أننى كنت على حق. نعم: الحلم هو أول سيناريو فى التاريخ. يكتبه ويخرجه ويصوره العـقل الباطن، ليشـاهده متفـرج وحـيد رايح فى النــوم من هــدة الحـــيل طــول النهار.

■■■

■ يا لها من مفــارقة عجيبة!البعض ممن أنهوا الدراسة فى كــليات الطب، حيث من المفترض أن يتخصص الخريجون فى إنقــاذ حياة البشر، نراهم قد احترفوا القتل ونهـش العيون ووضـع العبوات الناسفة أمام مدارس الأطفال وصناعـة الموت. عصــام العــريان. ياسر عـلى. حســن البرنس. محمد البلتاجـى. حــلمى الجزار. ياسر برهامى. عـبد المنعم أبو الفتوح. أيمــن الظواهــرى. أفضل العيادات النفسية فى العـالم، ربما لا تستطيع علاج هؤلاء جميعاً من هيستيريا التوحش. الخرتيت الذى يعضعض فى الداخــل انتصر على البالطـو الأبيض. أحاله بقرنه الأوحد إلى خرقة ملطخة كــلها من الياقة حتى ما بعد الركبتين بدم الضحايا المتجلط.

■■■

■ الضيف الغريب الأطــوار الذى حط علينا كالقـضا المستعــجل مساء الاثنين الماضى، انتابنى الشك فيه منذ الوهلة الأولى. ملابسه الفاقعـة الألوان، أوحت لى بأنه على أحــسن الفروض مـندوب مبيعات، يروج لباستيليا تنعيم الصوت التى يستحلبها كل مـن يريد أن ينفى عن نفسه صفة الرجولة. الضيف الكـثير الضحــك بدون داع كأنه يعمل بالزمــبلك، ليس سوى صــيف ببطاقة مزورة، ينتحل شـخصية الخريف. وقد جاء فى 21 سبتمبر بالذات من باب التمويه. اكتشفـت أمره فى الحال. أين رعشة البرد الخفيفة التى تلقى بنا فى حـضن مـن نحب؟ لا مطر على زجاج النوافذ، ولا أشـواق ناعـمة إلى أماكن لم تعد موجودة. فضلاً عن أن الشجن الذى فى عينيه مسـروق من غموض البحر.