45 عاما على رحيله.. سياسيات بدأها "ناصر" ويتبعها السيسي.. أوجه التشابه والاختلاف

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


في ذكراه الـ45، كان للزعيم الراحل جمال عبدالناصر سياساته الواضحة انتهجها، لصالح مصر إما بتقوية العلاقات مع الدول العربية والإفريقية، وإنشاء القومية العربية وكذلك تدعيم علاقات مصر بالدول التي وقفت ومازالت تقف بجانب مصر مثل روسيا، وهي نفس السياسة التي ينتهجها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خصوصًا وأن العصرين متشابهين إلى حد ما، حيث خروج مصر من ثورتين مثل ثورة 23 يوليو 1952، و30 يوليو 2013.

 

فترتان عاشت مصر قبلهما جفافًا في العلاقة مع جيرانها وكذلك الوضع مع الدول الغربية الحليفة، ولكن ذلك سرعان ما عولج واتخذت مصر من الإجراءات ما أعاد الأمور إلى نصابها الطبيعي، حيث كان لـ"عبدالناصر" دور كبير في مساعدة الدول العربية والإفريقية في مقاومة الاستعمار، وتصدير الثورات إلى تلك البلدان ما كان له أكبر الأثر في تحررها، فضلًا عن التقارب المصري الذي بدأه "ناصر" مع الدب الروسي، ويستكمله السيسي الآن، بالعمل على عودة مصر إلى أحضان القارة السمراء وتقوية العلاقات مع الدول العربية.

 

ملفات وأمور عدة يتشارك فيها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس عبدالفتاح السيسي الآن، ومن أهم هذه الملفات:

 

العلاقات المصرية الروسية.. بدأها "ناصر" وتوجها السيسي

 

شهدت العلاقات المصرية مع روسيا أزهى عصورها خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وظهر ذلك جليًا في الاستقبال الرسمي والحفاوة الشعبية المتبادلة بين البلدين وقتها، كما وقدمت روسيا (الاتحاد السوفيتي آنذاك) الدعم والمساندة وكانت أبرزها مساعدة مصر في بناء السد العالي وإرسال خبراء عسكريين إلى الجيش المصري إضافة إلى المساندة الدولية، بعد وقوع العدوان الثلاثي على مصر.

أما في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فيعرف تمامًا أن روسيا حليف قوي، ولها ثقل كبير، ودور مهم في إحداث توازن بين القوى في المنطقة، وهو ما نرى أثره الآن، من خلال الزيارات المتبادلة بين البلدين والتقارب في العلاقات والاعتماد المصري على السلاح الروسي من منطلق تنويع مصادر السلاح وإيقاف الغطرسة الأمريكية في المنطقة، والتي ساندت ومازالت جماعة الإخوان المسلمين، التي خرج ضدها الشعب المصري في ثورة الثلاثين من يوليو 2013.

    

العلاقات "المصرية-السعودية".. السيسي يتفوق

 

اختلف شكل العلاقات بين مصر والسعودية في عهدي الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث شهدت  بعض التوترات بين البلدين، في عهد "عبدالناصر"، بعدما أيدت مصر الثورة اليمنية وأرسالها جنود مصريين إلى هناك، رغم رفض  السعودية ذلك، خوفًا من امتداد الثورة إليها، حتى انتهى الأمر وحدث الصلح بين عبدالناصر والملك فيصل بعد نكسة 1967 في مؤتمر الخرطوم، ودعا الملك فيصل الزعماء العرب للوقوف إلى جانب مصر والدول المضارة من العدوان.

 

ولكن هذا مختلف تمامًا عن سياسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث شهدت العلاقة بين البلدين حالة من الاستقرار عقب توليه الحكم، إذ أعلن العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعمه الكامل لمصر على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بعد ثورة 30 يوليو 2013.

 

التدخل المصري في اليمن  

 

كان عبدالناصر مؤمنا تماما بفكرة تدعيم الثورات العربية، وإنشاء القومية، التي طالما سعى إليها، حيث أرسل الجنود المصريين إلى هناك للقضاء على فكرة الملكية، والتي كان يطلق عليها "ناصر" وقتها "بالأنظمة الرجعية"، وآخذت مصر على عاتقها في ذلك الوقت القضاء علي هذه الأنظمة بكل الوسائل حتى إذا تطلب الأمر المساعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية لها.

 

وفي 26 سبتمبر سنة 1962 قامت الثورة في اليمن وطلب مجلس قيادة الثورة اليمنية مساعدات عسكرية من مصر حيث بدأت الأخيرة في الاستجابة لهذه الطلبات، وفي 30 سبتمبر سنة 1962، ذهب المشير عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية، ومعه بعض ضباط الصاعقة والمظلات وغيرهم إلى اليمن لمقابلة أعضاء مجلس قيادة الثورة اليمنية ومعرفة طلباتهم.

 

وفي المقابل قامت السعودية ومعها بريطانيا وبعض الدول الأخرى بمساندة قوات الإمام المناهضة لثورة اليمن والتي تصدت للقوات المصرية بشراسة، حيث نشرت الوثائق البريطانية التي صدرت منذ عدة سنوات عن المساعدات التي قدمتها بريطانيا للقوات اليمنية المناهضة للثورة والقوات المصرية وذلك بالأموال والأسلحة والتدريب والعتاد حتى لا تتحول اليمن إلى موطأ قدم للأنظمة الثورية التابعة لعبدالناصر والتي كانت تهدد النفوذ الأوربي والأمريكي في منطقة الخليج.

 

واستمرت المواجهات المسلحة بين الفريقين دون منتصر، وتحولت حرب اليمن إلى حرب استنزاف مفتوحة وقاسية ليس فقط للاقتصاديات المصرية ولكن أيضًا لقواتها المسلحة، وكانت حرب اليمن هي أحد أسباب نكسة 67، بسبب فقدان العديد من جيش مصر خارج حدود البلاد.

 

واختلف الأمر بالنسبة للرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن الصراع الدائر بين النظام اليمني بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والذي تؤيده السعودية وقوات التحالف العربي، وبين جماعة أنصار الله الحوثيين المدعومة من إيران، ورغم مطالبات الكثيرين ومنهم السعودية بتدخل مصر إلى جانبها في مواجهة الحوثيين إلا أنها لم تفعل وتتدخل كما فعلت في عهد عبدالناصر.

 

مصر وأفريقيا.. السيسي على خطى "ناصر"

 

ولم يكن الرئيس عبدالناصر ينظر لأفريقيا على أساس أنها إضافة إلى رصيد مصر، بل كانت لديه قناعة بأن مصر أفريقية في الأصل، وقد أكد هذا بالفعل واعتبره أحد الثوابت الوطنية، حيث تميز الدور المصري  بالاعتدال والعقلانية في التصدي لمواجهة القضايا الإفريقية، ما يجعل مصر طرفًا مقبولًا كوسيط إقليمي من جانب العديد من أطراف النزاعات، بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية النشطة والمكثفة التي بذلتها الدبلوماسية المصرية خلال جلسات وزراء خارجية منظمة الوحدة الأفريقية، كما أسهمت في تهدئة الخلافات وحل العديد من النزاعات، منها أزمة النزاع بين موريتانيا والسنغال، ومشكلة النزاع بين تشاد وليبيا.

وهو ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث سعى إلى عودة مصر بقوة إلى دورها الأفريقي، من خلال توطيد العلاقات المصرية مع الدول الإفريقية الشقيقة، ويظهر ذلك جليًا عن طريق زيارات الرئيس لدول جنوب إفريقيا ودول حوض النيل.