"نيويورك تايمز" الأمريكية: رسائل بوتين المتضاربة حول سوريا

عربي ودولي

بوابة الفجر


قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول أن يلعب على اتجاهين في سوريا، فهو يعمل على تعزيز الوجود العسكري الروسي بينما يُظهِر نفسه بمظهر من سيخلّص العالم من المتطرفين الإسلاميين ويطلب عقد محادثات عسكرية رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة. 

ونصحت الصحيفة الرئيس أوباما بأن يسبقه بخطوة ويكون على استعداد للقاء بوتين في وقت لاحق من هذا الشهر عندما يتواجد الرئيسان في الأمم المتحدة بحيث يرى ما يحمله بوتين، فإن كان هناك حل لتنظيم "داعش" وللحرب في سوريا، فيجب أن تشارك فيه الدولتان.

ووفق "24" توقعت الصحيفة أن يستغل بوتين خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوضيح وجهة نظره بشأن تكوين تحالف دولي ضد داعش، وسيتجاهل بالطبع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حالياً. ولكن تعمل تعزيزاته العسكرية على خدمة جهوده لإنقاذ وكيله العُرضة للخطر، الرئيس بشار الأسد، ومن الممكن أن ينوي أيضاً إقامة قاعدة عسكرية روسية في منطقة الشرق الأوسط.

ضلوع روسي في العذاب السوري
وأكدت الصحيفة ضرورة أن لا ينخدع أحد في ضلوع روسيا في العذاب الذي تشهده سوريا. إذ كان من الممكن أن يساعد السيد بوتين على منع القتال الذي أودى بحياة أكثر من 250 ألف سوري وتشريد ملايين أكثر إذا كان تعاون مع القوى الكبرى الأخرى في عام 2011 لمنع الأسد من شن حرب على شعبه بعد الاحتجاجات السلمية المناهضة لحكومته. 

وذكرت الصحيفة أن وحشية الأسد، وهو زعيم الطائفة العلوية، ضد الأغلبية السنية ساعد تنظيم داعش، المكوّن من السنّة، على السيطرة على أجزاء كبيرة من سوريا. وكان من الممكن التخلص من الأسد إذا لم يكن يتلقى أسلحة ومساعدات وغيرها من روسيا وإيران. 

ينظر أوباما إلى بوتين باعتباره سفاحاً، كما يقول مستشاروه، وينظر بوتين إلى أوباما على أنه رئيس ضعيف، كانت العلاقة بين أوباما وبوتين محدودة منذ غزو الزعيم الروسي لأوكرانيا وضمه لشبه جزيرة القرم. ويخشى بعض المسؤولين في الإدارة أن يكون الاتفاق الذي طلبه الكرملين على ما يبدو في صالح بوتين. ولكن سيكون من الخطأ بالنسبة لأوباما عدم المشاركة، وخاصة حول قضية بمثل تلك الخطورة مع تصاعد التوترات. فإذا حضر السيد بوتين الاجتماع دون استعداد لحل المشكلات العالقة، سيكون ذلك واضحاً ويتوجب على أوباما لفت نظره إلى ذلك.

وأوضحت الصحيفة أن كلا الرئيسين في مأزق، فأمريكا تعاني من الفشل في حربها ضد داعش، والدليل على ذلك اعتراف البنتاغون بأن برنامجها الذي كلفته 500 مليون دولار لتدريب قوات معارضة سورية معتدلة لمحاربة داعش لم يسفر سوى عن أربعة أو خمسة مقاتلين يخوضون القتال الآن في ساحة المعركة. في الوقت نفسه، فإن حليف بوتين، الرئيس الأسد، يعاني من خطر السقوط، والذي من شأنه أن يدمر آخر خيط يجمع الدولة ببعضها بعضاً، ويفتح الباب لاستيلاء داعش على سوريا ويعرض للخطر موطئ القدم الأخير لروسيا في الشرق الأوسط. 

صيغة مشتركة لمحاربة داعش
وأكدت الصحيفة ضرورة أن يتوصل أوباما وبوتين إلى صيغة مشتركة لمحاربة داعش التي تزعزع استقرار المنطقة وتقوم بتدريب جيل من المقاتلين الأجانب الذين عاد بعضهم بالفعل إلى أوطانهم في أوروبا وروسيا وآسيا الوسطى.

وشددت الصحيفة على أنه لا يمكن مواجهة داعش بشكل فعال ما لم تكن هناك تسوية سياسية في سوريا بين قوات النظام والمعارضة. وكان العائق الرئيسي هو إصرار بوتين على بقاء الأسد في السلطة. لكن روسيا وافقت في وقت سابق على ضرورة إعداد فترة انتقالية في سوريا وتلوح بوادر تسوية في الأفق.

أوضح وزير الخارجية جون كيري، متحدثاً من لندن يوم الجمعة الماضي، أنه من الممكن لأمريكا أن تبحث عن "أرضية مشتركة" في سوريا، وهو ما قد يعني إبقاء الأسد في السلطة مؤقتاً خلال فترة انتقالية. 

وأوضحت الصحيفة أنه يجب أن يتقبل الروس ضرورة رحيل الأسد في غضون فترة زمنية محددة، لنقل ستة أشهر، والهدف هو تشكيل حكومة انتقالية تضم عناصر من نظام الأسد والمعارضة، ويجب أن تكون إيران جزءاً من أي اتفاق.

ورأت الصحيفة أنه يتعين أن تدرك أمريكا أن دوافع بوتين متضاربة للغاية وأن رغبته في الانضمام للقتال ضد داعش أقل بكثير من دعمه لحليفه القديم، ولكن لا يوجد سبب لاختبار دوافعه مع أخذ كل ذلك في الاعتبار.