مرض الزهايمر وتحديات المستقبل

الفجر الطبي



لم تمض ست سنوات على تشخيص آن جونسون مريضة بالخرف (الزهايمر) حتى انتقلت للعيش في أحد بيوت المسنين في مانشستر.

قد يبدو الامر عاديا عند هذا الحد غير ان الاستثناء يكمن في الاشارة الى انها كانت في الثانية والخمسين من عمرها عندما شخصت حالتها.

وبوصفها ممرضة ومحاضرة سابقة لدى جامعة مانشستر لم يكن المرض غريبا عليها، حيث سبق وشاهدت معاناة والدها من مرض الزهايمر لسنوات قبل وفاته، فكان من السهل عليها التعرف على اعراض المرض بنفسها.

قالت آن دق ناقوس الخطر. بدأت انسى الكلمات، اصبحت ذاكرتي ضعيفة بالنسبة للاحداث القريبة، اصبحت انسى ما اعتزم عمله. واجهتني صعوبة في العمل ايضا، واصبحت عاجزة عن الكلام في الفصل.

تقاعدت آن التي تبلغ من العمر حاليا 58 عاما عن عملها كمحاضرة بعد وقت قصير من تشخيص حالتها، واصبحت اشياء بسيطة كحساب النقود ومعرفة التوقيت والذهاب الى المحال تحديات تواجها.

وقالت انا منفتحة بشأن الامر ولم امانع ابدا في الحديث عنه، اذا اشتريت تذكرة قطار أقول لحاجز التذاكر (تحدث ببطء من فضلك حتى استطيع ان افهمك) ، واضافت ان المشكلة هي انك لا تستطيع ان ترى ما اعانيه من مشكلات، لذا فمن الصعب على الناس تفهم الامر.

اصبحت آن مرهفة الاحساس تجاه ارشاد الناس الى كيفية التعامل مع مرض الخرف.

فمنذ تشخيص حالتها المرضية سافرت آن في شتى ارجاء البلد واجرت احاديث مع اختصاصيين في الصحة الى جانب المصابين بالخرف.

كما ساعدت في اطلاق حملة توعوية بشأن مرض الخرف تابعة لوزارة الصحة البريطانية، فضلا عن أحاديثها في المؤتمرات الدولية في لندن ودبلن ولقاء رئيس الوزراء وعدد من المشاهير.

وتقديرا لحرصها الشديد على تناول القضية حصلت آن مؤخرا على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بولتون لجهودها في الحملة الدؤوبة التي نظمتها من اجل المرضى الذين يعانون من الخرف.

وقالت من المهم ان يعرف الناس ما هو مرض الخرف، لان المريض به يختلف عن الاخرين. اسعى لتوعية الناس حتى لا يخافون منه، لذلك احبونا.

ويسعى العلماء الى معرفة سبب اصابة ما يزيد على 20 ألف شخص في بريطانيا بالزهايمر قبل بلوغهم سن الخامسة والستين، حيث ثمة اعتقاد في وجود صلة تربط بين بعض الجينات الوراثية وزيادة خطر الاصابة بالمرض، لكن اثبات هذا الاستنتاج يحتاج الى اجراء المزيد من الابحاث العلمية.

يقول نك فوكس، استاذ الامراض العصبية لدى مركز ابحاث مرض الخرف بكلية لندن الجامعية، إن الابحاث التي تتناول معرفة اسباب ظهور بدايات الاصابة بالزهايمر بالغة الاهمية لان فهم اسباب اصابة أناس في العشرينيات او الثلاثينيات قبل آخرين قد يتيح لنا معرفة الاسباب وطرق العلاج.

ويضيف فوكس ان المرضى من صغار السن تظهر عليهم تغيرات غير عادية مقارنة بالآخرين، مؤكدا على ان الامر لا يتعلق بالذاكرة فحسب، بل يصيب وظائف الادراك البصرية، حيث يجد المريض صعوبة في ادراك الحيز المحيط به، فعلي سبيل المثال قد نجده يواصل النظر في المرآة الجانبية لسيارته على الرغم من عدم وجود اي اعتلال في الرؤية.

وتشير الابحاث الى ان الجزء الخلفي للمخ هو الجزء الذي يعاني الاصابة، في حين يعد الجزء الاشد حساسية للذاكرة هو (الحُصين) الذي يقع في منتصف الدماغ.

وعن اسباب حدوث ذلك يقول الخبراء ان البروتينات تبدأ في التجمع في هذه الاجزاء بالدماغ على نحو يحد من اداء وظيفة الاعصاب وبالتالي تموت.

عندما تحدث الاصابة بالزهايمر في سن صغيرة نسبيا تصبح الاصابة اكثر قسوة لانها تصيب اناس اصحاء يعملون في وظائف وربما يعولون اطفالا صغار.

ويقول فوكس ان مرض الزهايمر يحمل تبعات مفزعة في اي وقت، غير ان المرضى في سن الخمسينيات والستينيات تكون لديهم مشكلات اضافية. مضيفا ان المرضى قد يعانون مشكلات في العمل اذا لم تكن لديهم معرفة بالاصابة. وربما يواجهون عثرات مالية ودوما يتطلعون الى التقاعد في ذلك الوقت.

يواجه تشخيص المرض صعوبات، ودوما يخبر الاطباء اولئك الذين ظهرت عليهم بدايات الاصابة بانهم يعانون من الاكتئاب او الضغط العصبي، لكن عندما يجري تشخيص الاصابة في النهاية بالزهايمر، قد يكون الامر واضحا للمريض واسرته.

وعلى الرغم من كون آن تتناول العقاقير الدوائية لكبح تطور المرض، فهي تعرف تمام المعرفة انها لا تستطيع ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء، وتقول لا افكر في المستقبل. انه امر مفزع. شاهدت والدي يفقد كل قدراته. لذا أعيش أيامي، واكتب قائمة بالاشياء التي ارغب في انجازها.

وتشعر آن حاليا براحة في المكان الذي تعيش فيه وكذا حياتها. وعندما تسافر من اجل الحديث عن مرض الخرف ترافقها دوما صديقة لها، كما انها تعد ايضا من المحظوظات لكونها تعيش وسط اناس يحيطونها برعاية واصدقاء يحبونها ومكان آمن تعيش فيه.