ننشر كلمة وزير الخارجية اليمنية في الجامعة العربية

عربي ودولي

بوابة الفجر


هنأ رياض ياسين، وزير خارجية اليمني في الحكومة المؤقتة، دولة الإمارات العربية المتحدة وخاصة الدكتور أنور قرقاش، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على توليه رئاسة الدورة العادية (144) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، مشيرًا إلي أنه على ثقة بالإدارة الحكيمة والكفوة لأعمالها ولمجمل القضايا المطروحة أمامها خاصة في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها أمتنا العربية، والدور الريادي الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في بلادي اليمن.

وأضاف ياسين، قائلًا: "اسمحوا لي أيضاً أن أعرب عن خالص الشكر والتقدير للمملكة الأردنية الهاشمية ووزير خارجيتها ناصر الجودة على جهوده المشكورة التي بذلها وإدارته الحكيمة لأعمال الدورة الماضية وأشيد بالتعاون والعلاقات المتميزة بين بلدينا الشقيقين".

وترحم وزير الخارجية اليمني، على فقيدنا واستأذنا الأمير سعود الفيصل، وعلى أرواح الشهداء في حادث سقوط رافعة مشروع التوسعة بالحرم المكي بسبب الرياح القوية والأمطار الغزيرة، كما أتقدم إلى خادم الحرمين الشريفين والدول الإسلامية بخالص التعازي القلبية سائلًا الله سبحانه أن يتغمد الشهداء بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهم أهلهمالصبر والسلوان ويمن على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل.

وتابع، إنني إذ أتقدم بخالص مشاعر العزاء والمواساة للإخوة الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين في استشهاد عدد من أبناءنا وأشقائناوهم يؤدون واجبهم القومي العربي الأصيل إلى جانب أشقائهم اليمنيين، وأن ذلك يعتبر رصيدًا لديه مدلولاته العميقة والمستقبلية في تاريخ امتنا العربية.

كما أود، أن انقل لكم تقدير وأمتنان وتحيات القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس اليمن لمواقفكم المؤيدة والمساندة للشرعية في بلادنا، وللجهود التي تبذلونها لإعادة الاستقرار والسلام والأمان في ربوع اليمن والاستجابة السريعة لإنقاذ ونجدة اليمن قبل فوات الاوان ودون أي تردد.

وأشار، إلي أن من الأهمية القصوى بمكان إطلاع مجلسكم الموقر على حقيقة الأوضاع الحالية في الجمهورية اليمنية، حيث يبذل الجيش الوطني والمقاومة الوطنية بمساندة قوات التحالف العربي جهودا كبيرة في جميع أرجاء اليمن لتخليصها من سيطرة المليشيات الحوثية والقوات الموالية لصالح الانقلابية، وقد تمكن الجيش الوطني والمقاومة الوطنية من تحرير مدينة عدن وعدد من المحافظات اليمنية الأخرى ودحر الميليشيات الحوثية وقوات صالح، وهي على موعد قريب إنشاء الله لتحرير باقي المناطق اليمنية، كما هو الحال في تعز ومأرب التي تقاوم ببسالة وشرف، بينما ترتكب المليشيات يوميا المجازر بحق المدنيين العزل من الأطفال والنساء وتدّمر البنية التحتية المتواضعة وتمنع إيصال الإغاثة الإنسانية إلى المحتاجين لها.

ندرك أن على الحكومة والمسؤولين أن تبذل قصاري جهدها لإعادة الحياة من جديد في المناطق المحررة ابتداءً ن مدينة عدن، في ظل ظروف صعبة واستثنائية معقدة، كما أننا نعطي أولوية كبيرة لجهود الإغاثة في كل المحافظات اليمنية والتي تعاني جميعها من نقص حاد في الخدمات الصحية والغذاء والدواء، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة، ومعاناة المرضى لعدم قدرتهم على تلقي العلاج من الأمراض المختلفة والمزمنة.

وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أن الأوضاع الإنسانية في الجمهورية اليمنية أصبحت في غاية السوء، وقد وصلت إلى مرحلة صعبة تتطلب مضاعفة تقديم الدعم والمساعدة والتي بدأتبالفعل من دول التحالف ومستمرة، بينما المنظمات الدولية والأجنبية لم تبادر حتى اليوم بتقديم أي مساعدات من شأنها التخفيف من الوضع الإنساني السيئ.

ولابد أن أشيد بالدور الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والمملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والبحرين والسودان وجيبوتي وبقية الدول العربية من جهود كبيرة تسابق الزمن والإمكانيات، لتقديم قوافل الإغاثة وإعادة الأمن والاستقرار، إلا أن الوضع الإنساني في اليمن يتطلب المزيد من التنسيق وبذل الجهود من جميع الدول العربية للإسهام في إعادة الحياة والاعمار إلى مدينة عدن التي نعدها حاليا المركز الرئيسي لاستقبال الإغاثة وتوزيعها في جميع المحافظات اليمنية، وهي النموذج الذي يمكن الاقتداء به لتعزيز مفهوم الاستقرار، وذلك لاعتبارات كثيرة تأتي في مقدمتها الاحتياجات الملحة والعاجلة لأكثر من 80% من الشعب اليمني هم في أمس الحاجة للمساعدات بمختلف أنواعها ولوضع الخطط والبرامج لإعادة البناء والاعمار لليمن.

إننا نعتبر الجهود الكبيرة التي تبذلها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية انتصاراً للإرادة العربية التي توحدت مواقفها في التصدي لكل ما من شانه المساس بالامن القومي العربي.

إلا إننا نؤكد دائما على أن الحلول العسكرية تظل مؤقتة واضطرارية ولها ضروراتها التي يفرضها الواقع ومستجداته وتحدياته وما قامت به مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية وارتباطها بأطماع خارجية غير مشروعة، وبالرغم من ذلك يظل الخيار السلمي والسياسي القائم على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 بالكامل واستكمال تنفيذ المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وباقي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الحل الأمثل لإعادة المسار السلمي إلى العملية السياسية في الجمهورية اليمنية والشامل لكل اليمنيين وليس فقط لمن يستخدم القوة والعنف والانقلاب ليفرض ما يريده، واستكمال المرحلة الانتقالية التي تفضي باليمن إلى تحقيق دولته الاتحادية المدنية التي تحقق تطلعات وطموحات الشعب اليمني٠

يعقد اجتماعنا اليوم في ظل ظروف استثنائية وتحدياتٍ غير مسبوقة يواجهها عالمنا العربي، حيث وفرت الأوضاع الملتهبة في عدد من الدول العربية بيئة خصبه لنمو التطرف والإرهاب وانتشاره في ظل تفكك مؤسسات الدولة وغياب دورها جزئياً أو كلياً.

إن هذه المرحلة غاية في الخطورة خاصة والتحديات واضحة وجلية للجميع، ولا تحتاج إلى توصيف بل تحتاج إلى جهد حقيقي وإرادة قوية للقضاء على الجهل، والفقر، ومقاومة الأفكار الظلامية والتستر خلف الدين والمعتقد والطائفية، نحن بحاجة إلى العمل بمختلف الطرق لترسيخ مفهوم الدولة المدنية التي لا تفرق بين مواطنيها ولا تستثني احداً، ونحتاج إلى ترسيخ مفهوم المواطنة في مجتمعاتنا العربية، وهذا لابد ان يصاحبه تجديد وترشيد الخطاب الديني وتفعيل دور مؤسساتنا الدينية للعمل على تحقيق الفهم السليم لغايات الدين الحقيقية، وتعزيز الوعي الصحيح للأديان السماوية ومقاصدها السامية.

بالرغم من مشاكلنا الكبيرة في اليمن إلا إننا نؤمن بأن القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولويات العمل العربي المشترك، وستظل القضية الأم، والتي نناضل من أجل استرداد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ويتوجب علينا اتخاذ القرارات الحاسمة دون تردد حتى تتوقف العنجهية الإسرائيلية المستمرة.

إن الأوضاع في فلسطين وسوريا وليبيا والعراق ولبنان تتطلب منا العمل بقدر وحجم المسؤولية الوطنية التاريخية الملقاة على عاتق الأمة، بقدر واقعها وتداعياتها وبالشكل التي تتطلب عواصف حزم وحسم وأمل وسهام ذهبية لا تلين ولا تتراجع تلبي تطلعات شعوبنا العربية إلى الحياة بكرامة وحرية وآمان وسلام.

ختامًا، لا يسعني إلا أن أجدد شكر وتقدير اليمنيين قيادة وشعبا للدول الأعضاء بجامعة الدول العربية على دعمها الدائم والمستمر ووقوفها القوي مع الشرعية الدستورية في الجمهورية اليمنية والترحيب بالأخ العزيز وزير خارجية المملكة العربية السعودية الدكتور عاجل الجبير ووزير خارجية موريتانيا حماد ولد اميمو وعبد الله بن فيصل الدوسري مساعد وزير الخارجية لمملكة البحرين.