بيع الحشيش فى مراكز شباب خالد عبد العزيز

العدد الأسبوعي

محرر «الفجر» يشترى
محرر «الفجر» يشترى الحشيش من داخل مركز شباب إمبابة

لا يمكن أن يصدق عاقل أن تتحول مراكز الشباب إلى أوكار لتجارة المخدرات وممارسة الجنس، لتفقد دورها الرئيسى فى تنمية قدرات الشباب جسمانياً.. وتتحول من الحفاظ على الطاقات الشبابية إلى إهدارها. "الفجر" أجرت جولة ميدانية داخل مراكز الشباب فى مناطق إمبابة والإباجية وزينهم رصدت هذه الظاهرة، لتضع الملف برمته أمام المهندس خالد عبد العزيز. البــداية، وصلتنـــا معلــومات بأن بعض الشباب يستغلون مراكز الشباب كبوابات خلفية للترويج عن المخدرات، فى ظل غياب الرقابة عليها، بالإضافة إلى الإهمال الشديد الذى تعانيه، ما دفع محرر "الفجر" لتقمص شخصية شاب يريد شراء مخدرات، كى يتمكن من دخول هذه المراكز، لكشف هذه الكارثة.


1- البوهى

بدأت المغامرة من داخل مركز شباب البوهى بمنطقة إمبابة، الذى يتكون من ملعبين، وطابقين، وبرغم تكدسه ببعض الشباب الذين يمارسون كرة القدم على أرض الملعب، إلا أنه بمجرد وصولى إلى هناك، وجدت شاباً لا يتعدى عمره الـ 18 عاماً، جالساً أمام بوابة المركز، فنادى علىّ، قائلاً: " خد ياغالي"، فذهبت له، فقال لي: عاوز إيه، فقلت له: حشيش، فقال لي: عينى تعالى معي".

ذهبت معه، ولا أعرف إلى أين نحن ذاهبون، وفجأة قال لي: " أقفز من فوق سور النادى عشان الحشيش موجود جوه"، فقلت له: " أدخل أنت هات الحشيش، وأنا سأنتظرك هنا حتى تعود"، فقال لي: «لازم تيجي معايا عشان تشوف بعينك وتدور علي الصنف اللي انت عايزه».

قفزت من فوق السور الذى لم يكن يتجاوز ارتفاعه متراً واحداً، وعندما دخلت وجدت القمامة تحاصر ملعب كرة القدم من جميع الاتجاهات، وسرنجات حقن المكس ملقاة على الأرض".

المشهد أثار استغرابى، خاصة بعدما لمحته يزيح حجراً، ويسحب المخدرات من حفرة موجودة أسفله، مغطاة بالتراب، وسألنى " عاوز أد إيه"، فقلت له: أريد " حتة بـ100"، وبعدما أحضرها تظاهرت بأننى افحصها، فقال لى: " عيب ياغالى حاجتنا مش فستك".

وفى طريقنا للخروج، سألته، لماذا تخبئ المخدرات داخل المركز، فرد علىّ: " المركز وكر لجميع " ضريبة" المكس، والبدرة، والمخدرات، وكمان الشرطة عمرها ما هتعرف لأن اللى ظاهر إنه مركز شباب".

الكلام صادم للغاية، ما دفعنى إلى الذهاب إلى الحاج أحمد، صاحب ورشة حدادة أمام المركز، الذى قال لنا: "المركز حالته صعبة أوى، كان فى الأول موجود داخله جميع الأنشطة الرياضية، لكن دلوقتى بقى ساحة للمخدرات والجنس".

تابع الحاج أحمد: الساعة السادسة من مساء كل يوم، يتوافد «الضريبة» على المركز، ويتوجهون إلى سيدة لا يتجاوز عمرها الـ50 عاماً، تأخذ منهم الفلوس، ثم تسمح لهم بالدخول، والحصول على المخدرات، ولا يمكن لأهالى المنطقة اعتراضها على الإطلاق، بل يحدث ذلك على مرأى ومسمع من إدارة النادى دون أن يتحرك أحد خوفاً منها، فمن يعترضها يلقن " علقة ساخنة" من خمسة من البلطجية يتولون حمايتها.

2- الأباجية

ومن السيدة زينب إلى منطقة السيدة عائشة، حيث مركز شباب " الإباجية"، الذى تتراكم القمامة داخله، والمعروف عنه بين أهالى المنطقة إنه " غرزة" لشرب المخدرات، وحينما دخلت إليه وجدت أربعة شباب يجلسون بجوار بعضهم البعض، وطلبت منهم مباشرة شراء مخدرات، فرد على أحدهم، قائلاً: مفيش غير حتة بـ100"، فقلت له: ماشى، بعد خروجى من المركز استوقفنى شخصان، وسألاني: " الحاجة خلصت جوه ولا لسه"، فرددت عليهما: " لسه فى كتير".

3- إمبابة

توجهنا بعد ذلك إلى مركز شباب إمبابة، الذى دخلنا إليه دون أن يعترضنا أحد من أفراد الأمن الجالسين على بوابته، ورغم أن حالته ربما تكون أفضل من مركز شباب "البوهى" من حيث سعة الملاعب والكافيتريات الموجودة داخله، إلا أنه يباع داخله المخدرات.

بمجرد أن دخلت، ذهبت إلى الكافيتيريا، وطلبت كوباً من الشاى، وبمجرد أن جاء إلىّ الجرسون، أعطيته سيجارة، فقال لي: " تشكر ياذوق"، وسألته: " حد هنا بيبيع حاجة حلوة"، فرد: " هنا تلاقى كل شىء حلو"، فقلت له: عايز حاجة حلوة بـ50 جنيها، فرد: اشرب الشاى، وروح عند الملعب الكبير، وهيجيلك شخص يعطيك كل ما تريده.

بالفعل ذهبت إلى هناك، وجاءنى شاب بعدما انتظرت حوالى 15 دقيقة، وقال لي:" تؤمر ياذوق.. وأحضر لى قطعة حشيش"، وقال لي: " انجز هات الفلوس.. عشان احنا مش فى الشارع.. ومحدش يأخذ باله.. ونروح فى داهية".

وبعدما خرجت من المركز، لمحت جراج سيارات خلفه، فتوجهت إليه، وقابلت الشاب المسئول عنه، ويدعى " سليم"، وسألته عن المخدرات داخل المركز، فرد: " للأسف المخدرات موجودة فعلاً داخله.. شباب يشترى ويشرب فى الصباح والمساء، ولا يعترضهم أحد على الاطلاق، بل الأخطر من ذلك أن بعض تجار المخدرات بمنطقة إمبابة هم الذين يديرون المركز، ولا يجرؤ أحد من إدارة النادى على مجادلتهم، وإلا سيكون مصيره القتل، لذلك فهم غالباً ما يتجنبون الاحتكاك بهم".


4- بشتيل

وفى بشتيل، التى تعد من أشهر مناطق إمبابة المعروفة بتجارة المخدرات، دخلنا إلى مركز الشباب، وهو عبارة عن ملعبين لكرة القدم فقط، ومبنى إدارى.

داخل المركز، رأيت مجموعة من الشباب، كلاً منهم ممسكاً بكيس بلاستيك أسود، وفجأة جاءنى أحدهما، وقال لي: "بتدور على حد يابرنس"، فرددت عليه: لأ.. ففجأنى برده: " عايز بكام"، فقلت له أريد نصف صباع بـ50 جنيهاً، فأخرجه من الكيس بعدما تفحص المكان حولنا، وحينما سألته عن اسمه، رد على بلهجة غضب: " انت هتنسبنى.. اتوكل على الله طالما خدت اللى انت عايزه"، فتركته، وخرجت من باب المركز إلى الشارع.

استقللت "توك توك" من أمام المركز ليخرجنى إلى الشارع الرئيسى، وأثناء حديثى مع سائقه، علمت منه أن المركز ساحة لتجارة المخدرات"، بل الأخطر من ذلك ما قاله لي:" ياريت تيجى على المخدرات بس، لكنهم يمارسون الجنس داخله"، ولا أحد يستطيع اعتراضهم من أهالى المنطقة، لأن المتحكم فى شئونه كبار تجار المخدرات بالمنطقة.

واختتم سائق التوك توك، كلامه: "أكثر من مرة أبلغ الأهالى الحكومة، لكن مفيش فايدة، والمخدرات موجودة طول الوقت".

5 -زينهم

ومن إمبابة إلى منطقة زينهم بالسيدة زينب، وهناك يتم بيع المخدرات داخل المركز، عبر البوابة الخلفية، هذا ما علمناه من أحد أهالى المنطقة حينما سألناه عما إذا كان يتم بيع المخدرات داخل المركز أم لا، فكان رده: المركز تم تجديده فى أواخر حكم مبارك، وفى مخدرات لكن قليلة"، متابعاً: عايز تشوف المخدرات تعالى الساعة 11 مساء، وهتلاقى سكر بيبيع أمام البوابة الخلفية".

جئت إلى البوابة، فى الموعد الذى قال لنا عليه، وبالفعل وجدت شابا يرتدى زى أمن، فاقتربت منه، وقلت له: "عايز نصف صباع ياسكر"، فرد علىّ: " أنت غريب مش من هنا "، فقلت له"سمعت عنك كتير.. وعارف إن الحشيش اللى معاك أحسن حشيش فى السيدة كلها"، فابتسم، وقال لي: خد السيجارة دى هدية عشان الكلمتين الحلوين دول".

جلست بجواره لدقائق معدودة، وجاريته فى الكلام، وسألته عن سر اختياره لهذا المكان تحديداً، فقال لي: " هنا المكان أمان.. خصوصاً أن أفراد الأمن المتواجدون هم رجلتى وأعطيهم أموالاً من أجل السماح لى بالبيع هنا".