منال لاشين تكتب: صدمة: الأسعار فى بريطانيا أرخص من مصر
تحقيق يكشف أكاذيب الحكومة
■ كيلو لحوم الفراخ بنفس سعر كيلو الأجنحة وأرجل الدجاج فى مصر.. والأرز المصرى يباع فى لندن بـ2 جنيه وفى القاهرة بخمسة جنيهات ■ إيجار الشقق يقترب من السعر المصرى وأسعار العقارات تتغير كل ثلاث سنوات بتدخل حكومى ولصالح المواطن البريطانى
■ التاكسى محرم على البريطانيين .. وتذكرة المترو من 3 إلى 7 جنيهات وتذكرة الأتوبيس الشهرية بـ55
الأكل فى مصر رخيص وما حدش بيبات من غير عشا، وأحسن حاجة فى مصر إنك تقدر تاكل بأى فلوس، كلنا نشأنا على هذه المعتقدات التى تحولت إلى خزعبلات، والحكومة، كل حكومة فى مصر استغلت هذه الخزعبلات لصالحها، إذا اشتكينا من ارتفاع الأسعار أو انخفاض المرتبات والدخول، تتحرك الحكومة سريعا وتهرول بتصريحات من نوع «مصر أرخص دول العالم» أو «تذكرة المترو بعشرة جنيهات فى بريطانيا» أو «الأسعار فى مصر لا مثيل لها فى الخارج»
وساعد فى ترسيخ فكرة أن الأسعار أو الحياة فى مصر أرخص من أوروبا والدول المتحضرة عامل مهم، وهو انخفاض قيمة الجنيه أمام معظم العملات الأجنبية، فالجنيه الاسترلينى يساوى نحو 12 جنيهًا مصريًا، واليورو «عملة أوروبا الموحدة» بأكثر من 8 جنيهات مصرية، والدولار بـ7،8 جنيهات، ولذلك فكل المصريين الذين يسافرون إلى هذه الدول يدفعون دم قلبهم فى تغطية نفقات الرحلة نتيجة انخفاض قيمة الجنيه، وبالمثل فإن الأجانب عندما يأتون إلى مصر فى رحلات قصيرة يستفيدون من انخفاض الجنيه أمام عملاتهم، ولذلك تبدو العيشة فى مصر أرخص من بلادهم، ومع لعبة التحويلات ننسى أن الجنيه والدولار واليورو هى عملات مختلفة من بلد إلى آخر، ولكنها تظل عنصر قياس موحد، فالجنيه بالنسبة للمصرى يتساوى مع اليورو أو الدولار فى أوروبا أو أمريكا، إنها مجرد عملة للبلد، وكل مواطن يقبض مرتبه بعملة بلده، ويجب أن يقاس مستوى الأسعار بالعلاقة بين أسعار السلع ومستوى الدخل فى كل دولة.
لكن إذا ابتعدت عن لعبة تحويل العملات، وتعاملت مع أسعار المنتجات والسلع فى أى دولة أوروبية أو أمريكا ستصاب بصدمة كبرى، وستدرك على الفور أننا وقعنا فى خديعة كبرى، وأن المصريين يتعرضون للنصب كل يوم وكل دقيقة وفى كل السلع تقريبا، وان مستويات الأسعار فى مصر خاصة الغذاء هى مستويات قياسية فى ارتفاع أسعار السلع والمنتجعات.
قد اخترنا فى هذا التحقيق دولة بريطانيا لأنها من أغلى الدول الأجنبية فى أسعار المعيشة، البريطانيون يحسدون الأمريكان على أسعار الغذاء والمعيشة فى أمريكا، وداخل أوروبا الموحدة فإن أسعار المعيشة أرخص من بريطانيا بنسبة مختلفة قد ترتفع هذه النسب من دولة إلى أخرى، ولكن فى النهاية تظل بريطانيا هى الأغلى.
1- مائدة البريطانيين
الأسعار القادمة للغذاء فى بريطانيا تم جمعها من ثلاثة مصادر الأولى من مصريين يعيشون الآن فى بريطانيا والثانية بالاعتماد على مواقع بريطانية لبيع الغذاء والسلع، والثالثة من الإعلانات فى المواقع لبعض السوبرماركت البريطانية، مائدة البريطانيين مثل كل المواطنين تعتمد على الأرز والمكرونة والخضروات واللحوم بأنواعها واللبن والبيض والخبز، ولذلك ركزنا على أسعار هذه السلع الرئيسية، وفيما تباع اللحوم فى مصر من 65 جنيهًا إلى 100 فإن أسعار اللحوم الحمراء فى بريطانيا من 6 جنيهات إلى عشرة جنيهات، وكيلو الدجاج بـ10 جنيهات فى أعلى سعر أى 20% من أسعار بيع الفراخ المخلية عندنا، وفى مقارنة أليمة وتحرق الدم سعر كيلو الدجاج فى بريطانيا يتساوى تقريبا مع سعر بيع أرجل الفراخ بمصر.
لتر اللبن بـ1،2 جنيه فى المقابل أقل سعر لتر لبن فى مصر 5 جنيهات وأعلى سعر 9،5، والمثير للغيظ أن الأرز المصرى يباع فى لندن بنحو 2 جنيه، ويباع فى مصر بخمسة جنيهات وفى أقل سعر 3،5.
وفى الجدول المرفق أسعار الخضروات والفاكهة ومنتجات غذائية أخرى فى كل من بريطانيا ومصر.
هناك بالطبع فارق شاسع فى أسعار الطعام نصف المطبوخ فى البلدين والفارق بالطبع لصالح بريطانيا أو بالأحرى المواطن البريطانى، فأنت تستطيع أن تشترى 3 قطع من الدجاج والخضروات أو البطاطس أو الأرز بـ2جنيه إسترلينى، والبيتزا نصف الجاهزة تباع بنحو 30% من ثمنها فى مصر.
مطاعم الطبقة المتوسطة والشباب فى قلب لندن تقدم وجبات سريعة بأقل من 50% من الأسعار التى تقدمها المطاعم المماثلة فى مصر، ففى هذه المطاعم تقدم لك وجبة كاملة من المشروبات والسلطة وسندويتشات اللحوم أو الفراخ من 7،5 جنيه، ولكن الأسعار السائدة فى أكثر وجبات الأغذية السريعة تبدأ من 9 جنيهات، وبالنسبة لسلاسل المطاعم العالمية من بيتزا أو فراخ أو برجر فإن السعر فى بريطانيا يتراوح من 40% إلى 50% من أسعار هذه السلاسل فى مصر، فسلسلة البيتزا الأمريكية حيث تباع فى بريطانيا بثلث ثمنها فى مصر، وذلك على الرغم أن مكونات البيتزا واحدة فى كل من مصر وبريطانيا، وفى الغالب فإن البيتزا فى مطاعم بريطانيا أفضل وتحتوى على مكونات أكثر كثافة من البيتزا فى مصر، وهذا النموذج ينطبق على معظم الوجبات، لأن مستوى الخدمة وقوانين حماية المستهلك أكثر صرامة فى بريطانيا من مصر.
2- معادلة الأسعار
وبريطانيا بها أهم وأكبر جمعية لحماية المستهلك على مستوى العالم، وهى جمعية أهلية ومنتشرة فى جميع أنحاء بريطانيا وذات سطوة ونفوذ، وتنفق الجمعية على أنشطتها من خلال اشتراكات المواطنين البريطانيين خاصة أن عدد المواطنين المشتركين فى الجمعية يتجاوز عدة ملايين، وهذا النفوذ لجمعية حماية المستهلك فى بريطانيا يقف فى مواجهة أى تلاعب بالأسعار أو زيادة أسعار المنتجات.
وهذا لايعنى بالطبع أن الأسعار لا ترتفع فى بريطانيا أو أن أسعار الغذاء ثابتة، ولكن ارتفاع الأسعار هناك لا يمثل قفزات مثلما يحدث فى مصر، والمواطن البريطانى لا يستيقظ فى الصباح ليجد ارتفاعا فى أسعار الغذاء بـ30% أو40% مثلما يحدث للمواطن المصرى، وعندما يصل كيلو الليمون فى مصر لـ25 جنيهًا وأحيانا 30 جنيهًا، فنحن أمام كارثة يعيشها المصريون وتتجاهلها الحكومة، أو عندما ترتفع أسعار اللحوم 10% أو 15% كل شهر فنحن أمام كارثة أخرى.
إذا كانت الأسعار ترتفع فى بريطانيا، فإنها تسير فى الاتجاهين ففى بعض الأحيان ترتفع أسعار بعض السلع، وأحيانا يصيب الأسعار الانخفاض، ولكن فى مصر الأسعار تسير فى اتجاه واحد الارتفاع دوما.
لدينا فى مصر ارتفاع أسعار بمناسبة المواسم موسم رمضان أو العيد أو عيد الأضحى، ولكن فى بريطانيا فإن الأعياد والمواسم تدفع الأسواق والتجار إلى إجراء تخفيضات أو تقديم عروض على أسعار الغذاء أو السلع لأن زيادة المبيعات تتيح للتاجر أن يحقق أرباحًا أكبر مع خفض فى الأسعار، ولذلك يستغل السياح وزوار بريطانيا أعياد الكريسماس لشراء بضائع مخفضة أو الاستفادة من عروض خاصة تقدم بمناسبة الأعياد.
وهذه القاعدة الاقتصادية لا يعترف بها التجار فى مصر، فالأعياد والمواسم فرصة لزيادة الأسعار، وقبل شهر رمضان الماضى أوقفت إحدى شركات الزبادى خط إنتاج نوع من الزبادى، وأبلغت التجار أنها ستعاود الإنتاج مرة أخرى مع بداية شهر رمضان وبالأسعار الجديدة، وبالفعل تمت زيادة سعر علبة الزبادى بمناسبة رمضان، هذا النموذج ينطبق على أسعار سلع عديدة، باستثناء تخفيضات الزيت والسمن الطفيفة التى تحدث فى رمضان، وهذه التخفيضات تحدث بنفس النسب والعروض واحدة لان تلك السوق تقع تحت دائرة الاحتكار، فمهما تعددت أسماء الزيوت والسمن فإن هناك ثلاث شركات تنتج وتحتكر كل هذه الأنواع.
3- أزمة المواصلات والسكن
ولأننى لا أريد أن أتورط فى خطايا الحكومة، وأن أنقل حقائق مبتورة أو قاصرة فهناك أسعار سلع وخدمات فى بريطانيا أغلى من مصر، والحقيقة أن كل دولة بها بعض السلع والخدمات الغالية أو مرتفعة السعر، ولكن تظل أغلب السلع والمنتجات فى مستوى الأسعار العادية وهذا الأمر ينطبق على بريطانيا أيضا فهناك بعض السلع والخدمات مرتفعة الأسعار.
على رأس هذه الخدمات وسائل المواصلات، ولكن أسعار التنقل ليس بالارتفاع أو الجنون الذى تصوره أو يدعيه بعض وزراء الحكومة، فتذكرة المترو من قلب لندن إلى بقية الأحياء تتراوح مابين 2،90جنيه إلى 6،4 جنيه، ويتوقف سعر التذكرة على المسافة بين المحطتين أو بعد المناطق، ويمكن للمواطن البريطانى الحصول على تذكرة أتوبيس شهرية مقابل 55 جنيهًا وبمعدل 1،8 جنيه فى اليوم، وبالطبع التاكسى فى بريطانيا للأثرياء والسياح الأثرياء من دول الخليج أو الصين، فالتاكسى ليس من بين وسائل الانتقال التى يعتمد عليها المواطن بأى حال من الأحوال.
السكن فى بريطانيا لايعد رخصيا بأى حال من الأحوال، ولكن المفاجأة أن إيجار الشقة الغرفتين فى بريطانيا يقترب من إيجار الشقق بالنظام الجديد فى مصر، ولكن أسعار الشقق التمليك فى مصر أعلى من أسعارها فى بريطانيا فى معظم المناطق، ففى بريطانيا ترتفع أسعار العقارات بنسب كبيرة نظرا لإقبال الأجانب على شراء العقارات، ولكى تقوم الحكومة بإحداث التوازن تتم مراجعة الضريبة العقارية خاصة على عقارات الأجانب، فعندما تؤدى زيادة طلب الأجانب على عقارات بريطانيا لزيادة الأسعار، تقوم الحكومة بزيادة الضريبة العقارية للأجانب، وعندما ينخفض الطلب المحلى على العقارات تقوم الحكومة البريطانية بإلغاء ضريبة العقارات للأجانب أو تخفيضها لحدود قياسية، وفى بريطانيا تستخدم حصيلة الضريبة العقارية فى كل مقاطعة أو مدينة للإنفاق على المدارس والصحة وتطوير المدينة، وفى بريطانيا يدفع الجميع ضريبة عقارية بنسب، ولكن فى مصر تم إعفاء العقارات حتى 2 مليون جنيه من الضريبة العقارية، ولذلك فإن حصيلة الضريبة العقارية فى مصر لن تكون مجدية لدعم التعليم أو الصحة فى المحليات، ولكن الأهم أن سياسة الضريبة العقارية فى بريطانيا تهدف لإحداث توازن لسكن المواطنين البريطانيين، ولكن السياسة الحكومية بمصر أدت إلى ارتفاع جنونى فى أسعار الأراضى وبالتالى العقارات، لأن الحكومة نافست القطاع الخاص فى رفع أسعار الأراضى، ولأننا رفعنا حد الإعفاء فى الضريبة العقارية، ولذلك لا يجب أن تصيبنا الدهشة لأن إيجار شقة غرفتين وصالة فى لندن يكاد يتساوى مع إيجار نفس الشقة فى أطراف القاهرة أما فى قلب القاهرة الرقم يرتفع إلى 3000 جنيه.