نادية صالح تكتب: عندما انكفأ العالم على وجهه
انكفأ العالم على وجهه خجلاً، تماماً مثلما انكفأ الطفل السورى «آلان» ابن الثلاث سنوات على وجهه.. ميتاً.. مسجى على الشاطئ بعد أن قذفته الأمواج على الشاطئ فى إحدى جزر تركيا.. وكأن العالم انكفأ هو أيضاً على وجهه خجلاً من قسوته وغلظة قلوب الناس فيه.. رأيت العالم حيران.. لا يعرف ما يقول؟! ولا ماذا يقول؟!
هذه «ميركل» الألمانية.. المستشارة العظيمة بجلالة قدرها يرق قلبها وتبدى استعدادها لاحتواء الغلابة المهاجرين هرباً من الموت والنار فى بلادهم، وهذا رئيس وزراء فنلندا «على ما أظن» يعرض بيته مأوى وملجأ، وكثيرون من الرؤساء وأصحاب قلوب رحيمة فعلوا ذلك شفقة ورحمة.. بكى الرجال قبل النساء من قسوة الإنسان على أخيه الإنسان.
وكأن الأقدار أرادت أن تخرج لنا فيلماً من الواقع المرير عن هذه الأسرة.. نموذجاً لما يحدث ويجرى وكلنا يتفرج.. هذه أسرة السورى عبدالله الكردى «حلاق ومزين رجالي» يفقد أسرته «آلان» ابن السنوات الثلاث وصورته مقذوفاً على الأمواج نائماً على وجهه تماماً كما كان ينام على سريره وقت أن كان فى حضن والديه.. لكن نام هذه المرة- ذلك المسكين- ورقد دونما قيام على الشاطئ مُشهداً العالم كله على ما فيه من ظلم وقسوة، وإلى جانب «آلان» الصغير فقدت أسرة عبدالله ابنها الأكبر «غالب» ثم الزوجة واسمها «ريحانة»، «ريحانة» الأسرة راحت.. ماتت.. وكأنها لم تستطع إلا أن تلحق بابنيها.. «ريحانة» الأسرة ماتت وتركت «عبدالله» الزوج المكلوم يعانى وحده بعدما كانوا فى طريقهم للهجرة واللجوء بعيداً عن النار فى بلادهم «وعبدالله» وحده بعد «الفقد القاسي» يحكى ويعيد «الحكي» عن الظلم والقهر، عن المتشدقين بالديمقراطية وهم أول من يدهسها بالقسوة.. كل القسوة!! والآن.. ماذا فعل العالم؟! أو ماذا سيفعل؟! هل يلوم نفسه ويكتفى باللوم؟! هل يحاسبها ويحاول أن يصلح من قسوته؟! لا هذا ولا ذاك نتوقع أن يحدث فى القريب أو ندركه فى أيامنا هذه إلا إذا أرادت السماء وغضبت وأعلنت عن غضبها عقاباً للظالمين، فيا الله.. أنت من قلت إن من لا يخافك له موعد، وانتقام السماء لا راد له.. وقضاؤك يا رب نافذ على الظالمين.. يارب.. ابعث لنا بقدرتك من يخافك ويخشى عذابك ليصح العالم ويعتدل الميزان.
«آلان».. صغيرنا السورى على الشاطئ.. وجهه على الرمال.. ساجداً لمولاه.. يشكو القسوة.. وهو فى رحابك.. فاجعل يارب هذه الصورة مخرجاً ومنفذاً لإبعاد الظلم وعقاب الظالمين.. آمين.. آمين.. آمين- ويجف القلم من فرط الألم.
ملحوظة هامة:
تأملاتى كانت قبل الثورة عن الفساد فى مصر.. والتى بدأت بالقبض على «وزير»!! وزير الزراعة وأعوانه، ومثله رئيس رابطة مكافحة الفساد!! يا الله إن «السماء» غضبت.. والعقاب قادم لمن فسد وأفسد فى الأرض.. وأنت المعين يارب.. أعنا يا كريم على الفساد والمفسدين.