الصحافة العالمية ترثي الطفل السوري الغارق

عربي ودولي

بوابة الفجر


أثارت صورة لطفل سوري صغير -3 سنوات- منكفيء على وجهه على رمال شاطيء بتركيا تنديدات وبكاء مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم كله، كما ألقت بصداها على الصحف الدولية، والفزع في نفوس العالم عسى أن تجد القضية السوية مكانًا لأصحاب المبادرات الحقوقية، بعد أن ضلت طريق السياسيون.

ولم تكن الصحف التركية وحدها التي حمًلت أوروبا المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه أزمة سوريا، حيث أبرزت صحيفة "الموندو" الإسبانية بعنوان "غرق أوروبا" أن الصورة المخجلة للطفل السوري تعكس مأساة سوريا، وقالت على لسان مستشار خاص بالأمم المتحدة يدعى "فيليب دوست" أن لهجة السياسيين بالغرب تحمل مناخ من الكراهية للأخر والخوف والحفاظ على القومية، وطالب هؤلاء السياسيين بأن الأوروربيون عليهم أن يكونوا إنسانيين فيما يعتقدونه". 

أما صحيفة "الباييس" الإسبانية أبرزت أن صورة الطفل هي كناية عن الحالة السيئة التي يعيشها العالم الأن وأن أوروبا أصبحت مرآة مظلمة للحروب بالشرق الأوسط بعد تدفق اللاجئين، وأضافت أن هذا الأمر يذكرنا بحال إسبانيا حين اندلعت الحرب الأهلية عندما كنا صغارًا وهربنا من المعاناة إلى الدول المجاورة. 

وقالت الصحيفة في تقرير أخر بعنوان "الطفل" نددت فيه بأن الصورة مؤلمة لصاحب الثلاث أعوام وهو منكفئ على فمه على الرمال بدلًا من رؤيته يلعب على الشاطيء مثل باقي الأطفال. 

وعنونت "أه بي ثيه" الإسبانية "هدية جيلان إلى أوروبا" أي الطفل السوري وتلك الهدية أن جعل أوروربا تنظر بإنسانية أكثر إلى غيرهم بعد أن كان يصف "ديفيد كاميرون" اللاجئين بالمتسولين، رغم أنهم ضحايا حروب، وهو هو رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" يطالب بضرورة التحرك والحشد الشعب لانقاذ اللاجئين، وقال "إسمي الأن "جيلان كردي".
وكان من الطبيعي أن يكون لصورة الطفل صدى عاطفي قوي ومؤثر يغني عن أي كلام الصورة التي لخًصت مأساة سوريا بينما عجزت الأرقام وصور مروعة للحرب، ببعد مقتل ربع مليون سوري حتى الأن وتشريد الملايين، وفقًا لصحيفة "تليجراف" البريطانية، وأضافت " أن الآن لم يعد أمامنا خيارات أخرى للاعتراف بالواقع المأساوي للحرب السورية المستعرة منذ 5 أعوام، وقالت "لو كنا أمناء أمام أنفسنا، فإن فزعنا من رؤية تلك الصورة للطفل الغارق أقل بكثير من قلقنا على الأطفال الفقراء، وأكبر بكثير أمام إحساسنا بالذنب

أما صحيفة "بيلد" الأكثر مبيعًا بالبلاد، خصصت صفحتها الأخيرة لإدانة أوروبا قائلة "لا نحتمل رؤية تلك الصور التي أصبحت مألوفة لكننا نرغب ومضطرين لإظهارها لتوثيق الفشل التاريخي لحضارتنا الغربية.

بينما "أبرزت "ميلان" الإيطالية صورة الطفل محمولًا، وعلى واجهتها عنونت "الشاطئ الذي ماتت فيه أوروبا"، وقالت "هل من المكن نشر صورة لطفل قتيلًا على واجهات الصحف؟، ذلك الطفل يبدو وكأنه ينتسب لنا جميعًا، ابننا أو حفيدنا، لكن في النهاية قررنا أن عدم نشر الصورة يساعد على إخفاء الحقائق".

 ومن جهتها استفسرت "اندبندنت" البريطانية إذا لم تغير تلك الصور القوية والمؤلمة موقف أوروبا من اللاجئين فما الذي تنتظره بعد؟، وحثًت الصحيفة أن هناك طرق عديدة لمساعدة اللاجئين رغم السعي الحثيث من الزعماء السياسيين لغلق الأبواب أمامهم، بالتبرع لمنظمات حقوقية وجماعات أهلية وأماكن أخرى توفر معلومات عن استضافتهم، كما طالبت بالتوقيع على طلب مقدم من "اندبندنت" للبريطانيين لقبول المشاركة العادلة مع اللاجئين، وقبول المزيد من طلبات اللجوء وزيادة الدعم للمهاجرين بالمملكة المتحدة، وإنشاء شبكة تعاون واسعة أوروبية للتضامن مع اللاجئين. 

ومن جهتها رحبًت تليجراف، بتفاعل العالمي مع الصورة قائلة" من الجيد أن نرى تغريدات على تويتر وهاشتاج للترحيب باللاجئين، وربما يتبرع البعض بالأموال، لكن ذلك لن يوفر للأسف ملجأ آمن لهم أو مستقبل سعيد لملايين السوريين وغيرهم ممن يعاونهم ن الحرب بالعراق وأفغانستان، مطالبة بحل فوري يقضي على الإرهابيين في سوريا.

من جهة أخرى وكما كان هناك إصرار من جانب بعض الصحف الدولية لنشر الحقيقة والواقع كما هو، نشب أيضًا نزاعًا بين الصحف العالمية حول أولوية القضية أم تهميشها حتى لا تلقي بظلالها على قضية اللاجئين، بعدم نشر الصورة المؤلمة كما هي أم عرض لقطات جانبية لها وهو محمولًا بين يدي الشرطي التركي، او تهميشها من الأساس بعرض أزمات أخرى للاجئين. 

وكانت نيويورك تايمز وواشنطن بوست وجانب من الصحف الأمريكية والصحف فرنسية التي تزعم عدم نشر صورمأساوية على أغلفتها بزعم إنساني، بينما اختلفت معها الصحف البريطانية التي ترى أن تشرها لإرغام "ديفيد كاميرون" رئيس الحكومة لتغيير سياساته تجاه المهاجرين.

وأخيرًا فضًلت "نيويورك تايمز وبعض الصحف الغربية عدم نشر صورة الطفل ملقى على وجهه، ونشرت صورة جانبية للطفل وهو محمولًا بين أذرع الشرطي التركي، والاكتفاء بالإشارة لقضية اللاجئين في أوروبا، وأبرزت عناوينها "أوروبا منقسمة" في إشارة إلى قضية الهجرة بعد تفاعل النشطاء معها، و"أوروبا تواجه كارثة جديدة".