أحمد فايق يكتب: حرب الغاز
الكنز يساوى الدين العام لمصر الداخلى والخارجى
33 تريليون قدم مكعب احتياطى الغاز فى حقل واحد مصرى بالمتوسط
25 تريليون قدم مكعب إجمالى الغاز الإسرائيلى فى المتوسط
■ حاكموا سامح فهمى وزير بترول مبارك الذى أوقف التنقيب عن الغاز فى المتوسط 2005
كان من المنطقى أن نجد ثروة غاز فى مصر، ليس من الطبيعى أن ترى حقول غاز فى إسرائيل وليبيا والجزائر فى المتوسط ومصر لا، شرق المتوسط طبقا لخرائط الاستشعار عن بعد هى منطقة ثرية بالغاز، هناك صراع على ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا وإسرائيل واليونان وقبرص، حتى الآن لم تعترف مصر بمعاهدات ترسيم الحدود بين إسرائيل وتركيا، تركيا تحاول قدر الامكان بسط نفوذها فى اتجاه شرق المتوسط، ولو حتى عن طريق المياه الدولية والتعدى على الحدود البحرية لدول شرق المتوسط.
حروب العالم الحالية بسبب البترول والغاز والقادمة ستكون بسبب الغاز فقط، فالغاز هو كنز الطاقة فى العالم، طاقة نظيفة ومؤثرة، حينما توقفت مصر عن استخراج الغاز بنفس الكميات عانينا من أزمات انقطاع الكهرباء، وحينما استبدلنا وقود المحطات الكهربائية بالمازوت بدلا من الغاز، تعطلت المحطات وأصيبت بعضها بالعطب.
كل الطرق تؤدى إلى مزيد من التنقيب والبحث، لقد توقف البحث فى المتوسط بقرار من سامح فهمى وزير بترول مبارك عام 2005، فعل هذا لأنه كان خائفا مرتعدا يخشى أن ندخل فى حرب غاز أو يدعى ذلك!
حاكموا سامح فهمى لأنه تسبب هو ونظيف ومبارك وجمال فى بهدلة المصريين وحرمانهم من حقهم فى الحياة.
إن مشروع التنقيب فى البحر المتوسط بدأ فى نهاية 2014، فقد كانت هناك دولة قوية وإرادة سياسية تريد هذا، دفعت الدولة جزءًا من ديونها لشركات البترول والغاز، وهذا تسبب فى زيادة الثقة بين الطرفين، فقد وصلت ديون الحكومة لشركات البترول ارقاما خيالية، العقد بين الحكومة المصرية وشركة «اينى» الايطالية، ينص على أن تتولى الشركة التنقيب فى أربع مناطق، وتتحمل الشركة تكلفة التنقيب كاملة، وفى حالة اكتشاف حقول غاز تسترد الشركة اموال التنقيب، وفى حالة عدم الكشف فإن الشركة تتحمل وحدها الخسائر.
واجهت الشركة الايطالية مشاكل فى التنقيب وأوقفت أعمالها بسبب بيروقراطية وفساد بعض الموظفين، وفى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ طلب مسئولو الشركة مقابلة بعض الاشخاص فى رئاسة الجمهورية ونقلوا مشكلتهم إلى الرئيس، وطلب السيسى حل جميع مشاكلهم فورا وتابعت الرئاسة شخصيا القضية، إن رفع فساد موظف عن شركة تستثمر تسبب فى أن تربح مصر أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط، وواحد من أكبر الحقول فى العالم، هذا الحقل به 33 تريليون قدم مكعب غاز أى مايوازى 5.5 مليار برميل، بقيمة لا تقل عن 90مليار دولار.
ستحصل الشركة الايطالية على نسبة 60% فى اول ثلاث سنوات حصتها بالاضافة إلى مصاريف الاستخراج والاكتشاف، وبعد 3 سنوات نصيب مصر سيكون 65% والشركة الايطالية 35%، وهذه نسب عالمية معتادة، خاصة أن الكنز موجود فى اعماق البحر المتوسط حوالى 1500 متر تحت سطح البحر، الحقل على بعد 190 كيلوًا مترًا من بورسعيد لكنه يقع فى المياه الاقليمية المصرية. سيتسبب هذا الحقل فى زيادة احتياطى مصر من الغاز بنسبة 50%، ففى عام 1996 كان احتياطى الغاز فى مصر أقل من تريليون قدم وفى عام 2014 بلغ احتياطى الغاز 65 تريليون قدم، مضافا اليه 33 تريليون الكنز الجديد، الآن احتياطى مصر من الغاز يغطى الدين الدخلى والخارجى لمصر، وهذا شىء مبشر وله تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى.
الشركة الايطالية ستبدأ فى عملية تنمية الحقل لاستخراج الغاز، وهذا سيتطلب معدات جديدة لم تكن موجودة من قبل، إن عملية التنمية ستستغرق على الاقل 3 سنوات، ومصر تضغط بقوة لاستخراج الغاز مبكرا فنحن نحتاجه لحل الكثير من أزماتنا.
الأهم من ذلك أن هذه واحدة من أربع مناطق ستنقب فيها الشركة، وفى انتظار منح أخرى من السماء، فحينما يطبطب الله على المصريين، لا أحد فى الكون سيقف ضدنا.
مصر تتمتع بميزة أخرى غير موجودة لدى دول كثيرة فى المتوسط، وهى أن لدينا بنية تحتية قوية فى صناعة الغاز، لدينا وحدات ومصانع ضخمة لإسالة الغاز وتصديره فى دمياط وادكو ولدينا ايضا خطا انابيب لتصدير الغاز.. ولدينا وحدات معالجة وتخزين فى حقول اخرى فى مناطق الجميل وحقل التمساح وغيرهما.
وهذا يعنى أننا جاهزون للاستفادة بسرعة من الكنز الجديد، هذه البنية غير موجودة فى اليونان وقبرص، وغير موجودة بنفس القوة فى إسرائيل، لقد كان يوم اكتشاف الحقل يوما أسود على إسرائيل التى لديها حقلان الاحتياطى الخاص بهما 25 تريليون قدم، أى أن الحقل المصرى اكبر منهما معًا، والأهم أن مصر بها عدد سكان كبير واحتياجات مصر تبتلع كل إنتاح حقل الغاز، وهذا مغر جدا للشركة الايطاليةً، فقد ضمنت زبونا يشترى حصتها وبدون تكلفة نقل.
إن الاحتياطى بهذا الحقل وحده كفيل بسد احتياجات مصر من الغاز لعشر سنوات قادمة، كل هذه المعطيات تؤكد أننا فى فرح كبير، لكن هناك شيئا ما يجب أن نخشاه ونعد أنفسنا له، هناك مخابرات إقليمية لن تسمح لمصر بالاستفادة من ثرواتها، ومن الوارد أن يحاولا توريطنا فى حروب أو معارك جانبية لصرفنا عن التنمية، أتمنى من الرئيس السيسى أن يخصص جزءًا من أرباح الحقل يستثمر فى حماية هذا الكنز، هناك أجهزة مخابرات مثل الموساد والمخابرات التركية والقطرية لديهم استعداد أن يصرفوا ملايين الدولارات لتفجير هذا الحقل، ويجب أن نستعد لهم بالمليارات وليس الملايين، فى مثل هذه المواقف نستطيع أن نستوعب لماذا يسعى رئيس الجمهورية إلى تحديث الجيش وعقد صفقات سلاح ضخمة، وتنمية البحرية المصرية، فهو يحتاج إلى حماية الكنز، وتحتاج مصر ايضا فى نفس الوقت إلى الاستثمار فى حماية وتأمين هذا الكنز مخابراتيا، سيسعون بكل قوتهم لتفجير خطوط الغاز الدولية التى تمر بسيناء، سيسعون لتفجير مصر بالأموال والرشاوى والعمليات الإرهابية، سيسعون لتوريط مصر فى مواجهات إقليمية تبعدها عن التنمية، سيفتحون جبهة ليبيا علينا أكثر، إن إغلاق حقل الغاز المصرى كفيل بأن يجعل إسرائيل تربح المليارات، فمثل هؤلاء يحلمون بأنظمة من نوعية مبارك أو مرسى، انظمة لا تحقق أحلام المصريين، إن نظام مرسى بالنسبة لهم مثالى، لديه استعداد لتسليم سيناء بالكامل مقابل أن يتركوه يحكم، وهو الطريق الذى وقف له بالمرصاد الشعب المصرى مستخدما جيشه الوطنى فى مواجهة الخيانة.
القارئ للأمور يتأكد أن ما هو قادم أكثر صعوبة، فمصر ستواجه حربا شرسة وهى حرب الغاز، لقد تم تدمير سوريا من أجل الغاز القطرى، ومافيا الغاز فى العالم لديها استعداد لتفجير مصر.