الانقسامات الطائفية والفساد بالعراق يطوقان إصلاحات "العبادي"

عربي ودولي

بوابة الفجر


بعد مرور أسابيع على اندلاع احتجاجات واسعة للمطالبة بمحاصرة الفساد ودعم خطوات إصلاحية اتخذها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يبدو أن الانقسامات الطائفية العميقة وفساد المناخ السياسي العام سيجعلان من الصعب على العبادي تحقيق وعوده.

وتمثلت هذه الوعود في إصلاح مؤسسات الدولة وتقديم المسؤولين الفاسدين للمحاكمة وتخفيف وطأة النفوذ الإيراني الواسع على الحكومة العراقية، لكن لم يتحقق أي منها حتى الآن. بحسب "العرب اللندنية"

ويعتقد عدد كبير من المتظاهرين، الذين نزلوا يوم الجمعة الماضية لخامس مرة إلى شوارع بغداد ومدن عراقية أخرى، أن تطلعات العبادي الإصلاحية ظلت حبيسة قراراته التي لم تترجم إلى خطوات عملية حتى الآن.

ويقول عضو في البرلمان العراقي طلب من مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ألا يذكر اسمه حتى لا يغضب رئيس الوزراء "يستطيع العبادي أن يتخذ كل القرارات في العالم، لكن في النهاية من سينفذها؟".

وأضاف السياسي القريب من العبادي "لكنه إذا تمكن بالفعل من إلغاء المحاصصة الطائفية وتنظيف المجال السياسي من الفساد فسيتحول إلى بطل قومي".

ورغم سعيه لتحييد الطائفية، اعتمد العبادي في التخلص من خصومه وسياسيين يتهمهم بالفساد إلى جانب الغطاء الشعبي المتمثل بالتظاهرات في الشوارع، على موافقة ودعم المرجعية الشيعية التي مازالت لها الكلمة الفصل في العديد من القضايا المتعلقة بالشأن السياسي في العراق.

ومنذ اندلاع التظاهرات، لم تتخط الإصلاحات الخدمية محاولات لتحسين إمدادات الكهرباء إلى المنازل.

ويقول سجاد جياد، المحلل السياسي العراقي المقيم في لندن "عوضا على ذلك، لم ير العراقيون من الحكومة الكثير بعد".

وأضاف المحلل الذي يقدم بين الحين والآخر استشارات للحكومة "ينبغي عليه تحقيق تطلعات الشعب، لكنه في نفس الوقت لا يستطيع الإسراع في قراراته حتى لا يغضب النخبة السياسية في البلاد".

وتسيطر على العبادي مخاوف من نجاح قادة الميليشيات الشيعية المسلحة في التحريض على مزيد من الاحتجاجات سعيا وراء نفوذ أوسع.

ويستغل قادة هذه الميليشيات، التي تتصرف في كثير من الأحيان بطائفية كبيرة، الشعبية التي اكتسبتها بعدما تمكنت من تحقيق مكاسب عسكرية مهمة في مواجهة تنظيم داعش الذي لايزال يسيطر على مساحات واسعة في شمال البلاد.

وفي صفوف المحتجين، تمكن أعضاء ومقاتلون في الميليشيات المسلحة من احتلال مكانة بارزة في قيادة الاحتجاجات الشعبية.

وإذا ما تحولت إصلاحات العبادي إلى واقع فمن الممكن أن تتسبب في نهايته هو ومعه قطاع واسع من السياسيين العراقيين الذين ساهموا في نشر ثقافة الفساد وتوسيع النفوذ الإيراني في البلاد.

وحينها سيكون البديل من ينجح في السيطرة على موجة الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي تهز البلاد منذ أسابيع، ويوجهها في سبيل تحقيق مصالحه.. الميليشيات الشيعية.

ونجاح الميليشيات في توسيع نفوذها عبر الغضب الشعبي، سيكرر السياسة التي اتبعها منذ أكثر من عام تنظيم داعش المتطرف حينما استغل غضب السنة تجاه سياسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في الهيمنة على الزخم الناتج عنه، ومن ثم السيطرة على مدينة الموصل، أكبر المدن في شمال العراق، وبعدها مدن أخرى آخرها الرمادي مركز محافظة الأنبار.

ويتطلع خصوم العبادي إلى تكرار السيناريو نفسه في بغداد على يد قادة الميليشيات الطائفية في صراع داخلي بين الفصائل الشيعية على النفوذ والسلطة.

وإذا لم ينجحوا في ذلك، فسيحاول هؤلاء الخصوم، الذين مازالوا يسيطرون على حصص كبيرة داخل المؤسسات العراقية، عرقلة تحويل هذه القرارات إلى واقع.

وحينها سيجد العبادي نفسه في مأزق السقوط أو تراجع شعبيته نتيجة لعجزه عن تحقيق وعوده التي طالبه بها المتظاهرون، أو انتصار خصومه.