"الكرملين" يكشف لغز اختفاء بوتين في "مارس" الماضي

عربي ودولي

بوابة الفجر

عندما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يستعد لإعلان قراره التاريخي ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا، تلقّى تحذيرات من مقربين، بينهم ديبلوماسيون ورجال اقتصاد ومال وبرلمانيون، فحواها أن القرار سيجلب على روسيا كثيراً من المتاعب، ويعرّضها لضغوط شديدة وعقوبات اقتصادية خانقة.
 
ووفقا للحياة اللندنية، التحذيرات كشفها أخيراً، أليكسي فينيديكتوف رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو»، وهي من المؤسسات الإعلامية النادرة في موسكو التي حافظت على نبرة معارضة في سياستها التحريرية. قال الرجل الذي يُدعى عادة، مع رؤساء تحرير المؤسسات الصحافية الى لقاءات دورية مع بوتين، خلال منتدى اعلامي نُظِّم أخيراً، إن جواب الرئيس الروسي لأكثر من شخص واجهه بالتبعات المحتملة لقراره كان حاسماً: في هذا البلد أنا وحدي المسؤول عن السياسة، أما أنتم فعليكم أن تقلّصوا الأخطار المحتملة إلى أدنى درجة، وتضعوا الخطط اللازمة لمواجهة التبعات.

وبين مهمات تخفيف التبعات تندرج، بالإضافة إلى مواجهة الضائقة الاقتصادية وتدني مستوى عيش المواطن، وضع القيود المناسبة لضمان عدم نزول المواطنين الى الشارع. وهذا ما حدث، عبر سنّ قوانين وقرارات حظّرت نشاط المؤسسات المدنية، وفرضت قيوداً صارمة على التظاهر والاعتصام.

ما لم يؤخذ في الاعتبار في تلك اللحظة خطر آخر، لم يلبث أن برز بقوة، لأن الظروف المستجدّة زادت لهيب الحرب المستعرة بين مراكز القوى القريبة من مطبخ صنع القرار، واتخذت الصراعات بينها أشكالاً أكثر وضوحاً وحدّة... حتى أن رجل الأعمال النائب في مجلس الدوما عن حزب «روسيا العادلة» إيليا بونوماريف، قال إن «اختفاء» بوتين الغامض نحو أسبوعين في آذار (مارس) الماضي، كان سببه خشية الهيئة الفيديرالية للأمن الرئاسي من تعرضه لخطر. فوجّهت إليه نصيحة بالتوجُّه الى فالداي، والمكوث هناك بعض الوقت.
ويبدو التحقُّق من صحة هذه الفرضية صعباً، لكن الأكيد أن الصراع بين المجموعات المتنفّذة لم يعد سراً.

تشير مصادر وكالة «بلومبيرغ» إلى أن الصراع بدأ يشتد ويظهر إلى العلن في خريف العام الماضي، وإحدى المجموعات القريبة من رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، باتت تُفصِح عن قلق زائد من تداعيات انغلاق روسيا وعزلتها عن النظام المالي العالمي. في المقابل، فإن مجموعات «مراكز القوة» وهي التسمية التي تطلق على الأجهزة الأمنية والجيش ومعها رموز الهياكل الإدارية للمؤسسات الحكومية الكبرى- وأحد أبرز رموزها إيغور سيشين رئيس شركة «روس نفط»، أحد أبرز المقرّبين الى الرئيس- باتت تتطلع الى تعويض خسائرها بسبب العقوبات، عبر توسيع نفوذها والسيطرة على قطاعات الاقتصاد.

وبين المجموعتين، كما يقول ستانيسلاف بيلوفسكي المستشار السابق في الديوان الرئاسي، عدد من «مراكز القوى» التي يوحدها الولاء لبوتين، ويقسّمها التنافس على الحصص في موازنات حكومية باتت تتقلص بفعل العقوبات.

بين ضحايا هذه الحرب كما أشار بيلوفسكي، البليونير فلاديمير يفتوشينكوف صاحب مؤسسة «سيستيما» التي تنتج تقنيات رقمية، وكان يمتلك حصة الأسد في شركة «باش نفط» الكبرى التي وضع «بعضهم» العيون عليها، بعد إعلان خطط لـ «تأميم باش نفط»، وفق سيناريو «يوكوس» قبل سنوات.

في بداية العام، اعتقل الرجل المقرب من مدفيديف، والذي يخوض منذ سنوات صراعاً خفياً مع سيرغي ايفانوف وزير الدفاع السابق رئيس الديوان الرئاسي حالياً، وخرج من سجنه بـ «تسوية» خسر فيها نحو بليوني دولار، هي حصته تقريباً في العملاق النفطي.