عادل حمودة يكتب: صبيان جمال مبارك يدمرون صادرات مصر

مقالات الرأي



■ كيف تحول محمد قاسم رجل جلال الزوربا من موظف صغير إلى ديناصور التصدير؟

يصعب أن تجد فى "بنجلاديش" طريقا مرصوفا.. لكن.. تلك الدولة الآسيوية الفقيرة نجحت فى أن تصدر من المنسوجات وحدها ما يزيد على صادرات مصر كلها.

تصدر بنجلاديش من المنسوجات بنحو 23 مليار دولار.. وتجد أن من السهل زيادة الحجم إلى 50 مليار دولار.. بينما لم يزد حجم صادرات مصر خلال الربع الأول من العام الجارى على 4 مليارات و838 مليون دولار.. ما يعنى أن ما سنصدره هذا العام لن يزيد على العشرين مليار دولار.

وتستهدف الخطة الاستراتيجية الممتدة من 2014 إلى 2018 أن تزيد الصادرات من 25 إلى 42 مليار دولار.. ورغم تواضع الهدف فإنه لم يتحقق.. ففى العام الماضى كان المستهدف 25 مليار دولار لم يتحقق منه سوى 22 ملياراً و242 مليون دولار.. وقد زاد المستهدف فى العام الحالى إلى 28 ملياراً و70 مليون دولار لكن.. لن يتحقق أكثر 19 ملياراً و552 مليون دولار.. الخيال يتضاعف والواقع يتراجع.

لقد تراجعت الصادرات بنسبة تصل إلى 40 % باعتراف كل الأطراف.. ولكن.. وزير الصناعة والتجارة منير فخرى عبد النور لم يهتز على ما يبدو.. والدليل على ذلك أنه أعاد اختيار أغلب أعضاء المجالس التصديرية الذين فشلوا فى مهمتهم ليظلوا فى أماكنهم ليجهزوا على ما تبقى من الصادرات والصناعة معا.

وحسب ما ذكر محمد العزاوى فى جريدة الجمهورية فإن رجال الصناعة وصفوا غالبية رؤساء وأعضاء المجالس التصديرية بأنهم من الأقارب والمعارف والمحاسيب وهم معرفون بالاسم.. وبعضهم موجود فى مجالس تصدير الأخشاب والأدوية ومواد البناء والمفروشات والصناعات الغذائية والمنسوجات.

فى الوقت نفسه استبعد الوزير الأسماء المؤثرة فى التصدير مثل علاء عرفة ومجدى طلبة فى المنسوجات تاركا الساحة لشخصيات لم تعمل بالصناعة وليس لديها مصانع ومنحها ثقته ولم يستمع لسواها.

إن اسم محمد قاسم يثير علامات التعجب أكثر من علامات الاستفهام.. لقد كان موظفا فى وزارة الصناعة «إدارة التمثيل التجارى» قبل أن يستقيل ويعمل مع جلال الزوربا «أحد رجال الكويز وأحد رجال جمال مبارك الذين اعتمد عليهم فى مخطط التوريث وقد وصل إلى رئاسة اتحاد الصناعات».

قبل أن يخرج جلال الزوربا من المشهد العام تمكن من فرض محمد قاسم على المجلس الأعلى للصناعات النسيجية ومجلس تصدير الملابس الجاهزة بجانب عضوية مجلس إدارة صندوق دعم الصادرات.

كون محمد قاسم شركة لا تمتلك مصانع وإنما لديها توكيلات.. وبتلك الصفة سمح للجانب الإسرائيلى فى اتفاقية الكويز بزيادة سعر المكون الإسرائيلى «عشرة ونصف فى المائة من حجم المكون» ما أضعف الفرص التنافسية للمنسوجات المصرية.

وفى الوقت نفسه سمح له بصفته عضواً فى مجلس إدارة دعم الصادرات بأن يتحصل من المصانع المصدرة مبلغا عن كل شهادة يستخرجها دون مبرر لاستخراجها.. ما يوحى بوجود قضية أموال عامة جاهزة للفحص وإن وجد غطاء قانونياً تمثل فى موافقة الوزراء الأربعة الذين يشكلون صندوق دعم الصادرات وهم من جانبهم حموا أنفسهم بموافقة من رئيس الحكومة حصلوا عليها.

وفى وجود محمد قاسم انخفضت صادرات الملابس بنظام الكويز إلى الولايات المتحدة من 880 مليون دولار عام 2011 إلى 816 مليون دولار عام 2014.. ولولا معرفتى بوزير التجارة والصناعة لقلت إنه يحب الفاشلين ولا يقدر سواهم ولا يعمل إلا معهم.

إن اتفاقية الكويز تسمح بتصدير جميع السلع إلى السوق الأمريكية دون جمارك بشرط مشاركة إسرائيل فيها.. لكن.. لم يستفد منها إلا فى قطاع المنسوجات خاصة الملابس الجاهزة.

وكان مفترضاً أن تساهم الاتفاقية فى تعديل الميزان التجارى المصرى - الأمريكى لصالح مصر لكن ذلك لم يحدث رغم إلغاء الرسوم الجمركية من الجانب الأمريكى وحده وهو ما لم يستغله وزير التجارة والصناعة فى بلادنا.

وفى بداية تطبيق الاتفاقية «التى وقعها رشيد محمد رشيد» فى 2005 وحتى عام 2010 وجدنا متابعة دقيقة من الوحدة المختصة فى وزارة التجارة والصناعة لكل التفاصيل بما فى ذلك سعر المكون الإسرائيلى ولكن منذ عام 2011 سيطر الإهمال على الجانب المصرى وتصاعدت تكاليف الإنتاج المصرى ما أضعف القدرة التنافسية للصادرات المصرية.. وربما.. لم يدرك وزير التجارة والصناعة ذلك.. وإلا لما ترك التدهور يصل إلى ما وصل إليه.

ولا تمتلك إسرائيل المواد الكافية التى تدخلها فى المنتج المصرى ما يفرض عليها استيراد جزء منها لتعيد تصديره مصنعا فى المنتج النهائى.. وترتب على ذلك وجود فواتير إسرائيلية أدخلت المصانع المصرية فى دوامة من التعقيدات أضرت بالصادرات المصرية ضررا واضحا مؤثرا.

لقد فقدت الكويز مبررها.. زيادة الصادرات المصرية وخفض تكلفة المنتج المصرى وزيادرة القدرة التنافسية للصادرات المصرية.

وأصبح المصدرون المصريون تحت سيطرة الجانب الإسرائيلى ما أجبر بعض مصانعنا على القبول ببضائع إسرائيلية رديئة وغالية بما عظم أرباح الإسرائيليين على حسابنا.. وإن كان بيننا من يساعدهم على ذلك.

وبسبب سلبية إدارة الجانب المصرى وتراخيه انكمشت صادرات بعض المصانع للولايات المتحدة تجنبا لأخطاء يصعب حلها.

والمؤكد أن الصادرات المصرية للمنسوجات تأثرت كلها بما يحدث فى الكويز خاصة إذا ما عرفنا أن 60 فى المائة من صادراتنا إلى الولايات المتحدة.. منسوجات.

وأخطر ما عرفت أن وحدة الكويز فى وزارة الصناعة أصدرت منشورات للمصانع المصرية بضرورة الانصياع لقرارات الجانب الإسرائيلى ما يعنى أنه المتحكم فى قواعد الاتفاقية من جانب واحد.

إن ما حدث للمنسوجات وجد صداه فى السلع الأخرى ما ضاعف من حجم الانهيار فى الصادرات.. بجانب مظاهر أخرى لم نجد لها تفسيراً من جانب الوزير.

مثلا.. وجدنا تضاربا فى القرارات الرسمية.. فقد حصلت المصانع فى المناطق الحرة على دعم صادرات مثل المصانع خارج المناطق الحرة.. ما أدى إلى توقف النمو الصناعى خارج المناطق الحرة.. وتزايد نمو مصانع المناطق الحرة.. لأنها بجانب دعم الصادرات لا تدفع ضرائب ومعفاة من الجمارك.. ما منحها فرصة تنافسية لا تتوافر لباقى الصناعات فى الأماكن الأخرى.

وفرضت قواعد نظرية غير ممكنة التطبيق لصرف دعم الصادرات منذ يوليو 2014 وعندما اقتنع الوزير بالخطأ أصدر قرارات عسكية والاستمرار بالنظام القديم حتى يوليو 2015.. ومازال الدعم حائرا.

وفرضت قرارات غير مفهومة.

مثلا.. أعلن عن حظر استيراد التوك توك وفى الوقت نفسه منح حق تجميعه لشركة واحدة فقط «غبور» ما أدى إلى احتكار بيعه لشركة واحدة.

وعجز الوزير عن تغيير مجالس اتحاد الصناعات وعين معظم الأعضاء السابقين وغالبيتهم ينتمون لرئيس الاتحاد السابق جلال الزوربا.. عين الوزير 8 أعضاء معظمهم من الصناعات الهندسية دون النظر إلى التمثيل النسبى لجميع القطاعات خاصة الصناعات النسيجية التى تمثل نحو 30 فى المائة من إجمالى قوة العمل فى الصناعات المصرية رغبة منه فى استمرار شخص بعينه متحكما فى الصناعات النسيجية.

وعند تعيين أعضاء مجلس أمناء هيئة الاستثمار جرى تجاهل ممثل الصناعات النسيجية وعين أشخاصاً مثل نجيب ساويرس وكريم سامى سعد وبشاى للصلب ما أدى إلى عدم وجود تمثيل للعديد من الصناعات كانت فى أشد الحاجة لمن يمثلها.. ويساهم فى حل مشاكلها.

إن الصادرات تمثل تعويضا للعملات الصعبة فى وقت تراجعت فيه عائدات السياحة بسبب انشغال وزير السياحة بقضية المحجبات ودخول المطاعم.. عاجزا عن حل مشكلة الترويج فى الخارج.. لا يجوز أن يقع وزير محترف مثل منير فخرى عبد النور فيما وقع فيه.. لا يجوز تغليب الاعتبارات الشخصية على الاعتبارات الموضوعية.. وكل ما عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أن يسترد قدرته على الحكم الصائب والقرار النافذ والموقف الصارم