أحمد فايق يكتب: المستبيع
قمة روسية قريباً تضع حلولاً للأزمة السورية وصفقات أسلحة غير مسبوقة
يعلم جيدا أنه معرض للقتل فى أية لحظة، فمثله خلق كى يضع روحه على كفه من أجل مايؤمن به، لذا دائما يختم أى كلام له بجملة إن عشنا أو إن كان لينا عمر.
مثله يصارع الزمن كى يحقق مايؤمن به لوطنه وشعبه لأنه دائما يشعر أن العمر قصير، بالأمس كنت أتحدث مع صديقى المقرب، لقد تحولت علاقتى بهذا الرجل من الاصطفاف بجواره لأنه لا بديل له، إلى الحب والاحترام، قلت لصديقى أخشى على نفسى أن يؤثر هذا على مهنيتى، سيادة الرئيس الفرح انتهى الآن أعارضك كان هذا هو عنوان المقال الذى لم أكتبه، فقد تحول العنوان بعدها بدقائق إلى المستبيع أو الرئيس المستبيع، نحن جيل تربينا على الصراحة، من نكرهه لانستطيع أن نبتسم فى وجهه، هناك أجيال سبقتنا تعودت على رسم الابتسامة المزيفة على وجهها، تنافق السلطة، وحينما تعطى ظهرها لها تسب وتلعن فيها، إذا شعرت بأن هناك خللاً بسيطاً فى السلطة، فإنها تسعى بقوة إلى الهدم، نحن جيل لا يقف مرتعشا أمام مسئول كبير بالدولة، ولا ينبهر كثيرا بالحرس الجمهورى أو القصور الرئاسية، أو يخشى على مستقبله أو أمواله فى البنوك، لأن رصيدنا من المبادئ يكفى ولا نخشى عليه سوى من أنفسنا.
نحن جيل تربى أن يواجه من حوله بالحقيقة، اليوم أتفق معك بالأمس لا، غدا ربما نختلف، لكننا لا نتنافس على الهدم والتكسير، كل منا يريد بناء الوطن بالطريقة التى يعتقد أنها صحيحة، نصيب أحيانا ونخطئ فى أحيان أخرى لكننا لا نتوقف عن الاجتهاد فى سبيل الوطن.
عبد الفتاح السيسى يعلم جيدا وكلنا نعلم أنه يضع روحه على كفه، ليس لديه شىء يخسره، بل قرر أن يدخل معركة يقتنص فيها أكبر سطور وربما صفحات من كتاب التاريخ، مبارك كان يخشى أمريكا حتى تمرر له صفقة توريث جمال ابنه الحكم، ولما قامت ثورة 25 يناير لم يترك الحكم إلا بعدما قال أوباما جملته الشهيرة على مبارك أن يرحل الآن.. والآن تعنى حالا، صحيح أنهم يحاولون تزييف التاريخ ويقولون إنه ترك الرئاسة خوفا على مصر، لكن الحق سينتصر اليوم أو غدا، لقد ترك مبارك الحكم لأن أمريكا أرادت أن يترك الحكم بعد ثورة شعبية عظيمة.
محمد مرسى لم يترك الحكم لأن أمريكا أرادت أن تبقى عليه، لكن تركه رغما عنه لأن للثورة شعباً يحميها، وجيشاً يخدم هذا الشعب.
إن عبد الفتاح السيسى المستبيع هو أول رئيس يقف فى وجه أمريكا بعد السادات فى نصر 73، لقد تجرأ وواجه العالم كله وحده، مؤكدا فى كل مرة أنه مستعد للوقوف أمام الكون كله لو وراءه الشعب المصرى، لقد حمل كل أحلام المصريين ووضعها بين يديه محاربا قوى الشر فى الداخل والخارج.
لم أترب فى مدرسة صحفية تمدح الرؤساء أو تحاول التقرب منهم، ولم تتعود يداى على الجانب المضىء فى الكيبورد، فقد تربيت على إطلاق القذائف فى وجه الفساد، وقنص الخونة، وتدمير خلايا التطرف، لكننى أرى بعض أحلامى تتحقق أمامى، وأرى بعضهم يتحدث عن أداء السيسى بإيجابية فى الغرف المغلقة ويناقضون هذا فى العلن، وكأن التعبير عن الحب والامتنان سبة أو موقف ربما تنقلب الأمور ويصبح ضدك، هناك من يكتبون والتوازنات فى رأسهم لا تمدح كثيرا مشروع قناة السويس حتى لا يتهمك أحد بالخداع إذا فشل، لا تشكر رئيس الجمهورية أو رجاله حتى لا يقولوا عليك منافقاً، على الاقل تحدث عن الرجل بإيجابية وهاجم مكتبه أو رجاله واستخدم هذا التعبير الشائع، الرئيس كويس بس اللى حواليه وحشين، وهم يعلمون جيدا أنه لو كان من حوله سيئين لما رأينا بعض أحلامنا تتحقق أمامنا، الرئيس ومن حوله وجهان لعملة واحدة إذا أصلح الرئيس فمن حوله مصلحون وإذا أفسد فمن حوله مفسدون.
هناك آخرون تعودوا على التطبيل للكرسى، يعبدون من يجلس عليه، وهؤلاء أكثر خطرا على الحاكم من العدو، فهم يوهمونه بأنه من طينة أخرى، بعضهم يخاطبه كأنه نبى، وهؤلاء أنفسهم أول من يتفرقون حوله إذا شعروا بالخطأ.
لقد تحقق أحد أحلامى حينما رأيت مصر قوية لا تخضع لإملاء من أحد، تنوع مصادر سلاحها، ولا يسيل لعابها حينما تغازلها أمريكا، أمريكا حجبت عن مصر ال اف 16 فاشترينا الرافال الفرنسية.
روسيا أعلنت مؤخرا عن زيارة مرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسى وعمل قمة مصرية روسية، والزيارة لها ألف معنى ومعنى نستطيع أن نقرأه بعد زيارات وزيرى الخارجية السعودى والايرانى إلى موسكو، يبدو أن هناك أمرا ما بشأن سوريا يحدث بين موسكو والقاهرة، ومصر تحاول الوصول إلى صيغة للحفاظ على الجيش السورى وأن يخرج بشار الأسد خروجاً آمناً، بدلا أن تقع أحب بقاع الارض إلى قلوبنا بعد مصر إلى وطن للدواعش والتكفيريين والارهابيين.
الجانب الأهم فى الزيارة هو تصريحات منسوبة إلى الحكومة الروسية تؤكد أن هناك مباحثات تتم منذ فترة حول صفقات سلاح كبرى بين القاهرة وموسكو، صفقات تشمل طائرات الميج 29 والتى توازى ال اف 16 الأمريكية، وطائرات سوخوى 35 الروسية التى توازى اف 35 الأمريكية، وأنظمة دفاع جوى مثل ال اس 300 والتى تدافع عن الوطن على بعد 200 كيلو متر، أى أن قاعدة صواريخ اس 300 فى سيناء تستطيع أن تواجه الطائرة وهى تقلع من تل أبيب، هذا الكلام ليس خيالاً علمياً أو دعاية على طريقة جوبلز، نعم هذه المنظومة تستطيع أن تحقق هذا، لقد تحدث وزير الدفاع الروسى أيضا عن طائرات مى 50 وهى النوع الموازى للأباتشى الامريكية، فمصر تحتاج إلى مئات من هذه الطائرات لمواجهة الارهاب وتغطية سماء مصر، لكن أمريكا تحجبها عن مصر، وتفاوضنا بها حتى نغير مواقفنا، لكننا ذهبنا إلى روسيا حتى لا نجبر على شىء نندم عليه فيما بعد، ولا يفعل هذا سوى رئيس مستبيع.. !
تستعد مصر لتقديم مشروع للتصويت ضد قدرات إسرائيل النووية فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسنطالب بتطبيق نفس المعايير التى طبقت على إيران، ربما نقرأ هذا فى إطار رغبة مصر فى تمرير حلم الضبعة النووى بسلام ودون معارضة إقليمية أو دولية، فمصر استقرت على عمل 4 مفاعلات ذرية فى الضبعة، والتصميمات والتنفيذ روسى، قد يكون عيوب المفاعلات الروسية فى قلة الامان النووى مقارنة بالمفاعلات الثانية، لكن هناك الكثير من علمائنا الذريين يعملون الآن على تصليح هذا العيب، فمصر تمتلك عشرات من علماء الذرة فى كافة أنحاء العالم ويوجد نسبة كبيرة منهم تعمل فى الامان النووى، ولكن التعاون مع روسيا فى هذا الملف له ألف ميزة منها نقل التكنولجيا، وتوفير الوقود النووى، والسرية وعدم الخضوع لابتزازات أو ضغوط فالروس يسعون الآن بكل قوتهم لاستعادة مصر، لأن الاتحاد السوفيتى خسر كثيراً بعدما فقد مصر.
المفاوضات بين مصر وروسيا ستشمل أيضا مشروعاً روسياً لصناعة قمر صناعى بالكامل من مكونات روسية، لأن معظم الاقمار الصناعية فى العالم مكوناتها من دول متعددة وهذا يعطى مساحة لبعض الدول بالتجسس والتلاعب، وقد يكون هذا أحد أسباب سقوط بعض الاقمار الصناعية أو فقد الاتصال بها، إن أقمار الاستشعار عن بعد ليست للرفاهية فمن خلالها نستطيع أن نكتشف خريطة الثروات فى باطن أرض مصر، ومناطق تجمع الاسماك للصيد، وتأثير السد الاثيوبى على مصر، ومتابعة الاعمال فى السد، ويمكن أيضا من خلالها تتبع تحركات الارهابيين ورصد الانفاق، أو رصد أى تحركات معادية تجاه مصر، ويمكن أيضا من خلال تحديد إحداثيات العدو وإعطائها للقوات على الارض لمواجهته، يمكن من خلالها متابعة تنمية محور قناة السويس ومتابعة الاعمال ورصدها وكشف المشاكل مبكرا.
القمة المصرية الروسية ستتطرق إلى إطلاق أقمار صناعية للاستشعار عن بعد وهى كفيلة بعمل نقلة اقتصادية وعسكرية كبيرة لمصر، ويكفى هنا أن أتذكر تصريح العالم المصرى حسين الشافعى مستشار وكالة الفضاء الروسية بأن مصر حددت أماكن إرهابيى داعش فى ليبيا وقصفتهم فى الضربة الجوية من خلال القمر الصناعى.
الرئيس المستبيع أيضا على أعتاب تغيير وزارى فى 10 وزارات على الاقل، فقد سبق وأمهل الحكومة شهر رمضان والعيد لتحسين الاداء، هناك وزارات فشلت فى الاختبار مثل التعليم والثقافة والسياحة، حتى الآن توقيت تغيير الحكومة غير معلوم ولا يعرف أحد متى يصدر القرار لكن الأكيد أنه قريب جدا، وأن كل وزير فى الحكومة يعلم جيدا أنه لو لم يؤد عمله فسيطاح به ولن يرحمه أحد، فقد انتهى عهد الوزير المخلد.
الملف الثالث المهم هو الداخلية، الشرطة أصيبت مثل كثير من مؤسسات الدولة بالشيخوخة، لم تصبح قادرة على التطور والتعامل مع أجيال وأفكار جديدة، كيف تطلب من لواء أن يتولى ملف قضية إرهاب وهو لا يعلم أن جهاز الكمبيوتر الخاص به مخترق إن كان يفهم فى الكمبيوتر أساسا.. !
لقد فوجئنا فى السنوات الأخيرة بقيادات فى الشرطة تسير فى الشارع من أصحاب الكرش الكومبو، وكلامى ليس فيه سخرية من أحد لكن الوظيفة لها متطلبات، مضيفة الطيران لا يمكن أن تكون ثقيلة الوزن حتى تستطيع أن تمر بين المقاعد، ولاعب كرة السلة لا يمكن أن يكون قزماً حتى يصيب الأهداف، والاعلامى لا يمكن أن يكون فاقد النطق حتى يتواصل مع المشاهدين، إن مشهد الكرش فى ضباط الداخلية الكبار يضيع من وقارها ومؤذى للمؤسسة، هذا المشهد لا نراه فى الجيش لأن معظم الضباط فى المعسكرات يتدربون يوميا، هناك نظام فى الجيش وهو التنقلات الكثيرة، وعدم إعطاء أى منصب أو ترقية جديدة إلا بعد دورات تدريبية بدنيا وعقليا وعلميا، فلا يوجد ضابط اركان حرب لم يتلق تدريبا ودراسة مكثفة فى كلية القادة والاركان بعد دراسته الاصلية، ولا توجد قيادة فى الجيش إلا وقامت بعمل رسالة ماجستير أو دكتوراه فى أكاديمية ناصر العسكرية أو فى دول أخرى مثل أمريكا وروسيا وكندا وغيرهما.
أصيبت الداخلية بالعجز فى عهد حبيب العادلى وهناك لواءات ظلوا فى مقاعدهم لـ14 عاما كاملة، ومنذ أن جاء اللواء مجدى عبد الغفار وبدأ يطبق مبادئ الجيش على الداخلية، لقد اجرى وزير الداخلية ثلاث حركات كبرى فى 3 أشهر فقط، فهو على قناعة بأن بقاء الضابط فى مكانه مدة كبيرة قد يغريه بالفساد أو الكسل، لقد قام مجدى عبد الغفار بتجديد الدماء فى الداخلية فى الحركة الاخيرة والتى شملت ألفى ضابط، هناك قيادات الآن برتب مقدم وعقيد، والجيل الأول لم يعد له جود كبير، فالزمن لا يرحم أحداً، والارهاب يستخدم اكثر وسائل التكنولوجيا تقدما، ولن يستطيع مواجهتها قيادة لا تعرف الفرق بين الفيس بوك وتويتر، أو لا تتقن لغة الواتس اب.
لقد شملت الحركات الثلاث الأخيرة استبعاداً لبعض الاسماء بسبب اشتباه فى فساد أو استغلال نفوذ، وهناك بعض القيادات استغلت نفوذها لإعطاء مزايا إضافية لأبنائهم الضباط، وهناك أسماء أخرى قدمت للوطن الكثير وآن لها أن تستريح لترى أجيالاً أخرى تكمل المسيرة.
لقد استبعد وزير الداخلية عشرات من اللواءات ممن كانوا يعتقدون أنهم وزراء، وكون بعضهم مراكز قوى ونفوذاً أضرت بالوطن، إن مايحدث الآن بوزارة الداخلية كان حلم كل ضابط صغير قبل اى مواطن، فلا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك صراع أجيال فى مصر، هذا الصراع موجود فى كل القطاعات، وهناك جيل من الشباب فى وزارة الداخلية قادر على إصلاح كل أخطاء الماضى، وصناعة شرطة مهنية قوية تحترم حقوق الإنسان والحريات.
اللواء مجدى عبد الغفار طلب من رجاله ضرورة الانتهاء من عمل قسم محترم لحقوق الانسان فى كل مديرية أمن دوره تصويب العلاقة، وتهذيب شطحات بعض من تغرهم قوتهم، فهناك عهد جديد بدأت أنواره تهل من بعيد فقد عوقب الضابط الذى قتل شيماء الصباخ بالسجن 15 سنة وعوقب اللواء الذى تستر عليه بالسجن 3 سنوات، وعوقب كل إرهابى قتل شرطياً أو مواطناً.
لذا سترى ضباط شرطة فى الشوارع الآن بلياقة بدنية مدهشة ومظهر يرعب كل أعداء الوطن ويبهج أمثالنا ممن يبحثون عن مصر