تفسير الأحلام في الإسلام
لا احد يعرف متى انتبه الانسان لاهمية الاحلام في نومه وكونها رسائل تكشف اما عما يختلج بداخله من رغبات واحتياجات جسدية وعقلية واما رسائل غيبية ذات محتوى او مضمون تحذيري في شيء سيفعله او سيقع له او تبشره بخير سيحصل له او تكشف له عن عالم لا يعرفه.
لكن مما لا شك فيه ان الانسان قد اكتشف مبكرا عالم الاحلام مباشرة بعد استغراقه في النوم وكيف ان روحه بعد النوم تتحرر من اسرار وآثار الجسد وتذهب بعيدا في الآفاق فيرى أشياء وأماكن وأشخاصا لم يكن قد رآهم في اليقظة أو حل بها كما حدث ان رأى احلاما ورؤى في نومه فتجسدت له في اليقظة بعد ذلك بشكل من الأشكال ما استرعى انتباهه ومن ثم بدأ يهتم بما يحدث في نومه ويبحث له عن تفسير أو تعبير يجعله يفهم مضمون هذه الرسائل المشفرة أو الواضحة الموجهة له في عالم الغيب.
من هنا ارتبطت الأحلام بشكل وثيق بالايمان بعالم الآخرة وقد جاء في بعض الأثر ان نبيا من أنبياء الله حدّث قومه عن الجنة والنار فلم يتمكنوا من تصور حقائق ما يقوله لهم فجاءتهم الرؤى والأحلام في نومهم فتمكنوا من معرفة حقيقة ما يقوله نبيهم كما ساعدهم ذلك على الايمان بالله سبحانه وتعالى، وفي تاريخ الأنبياء نجد ان عددا من الأنبياء كان وحيهم عن طريق الرؤيا الصادقة.
وقد اشار القرآن الى ذلك في قصة نبي الله ابراهيم عليه السلام مع ابنه اسماعيل، قال تعالى: (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين.. الصافات)، وقصة رؤيا يوسف عليه السلام من المشهورات وقد تحدث القرآن عن رؤيته وأن أباه حذره ونهاه عن قصها على اخوته حتى لا يكيدوا له لانه علم بصدقها وقد تحققت فعلا بعد ذلك بسنين.
وكذلك قدرته على تعبير الرؤيا وكيف استطاع ان يفسر للملك وللمسجونين معه رؤاهم وقد استفاد علماء التعبير المسلمين من هذه القصة مجموعة من الحقائق منها: صحة رؤيا الصبي لان يوسف عليه السلام كان صغيرا وكذلك صحة رؤيا الكافر لأن ملك مصر آنذاك لم يكن مؤمنا واستفادوا من نهي يعقوب ليوسف بعدم قص رؤياه على اخوته لانهم كانوا سيحسدونه، ان من آداب الرؤيا ألا يقصها الانسان لعدو أو حاسد.
كما اشارت القصة الى صفة المعبر الذي يجب ان يقص الانسان عليه رؤيته فقد وصف السجينان يوسف عليه السلام بأنه من المحسنين «نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين» وفي الاسلام نجد كما جاء في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ان اول ما بدئ به الوحي الرؤيا الصادقة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايرى رؤيا الا جاءت كفلق الصبح ثم بعدها نزل عليه الوحي مباشرة عن طريق الملك جبريل عليه السلام ومع الوحي المباشر كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى في احيان كثيرة رؤى ما يلبث حتى تتحقق، منها رؤيته دخول مكة هو وأصحابه قال تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين.. الفتح) ورؤيته كذلك للقردة ينزون على منبره فاستيقظ محزونا فنزل عليه القرآن مصدقا لما رآه قال تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس.. الإسراء).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم كثيرا بالرؤيا ويسأل أصحابه كل صباح هل رأى أحدهم رؤيا؟ فاذا قصت عليه عبرها لهم كما اشتهر عدد من الصحابة بتعبير الرؤى أما الإمام علي رضي الله عنه فقد كان من أعلم الناس بتعبير الرؤيا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.