منال لاشين تكتب: على طريقة «مستر إكس لا يموت».. عز ورجال أعمال مبارك يحضرون احتفال القناة بفلوسهم

مقالات الرأي



■ بعد تأميم القناة ليست كمصدر للرزق بل كمصدر للكرامة الوطنية ■ جمعنا 64 مليار جنيه للقناة فى 8 أيام ولسنا فى حاجة لأهل البيزنس ليمولوا حفل الافتتاح ■ مستويات تمويل الحفل ثلاثة وتتيح لكل من يدفع 7 ملايين جنيه أن يحضر الاحتفال هو وأسرته

فى الغرب خاصة فى أمريكا المال يفتح كل الأبواب.. بفلوسك أو تبرعك تحضر احتفالاً مع نواب الكونجرس أو تلتقط صورة مع رئيس الجمهورية أو تجلس فى الصفوف الأولى فى الاحتفالات الوطنية.. ومن أمريكا إلى معظم دول العالم الرأسمالى الاحتفالات تمول من شركات وأثرياء.. وكلما زاد مبلغ تبرعك زادت مكانتك واقترب مكانك من الصفوف الأولى.. والفكرة أن الأثرياء والشركات سوف تتحمل نفقات الاحتفالات بدلا من خزانة الدولة.. وستدفع الملايين من الجنيهات أو الدولارات أو الفرنكات لمجرد التباهى بحضور الاحتفال، أو الإعلان وتسويق منتجات الشركة.

وقد جرى العرف أن تتولى شركات خاصة تنظيم الاحتفالات والمؤتمرات والفعاليات الكبرى.. وتقوم هذه الشركات بالإعلان للشركات والأثرياء عن ثمن الرعاية للحدث.

وقد جرى هذا العرف فى المؤتمر الاقتصادى الأخير بشرم الشيخ.. ويبدو أن القائمين على الشركة أو بالأحرى القائمين على مشروع القناة الجديدة لم يجدوا فارقًا بين حفل افتتاح قناة السويس وأى مؤتمر اقتصادى آخر.. ولذلك فوجئ الجميع بأن الشركة اختارت عدة شركات وبنوك لرعاية الاحتفال.. أو دفع مبالغ مالية مقابل بعض المزايا الدعائية والشخصية.

1- رعاة القناة

وبالنسبة لاحتفال القناة فإن الرعاة فى حفل الافتتاح ثلاثة مستويات، المستوى البلاتينى وهو الأعلى فى الرعاية بـ7 ملايين جنيه.. أما المستوى الثانى وهو المستوى الذهبى بخمسة ملايين جنيه، وأما المستوى الثالث الفضى فيدفع 2 ملايين جنيه.. وكل مستوى رعاية يتضمن إعلانات للشركة فى أماكن مختلفة فى موقع الاحتفال.. كما تتضمن الرعاية مثل كل الاحتفالات عددًا من الدعوات لحضور الحدث.. وتختلف عدد الدعوات باختلاف مستوى الرعاية.. فمن سيدفع 7 ملايين جنيه يستطيع أن يحضر هو وأربعة أشخاص من شركته أو أسرته ومن يدخل فى منطقة الرعاية الذهبية يحضر هو وشخصان بينما تضمن لك الرعاية الفضية بـ2 ملايين جنيه حضورًا شخصيا.

وبهذا المنطق فإن أى شركة وأى صاحب شركة يستطيع بفلوسه أن يضع اعلانات شركته وأن يحضر احتفال القناة، ليس لأنه شارك فى بناء القناة أو شارك فى ثورة 25 يناير أو 30 يونيو أو قدم إبداعا أو اختراعا لمصر.. مكانتك ومكانك فى الاحتفال يتحدد بكم الأموال التى ستدفعها لرعاية الاحتفال والمشاركة فى تكاليفه، وهذا المبلغ أو بالأحرى المكانة لا تعترف لا بالتاريخ أو الجغرافيا.. لاتفتش فى موقعه السياسى أو الشعبى.

2- أعداء الثورة

ولاشك أن أى شركة أو رجل أعمال سيدفع ملايين الجنيهات ليضع دعاية شركته أو يحظى بشرف حضور الاحتفال.. ويصبح جزءًا من صورة من أهم أو هى أهم صورة فى مصر الآن.

صورة لإنجاز فى وقت قياسى وفى منطقة غاية فى الحساسية لدى الشعب المصرى، منطقة الكرامة الوطنية، صورة لأول مشروع قومى ينفذ بعد ثورتين شعبيتين.. مشروع يقدم لمصر جديدة.. مصر تنفذ مشروعًا وطنيا يعكس طموحات وأحلام الشعب المصرى فى الثورتين، ويحول شعارات الثورة إلى حقائق.. وقد كانت من شعارات الثورتين أو أهدافها تحقيق العدالة الاجتماعية وكسر احتكار قلة من رجال الأعمال فى عهد مبارك للحياة الاقتصادية والمالية فى مصر.

بعض من رجال الأعمال كانوا موجودين بقوة فى ميادين الثور، بعضهم شاركوا فى الثورة، ولكن معظم رجال الأعمال أو بالأحرى كبار رجال البيزنس كانوا هدفا للثوار.. بعضهم حرقت صورهم فى ميادين الثورة.. حرقوا فى صورهم كل ما عانوه فى أيام مبارك من كوارث.. احتكار الثروة، وزواج الثروة بالسلطة.. وتفصيل التشريعات والقوانين لصالحهم.. حرقوا فى صور بعض رجال أعمال مبارك النخبة الحاكمة الظالمة المسيطرة التى ابتلعت كل عناصرالنفوذ.

وعلى رأس كبار رجال الأعمال الذين حرقت صورهم فى ميادين الثورة رجل الأعمال وإمبراطور الحديد المهندس أحمد عز.. وعز كان الرجل القوى فى الحزب الوطنى فرع الوريث جمال مبارك..

عز كان رمز احتكار الثروة وزواجها الحرام مع السلطة.. رمز لشفط ثروات مصر وخيرها لصالح مجموعة محدودة من المحظوظين والمقربين.. رمزًا لتزوير الإرادة الشعبية لأنه كان مسئولا عن انتخابات آخر مجلس شعب قبل الثورة.. وهى الانتخابات التى أقصت كل رموز المعارضة.

عز أحد الرعاة البلاتينيين لافتتاح قناة السويس.. هل تستقيم هذه الرعاية مع أول مشروع لمصر الجديدة، مصر التى تحاول أن تعدل الحال المايل، وتفتح شرايين الاقتصاد والسياسة للأجيال الشابة والمحرومين والمطرودين من جنة مبارك.

هل توقف أصحاب المشروع عند مغزى رعاية شركة حديد عز أو حضوره الاحتفال بأول مشروع بعد ثورة 30 يونيو؟ هل تنبه أحد للمغزى السياسى والاقتصادى لوجود عز وأصحابه أو شلة رجال أعمال مبارك؟!

3- نفس الوجوه

باستثناء البنوك فإن العديد من الرعاة البلاتينيين أو الذهبيين من كبار الثروات ولا أقول الشركات التى تكونت وتوسعت واحتكرت وتوغلت فى الاقتصاد بفعل قرارات وسياسات وقوانين مبارك الاحتكارية والتى خدمت فئة واحدة أو بالأحرى عددًا محدودًا من المحاسيب وزعت عليهم المشروعات والأراضى والقروض ليصبح كل منهم حوتًا أو إمبراطورًا فى موقعه أو صناعته أو تجارته.. بعضهم لعب مع الإخوان فى عام حكمهم الأسود لمصر.. وقبل الأيادى ونام على الأعتاب الإخوانية للتنظيم.

وجود هذا التجمع يعطى رسالة سلبية ومخيفة وخطيرة.. رسالة أن مصر لم ولن تتغير.. وأن الكبار من رجال الأعمال وأهل البيزنس فى عهد مبارك عابرون للأنظمة والثورات والرؤساء.. كل هذه المعانى الخطيرة والسخيفة لكى نحذف من فاتورة تكلفة القناة كام ولا مائة مليون جنيه.. كل هذه التوابع لتواجدهم لكى نوفر حزمة من الفلوس لخزانة الدولة.. نعم نحن فى حاجة لتوفير كل جنيه لصالح مصر واقتصادها.. ولكن لا يجب أن يأخذنا التوفير إلى مثل هذه الأخطاء.. ملعون أبو الفلوس اللى توقعنا فى هذا الوضع.. ملعون أبو الفلوس لما تلقى بظلال كئيبة وخطيرة على أهم حدث يشهده المصريون.. أهم حدث تحمسوا له ووضعوا فيه ثقتهم وأحلامهم.. مشروع يعد بداية التغيير.. فإذا بالمصريين يفاجأون بنفس وجوه مبارك تدشن احتفال أول مشروع لمصر الجديدة.. نحن نحتاج إلى رجال أعمال جدد وسياسات جديدة عادلة ووجوه جديدة فى كل خطوة وكل مشروع خاصة مشروع قناة السويس الجديدة.