ننشر نص كلمة وزير الأوقاف في احتفالية الوزارة بـ"ليلة القدر"

أخبار مصر

بوابة الفجر


قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في نص كلمته باحتفالية الوزارة بليلة القدر، "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.

سيادةَ الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسِ جمهورية مصر العربية، المهندس إبراهيم محلب رئيسِ مجلس الوزراء، مولانا فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخِ الأزهر، الحضور الكريم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيادة الرئيس: يطيب لي أن أهنئ سيادتكم والشعب المصري كله بهذه المناسبة الكريمة، وأؤكد أن الذاكرة المصرية يقظة واعية، وهي أشد يقظة ووعيًا تجاه توجيهاتكم الدينية والوطنية الحكيمة، لقد ألمحتم في حديثكم في مثل هذه المناسبة في العام الماضي إلى أهمية أن تتضمن مسابقات القرآن الكريم جوانب من فهم أخلاقه وآدابه وأحكامه، وها هي المسابقة العالمية للقرآن الكريم تستجيب لذلك في جميع جوانبها وفروعها، حيث شملت إلى جانب حفظ القرآن الكريم فهم معانيه وقيمه الأخلاقية وهو ما حاز إعجاب وثناء المشاركين من مختلف دول العالم، وجعل كثيرًا من المسابقات تحذو حَذْوَنا.

على أننا نقدم اليوم أنموذجًا خاصًا لطفل مصاب بالتوحد والإعاقة الذهنية لا يجيد نطق جملة أو جملتين من كلام الناس غير أنه يحفظ القرآن الكريم كاملًا بأرقام آياته وسوره وأحزابه وأجزائه، وصدق الحق سبحانه وتعالى إذ يقول: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ( الحجر: 9 ).

سيادةَ الرئيس: نؤمن أن الطريق شاق وطويل، وأننا في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد، ومع ذلك انطلقنا داخليًّا وخارجيًّا، سواء في منع المتشددين وغير المتخصصين من اعتلاء المنابر، أم في تصحيح المفاهيم الخاطئة التي شوهت الصورة النقية لديننا الحنيف، وترجمنا لأول مرة في تاريخ الأوقاف المصرية أعمالنا إلى ثلاث عشرة لغة، نوزعها على جميع دول العالم بمعرفة وزارة الخارجية، وأوفدنا مئات الأئمة المتميزين إلى مختلف دول العالم، وعقدنا ملتقى الفكر الإسلامي بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة والتلفزيون المصري بمشاركة علماء الدين وعدد من السادة الوزراء والمفكرين والمثقفين والأدباء والإعلاميين، من منطلقٍ جديدٍ يعمل على دمج أبناء المجتمع في منظومة تتكامل ولا تتناقض، ويقضي على ثنائية "نحن وهم"، جَلَسنا معًا، وعَمِلنا معًا على تجديد الخطاب الديني والفكري والثقافي والعقلي محاولين تحويل العقل من عقل تابع مقلد يسهل استقطابه من قبل الجماعات المتطرفة إلى عقلٍ واعٍ ناقدٍ مبدعٍ مفكرٍ يصعب التلاعب به.

ونعد سيادتكم أننا سنواجه بشجاعة وحسم وبلا أدنى تردد كل دعاة الفكر المتشدد، حتى نقتلع بقايا الغلو من وطننا وأمتنا ونخلص العالم كله من الفكر الظلامي ناشرين سماحة الإسلام وحضارته الراقية، لا نخشى في الله ولا في الحق لومة لائم، إذ نؤمن إيمانا لا يداخله أدنى شك بعدالة قضيتنا، وأن مواجهة الفكر الإرهابي الظلامي المتطرف واجب شرعي ووطني.

سيادةَ الرئيس: بعد عام حافل بالعطاء والإنجاز في ظل تولي سيادتكم رئاسة الجمهورية يقف علماء وأئمة الأوقاف اليوم ليجددوا الثقة فيكم والدعاء لسيادتكم بكل السداد والتوفيق، ويعلنون عن وقوفهم صفًا واحدًا وجنبًا إلى جنب مع قواتنا المسلحة الباسلة وأبناء الشرطة البواسل، هؤلاء يواجهون الإرهاب المسلح، وأولئك يواجهون الإرهاب الفكري وتحريفَ دين الله والمتاجرةَ به، وحقًا إننا نستعيد تاريخ أزهرنا المجيد، حيث يقول هاشم الرفاعي في علمائه مع تعديل يسير في نصه:
كانوا لمن ضلوا حصـون هدايــــة

كـانوا الشكيـــــم لمن غلا وتشددا

ما قامروا بالدين في سبل الهــوى

كـلا ولا اتخــــــذوا الشريعة متجرا

عاشـوا أئمـة دينهـــــــم وحماتـــــــه

لا يسمحــــون بأن يباع ويشترى

وأذكر بقول شوقي:

نظــــرًا وإحسانـــــا لعل كفيفهــــم

يومـا يكون أبا العــــلاء المبصـــرا

لو تشتـريه بنصف ملكك لم تجد

غبنـــًا وجل المشتـري والمُشترى

سيادةَ الرئيس: إن جموع الأئمة يدركون مدى اهتمام سيادتكم بالخطاب الديني، وحرصكم على الرقي بمستواهم العلمي والمعيشي، وهم على أملٍ كبيرٍ في غدٍ أفضل، غدٍ مشرقٍ على أيديكم بإذن الله تعالى، كما أنهم على الهيعة في حراسة الأمن الفكري للوطن، ولسان حالهم يقول:
سنعمـــل ثـم نعمــــل ثـم نعمــــل

إلى أن يجمع الوطنَ الرخـاءُ

وننــزل عنــد رأيــك حيــث كنــا

فخيــر الظــن فيكـم والرجــــاءُ

وكل عام وأنتم بخير