مى سمير تكتب: 90 عميلاً للمخابرات البريطانية فى رحلة تجسس لمصر وليبيا

مقالات الرأي



كشفت عنهم جريدة بريطانية.. 90 عميلاً للمخابرات البريطانية فى رحلة تجسس لمصر وليبيا

■ الديلى ميل: الخطة الجديدة تعمل على تدمير مراكب الهجرة غير الشرعية فى بلدان الشرق الأوسط

ترسل الدول عملاء وجواسيس لمعرفة الأسرار العسكرية وأحيانا الاقتصادية أو حتى العلمية والاجتماعية، ولكن مع تزايد ازمة الهجرة غير الشرعية بالنسبة للاتحاد الأوروبى فقد دخلت الهجرة غير الشرعية ضمن نطاق عمل أجهزة المخابرات، ومن المهام التى تتطلب من المخابرات إرسال العملاء لمناطق اهتمام المخابرات.

فقد كشفت جريدة «الدايلى ميل» أن المخابرات البريطانية ستقوم بإرسال مجموعة من الجواسيس والعملاء، بحد وصف الجريدة، إلى شمال إفريقيا من أجل رصد عصابات الهجرة غير الشرعية التى تقف وراء أزمات الهجرة التى يشهدها البحر الأبيض المتوسط، على أن يقوم هؤلاء الجواسيس بالعمل على القضاء على تلك العصابات. وتأتى هذه الخطوة الجديدة على عالم المخابرات بعدما فشلت الحكومات فى دول الشرق الأوسط فى مواجهة هذه الظاهرة التى تسبب الرعب والمشاكل لدول أوروبا سواء داخل الاتحاد الاوروبى أو خارجه.

أضاف التقرير أن ضباط من الوكالة الوطنية للجريمة سوف ينضمون إلى شبكة من العملاء البريطانيين إلى جانب عملاء من المخابرات البريطانية الأم أى 6 وبالتعاون مع قوات الحدود ومكتب الاتصالات الحكومية من أجل التصدى لعمليات هذه العصابات التى تستولى على أموال المهاجرين الحالمين بالوصول إلى أوروبا.

أكدت هذه الوكالات الأمنية البريطانية أن عملاءها سيعملون فى منطقة شمال إفريقيا على تدمير المراكب التى يتم استخدامها فى تهريب الآلاف من الناس عبر البحر الأبيض المتوسط. وكان الأسبوع الماضى قد تم التقاط ما يقرب من أربعة آلاف مهاجر من على متن قوارب مكتظة وغير آمنة.

وأشارت الجريدة البريطانية إلى أن ما يقرب من 60 ألف مهاجر نجحوا فى الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط خلال هذا العام، وأن هناك ألفى شخص قد لقوا حتفهم أثناء قيامهم بهذه الرحلة الخطيرة. وكان رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون قد أصدر تعليمات بالعمل على مواجهة هذه المشكلة بإجراءات أكثر حسما وتتجاوز مجرد التقاط المهاجرين من البحر.

1- خطة عمل

حمل التقرير تفاصيل حول الاستعداد لتأسيس هذه الشبكة من الجواسيس والعملاء البريطانيين، حيث ذكرت الدايلى ميل أن هناك 90 عميلاً من القوات البريطانية سوف ينتقلون إلى مقر الوكالة الأوروبية لتطبيق القانون (يوروبول) فى صقلية ولاهاى، على أن يبقى باقى أعضاء الشبكة فى بريطانيا فى حالة استعداد من أجل الانتشار فى منطقة شمال إفريقيا.

سوف تعمل هذه الشبكة من العملاء البريطانية من أجل تغطية الطريق الذى تسلكه عادة عصابات الهجرة الشرعية، والجدير بالذكر أن عمل هذه الشبكة سوف يمتد أيضا إلى تتبع تدفق الأموال والعمل على تعطيلها وكذلك تعطيل السفن المستخدمة فى هذه العمليات غير الشرعية.

يأتى تأسيس هذه الشبكة بعد إشارة الإحصائيات والدراسات أن أعداد المهاجرين الذين سيحاولون التسلل إلى أوروبا ودخول بريطانيا فى حالة ازدياد كبير نتيجة لتدفق المهاجرين الذى يغامرون بعبور البحر المتوسط فى رحلة شديدة الخطورة متجهين من شمال إفريقيا إلى إيطاليا. وأشارت الدراسات التى أعدها مكتب الإحصاء الوطنى البريطانى أن حجم المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا قد زاد فى عام 2014 بنسبة 300%، بينما وصل عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى بريطانيا فى العام الماضى إلى أكثر من 300 ألف مهاجر بنسبة زيادة وصلت إلى 50%. وكان الاتحاد الأوروبى قد أطلق عملية بحرية تستهدف الأشخاص الذين يتولون عمليات تهريب المهاجرين كجزء من الجهود المبذولة من أجل التصدى لهذه الظاهرة.

لم تكتف الحكومة البريطانية بالكشف عن تأسيس شبكة جديد من العملاء البريطانيين فى مصر وشمال إفريقيا ولكن كشفت أيضا عن تفاصيل العمليات التى ستقوم بها هذه الشبكة والتى ستركز فى البداية على المراقبة ورصد العصابات الإجرامية التى تقف وراء مثل هذه العمليات، وفى المرحلة التالية من خطة عمل هذه الشبكة سوف يتدخل العملاء البريطانيون بشكل مباشر من أجل التصدى للمهربين والقيام بتدمير المراكب والقواعد الخاصة بهم.

من ناحية أخرى أشار تقرير الجريدة إلى أن الحكومة البريطانية سوف تقوم باستبدال السفينة البحرية اتش أن أس بولوايك التى تعمل فى البحر المتوسط لكى تحل محلها سفينة المسح انش ام اس انتبريز مع بداية شهر يوليو من أجل توفير قدرة أكبر على جمع المعلومات الاستخباراتية.

وعلى الرغم من أن المتحدث الرسمى باسم الحكومة البريطانية قد أكد أن هذه الشبكة سوف تتعاون مع أجهزة الأمن فى عدد من الدول التى تشهد مثل تلك الظاهرة إلا أن الوكالات البريطانية التى انضم عملاؤها إلى هذه الشبكة هى وكالات استخباراتية فى المقام الأول وليست أمنية مما يلقى بالكثير من الشكوك حول حجم هذا التعاون مع الأجهزة الأمنية المحلية فى الدول التى ستعمل فيها هذه الشبكة.

2- التجسس على الاتصالات

على سبيل المثال سوف تضم هذه الشبكة البريطانية عملاء من مكتب الاتصالات الحكومية وهو جهاز استخباراتى بريطانى وجهاز أمنى معنى فى المقام الأول بجمع المعلومات الأمنية والإشارات الاستخباراتية لصالح الحكومة البريطانية والجيش البريطانى. ويعمل هذا المكتب تحت الإشراف الرسمى للجنة المشتركة للاستخبارات البريطانية (جيه أى سي) جنب إلى جنب مع عدد من أجهزة الأمن والاستخبارات التى تضم جهاز المخابرات الداخلية أو المكتب الخامس وجهاز المخابرات الخارجية أو المكتب السادس، إلى جانب جهاز مخابرات الدفاع أو إى دى. وقد تأسس هذه الجهاز أثناء الحرب العالمية الأولى وكان يستهدف فى المقام الأول فك شفرات الاتصالات الألمانية. اليوم يضم هذه الجهاز إدارتين، الأولى معنية بجمع المعلومات والثانية خاصة بتأمين الاتصالات البريطانية. فى عام 2013، أثيرت حالة كبيرة من الجدل حول طبيعة عمل هذا المكتب بعد أن كشف إدوارد سنودن الموظف السابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكية أن هذا الجهاز الاستخباراتى البريطانى يقوم بالتجسس على أنشطة الانترنت والمكالمات الهاتفية فى بريطانيا ضمن برنامج يحمل اسم «تمبروا». وبحسب إدوارد سنودين فإن برنامج تمبورا البريطانى هو مصطلح لنظام الكمبيوتر السرى الذى يطبقه مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية والذى يقوم بجمع المعلومات من الاتصالات التى تتم عبر الانترنت عن طريق استخراجها من كابلات الألياف الضوئية التى تشكل العمود الفقرى لشبكة الإنترنت. ساعد هذا البرنامج مكتب الاتصالات الحكومية البريطانى على الوصول إلى كميات كبيرة من البيانات الشخصية لمستخدمى الإنترنت. فى ظل برنامج «تمبروا» قام مكتب الاتصالات الحكومية البريطانى بمشاركة المعلومات الشخصية التى حصل عليها عن طريق التجسس على الإنترنت مع وكالة الأمن القومى الأمريكى. قامت الحكومة البريطانية بإخضاع هذا البرنامج لعمليات تجريبية منذ عام 2008 ولكن لم يبدأ العالم الرسمى بهذا البرنامج إلا فى عام 2011. وبحسب الحكومة البريطانية فإن هذا الجهاز لن يهتم سوى بجمع وتحليل المعلومات الخاصة بعصابات تهريب المهاجرين غير الشرعيين.

3- الجريمة المنظمة

أما الكيان الذى يشكل أساس هذه الشبكة والقاعدة التى تنقل منها العملية فهو الوكالة الوطنية للجريمة. تعد الوكالة الوطنية للجريمة وكالة حديثة التأسيس حيث بدأت عملها بشكل رسمى فى 7 أكتوبر 2013 وهى تعد إحدى الإدارات الحكومية غير الوزارية، ويتسع نطاق مسئوليات هذه الوكالة ليشمل العديد من القطاعات الأمنية والاستخباراتية كما تتولى هذه الوكالة بعضاً من مسئوليات وكالة الحدود البريطانية الخاصة بسياسة الحدود. تعد هذه الوكالة الجهاز الرئيس فى بريطانيا المعنى بالتصدى للحريجة المنظمات وعمليات الاتجار فى البشر والسلاح والمخدرات، وكذلك التصدى لجرائم الانترنت والاجرائم الاقتصادية. يمتد نطاق عمل هذه الوكالة إلى خارج الحدود البريطانية سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى. وتقوم هذه الوكالة بدور استراتيجى فى تحليل أساليب عمل المنظمات الاجرامية وتحديد أفضل السبل لمواجهة التنظيمات الارهابية، ولكى تنجح فى القيام بهذا الدور الاستراتيجى تتمتع الوكالة بعلاقات واسعة وعميقة بأغلب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى بريطانيا.

لم يكشف التقرير على وجه التحديد الدول التى ستعمل فيها هذه الشبكة واكتفى بالاشارة إلى دول شمال إفريقيا والتى تضم إلى جانب مصر وليبيا دول المغرب العربى، كما لم يكشف أيضا عن بروتوكولات التعاون التى ستجمع بين هذه الشبكة والأجهزة الأمنية فى تلك الدول وكيفية إدارة العمليات، ولكن الطبيعة الاستخباراتية لعمل هذه الشبكة يستدعى مزيداً من الشفافية حول طبيعة المعلومات التى ستقوم بجمعها والحرص على أن تكون قاصرة فقط على التصدى على عمل العصابات الإجرامية المتخصصة فى تهريب المهاجرين غير الشرعيين وإلا تحولت الشبكة إلى حصان طروادة التى يخفى بداخله أهدافاً أبعد بكثير من مجرد التصدى لتدفق المهاجرين غير الشرعيين.