الحسين محمد يكتب: الدراما المصرية تقتل الإسرائيليين

مقالات الرأي



■ دموع فى عيون وقحة أثبتت عجز الموساد.. وفارس بلا جواد كشف بروتوكولات الصهاينة فى مصر
■ تحولت المسلسلات لسلاح نفسى و معنوى ضد الإسرائيليين
■ شعبية ناجى عطا الله أزعجت قيادات تل أبيب

دائماً ما تتباهى إسرائيل بأنها «الدولة التى لا تقهر».. تلك المقولة الكاذبة التى ترددها من حين لآخر، ويبدو أنها نسيت أن مصر قد أعطتها درساً قاسياً، بعد هزيمتها فى حرب 1973.

الضربات المصرية إلى تل أبيب تتوالى عاماً بعد عام، ليس بالضرورة عن طريق الحروب والأسلحة والقتال، وإنما من خلال الدراما المصرية التى أصبحت سلاحاً فى يد المصريين لقتل الإسرائيليين نفسياً ومعنوياً، بحيث يتأكد لهم أن المصريين يظلون الشبح الذى يخيفهم فى المنطقة العربية.. الدراما المصرية بدءًا من مسلسل دموع فى عيون وقحة، وانتهاء بمسلسل فرقة ناجى عطا الله، أثارت إزعاج القيادات الإسرائيلية، بعدما اكتشفوا تأثيرها الخطير على نفسية المواطن الإسرائيلى.. «الفجر» تستعرض قائمة بأهم الأعمال الدرامية التى قهرت الدولة العبرية نفسياً.

1- «دموع فى عيون وقحة»

فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى، قرر التليفزيون المصرى التجديد فى مضمون ونوعية الأعمال الدرامية التى تقدم خلال شهر رمضان، فاتجه إلى ملفات المخابرات العامة، لإحياء بطولات قديمة عبر المسلسلات، وقتها خرج إلى النور مسلسل «دموع فى عيون وقحة».

هذا المسلسل حمل عنوانه إهانة وسخرية من الإسرائيليين، وجسد حسرتهم بعد هزيمتهم فى حرب 1973، خاصة أنه كان يروى الطريقة التى تم من خلالها خداع جهاز الموساد الإسرائيلى بالكامل، بواسطة شاب مصرى بسيط يدعى «جمعة الشوان» أو أحمد الهوان، وكان المثير هو نجاحه فى الحصول على جهاز تجسس لا يوجد منه سوى 4 نُسخ فى العالم.. وقت عرض المسلسل، كانت العلاقات المصرية الإسرائيلية فى قمة توهجها بعد التوقيع على اتفاقية السلام، واعتراف مصر بدولة إسرائيل، وتخصيص مكان للسفارة الإسرائيلية لأول مرة داخل دولة عربية، ووقتها فضلت إسرائيل الصمت، إلا أن بعض الصحف الإسرائيلية قد تطرقت للمسلسل من بعيد وزعمت وقتها أنها قصة «مختلقة» من نسج خيال الكاتب المصرى صالح مرسى، وأنه لا توجد شخصية على أرض الواقع اسمها جمعة الشوان.

ولأن تل أبيب كانت تريد فى المقام الأول الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، فقد فضلت عدم الدخول فى أى مناقشات بشأن هذا المسلسل، إلى أن تم الكشف عن هوية جمعة الشوان، بعد ظهوره فى عدة وسائل إعلامية حينها، منذ هذه اللحظة بدأت الصحف الإسرائيلية تتعقب أخباره وتنشر كل كبيرة وصغيره عنه حتى أن صحيفة معاريف العبرية تعمدت نشر تقرير مسىء عنه عام 2007، بعنوان «البطل المصرى جمعة الشوان يتسول من عادل إمام».. زعمت الصحيفة فى هذا التقرير أن البطل المصرى بات فقيراً، ولا يجد قوت يومه بعدما تم إغلاق محله الكائن بحى الهرم، بل إنه ذهب إلى الفنان عادل إمام يطلب منه إعانة مالية، وقدم إليه نفسه، فرد عليه عادل إمام، قائلاً: «أنا جمعة الشوان الحقيقى، ولولاى ما عرفك أحد».

وأبرزت الصحيفة أن جمعة الشوان قد بات مريضاً مُنهك القوى ولا يجد قوت يومه فى أواخر أيامه، وذلك فى محاولة واضحة لتفنيد قصة البطل المصرى، والتلميح للقارئ الإسرائيلى أنه لو كانت قصته حقيقية، ما تركته المخابرات المصرية يصل إلى الحال الذى وصل عليه.

2- رأفت الهجان

يعتبر هذا المسلسل من أكثر الأعمال الدرامية التى تركت أثراً نفسياً بالسلب على المجتمع الإسرائيلى، ذلك لأنه أثبت كذب المقولة التى كان يتباهى بها الإسرائيليون بأنه لا أحد يستطيع قهر الجيش الإسرئيلى.

ففكرة زرع مواطن مصرى داخل إسرائيل خلال بدايات الكيان الصهيونى، وانخراطه فى المجتمع الإسرائيلى وتحقيقه نجاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية خلال فترة وجيزة، إلى درجة ترشحه من قبل بعض القيادات الإسرائيلية لخوض انتخابات البرلمان الإسرائيلى «الكنيست»، أثارت حالة من الدهشة بين صفوف المجتمع الإسرائيلى، وبدأت الأحاديث تكثر عن براعة المصريين وقدرتهم على خداع الإسرائيليين، وهو الأمر الذى أثار انزعاج القيادات الإسرائيلية، فسارعت بنفى القصة كالعادة، والتأكيد أنها أسطورة «وهمية».

الأغرب من ذلك أنهم اتجهوا لتشويه صورة البطل المصرى، وبدأوا يحرفون القصة، ويدعون إنه عميل مزدوج، وأنه فور أن وطأت قدماه مطار بن جوريون الإسرائيلى، تعرف عليه أعضاء جهاز الموساد، وخيروه بين التعاون معهم، والعمل كعميل مزدوج لخداع المصريين، أو إيداعه فى السجن، بل والأغرب من ذلك أن المخابرات الحربية الإسرائيلية نشرت وثيقة منذ عدة أشهر تشير إلى أن العميل «جاك بيتون»، الاسم المستعار لرأفت الهجان قد نجح فى تضليل المصريين خلال حرب 1967.

3- فارس بلا جواد

مع أوائل الألفية الثالثة خرج إلى النور عمل فنى يتناول بالتفصيل ما يُعرف ببروتوكولات حكماء صهيون، ويحكى قصة شاب مصرى يناضل ضد الاحتلال البريطانى، لكنه يصطدم فى الوقت ذاته بقضية سرية من نوع آخر، وهى قضية البروتوكولات التى تمهد لاحتلال أرض فلسطين، وإقامة كيان صهيونى قوى على الأراضى العربية.

وقد أثارت بروموهات المسلسل قبل بدء عرضه على القناة الثانية المصرية، ضجة شديدة داخل إسرائيل، نظراً لكونه يكشف العديد من الحقائق التاريخية التى تثبت عجز الإسرائيليين أمام المصريين.. وقتها ناشدت بعض المنظمات اليهودية- الأمريكية بوقف عرض المسلسل نظراً لنسبة المشاهدة الطاغية التى سينالها المسلسل، من المحيط إلى الخليج، بالإضافة إلى أن المسلسل يزيد نسبة العداء لإسرائيل فى المنطقة، لدرجة أن أحد المحامين الإسرائيليين أرسل خطاباً إلى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ناشده فيه بالتدخل شخصياً لوقف عرض المسلسل، نظراً لخطورته على استقرار المنطقة.

4- فيلم «حسن ومرقص»

كان عنوان الفيلم كافياً لإثارة غضب الإسرائيليين، بعد أن اختفى اسم كوهين من المشهد المصرى تماماً، قياساً برواية «حسن ومرقس وكوهين» التى ألفها المبدع بديع خيرى، والتى كانت تجسد صراعاً كوميدياً بين مسلم ومسيحى ويهودى يعيشون سويا داخل نسيج المجتمع المصرى.

ورغم أن الفيلم لم يشر من قريب أو من بعيد إلى إسرائيل أو اليهود، إلا أن أحد المواقع الإسرائيلية انتقدت الفيلم، بسبب تجاهل الطائفة اليهودية، وعدم الإشارة إليها فى أحداث الفيلم.

5- فرقة ناجى عطا الله

قبل عرض المسلسل فى شهر رمضان عام 2012، شنت الصحف الإسرائيلية حملة شرسة على الفنان «عادل إمام» وذكرت متهكمة أنه يعود إلى الشاشة الصغيرة بعد ثلاثين عاماً من تقديم عمله التليفزيونى الاخير «دموع فى عيون وقحة» بعمل آخر ينتقد فيه المجتمع الإسرائيلى. . ومع عرض المسلسل على الفضائيات، توالت ردود أفعال غاضبة من الجانب الإسرائيلى تحمل الكثير من المبالغات، من ضمنها أن المسلسل يحتوى على مشاهد تبرز تشجيع التنظيمات الجهادية مثل حماس وحزب الله، على القيام بعمليات استشهادية ضد الإسرائيليين.. هذه المشاهد أثارت غضب الإسرائيليين، خاصة أنها تؤكد فكرة كراهية المصريين للإسرائيليين، ما دفع الإعلام الإسرائيلى إلى الهجوم الشديد، لدرجة أن أحد الإعلاميين الإسرائيليين قال فى برنامج له: «ليس هناك أى كوميديا فى ذلك، فمازال المصريون يعاملوننا بكراهية وتعالٍ، وكأنه لم يتغير شىء منذ التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين».