د. رشا سمير تكتب: رساله إلي الوالي
سيدي الوالى:
اسمح لي ان أكتب اليك بعد عام من توليك المُهمة الجسيمة..
ولأننا حين فوضناك ووليناك أمورنا خيرها وشرها، وقبلت أنت بكل الحُب أن تتولى المسئولية، أصبحت بإختيارنا واليا علينا..
سيدي..أكتب إليك اليوم لأنك سمحت لنا أن نتواصل معك دون خوف ولا حدود بيننا..
أكتب إليك بصفة المواطن المصرى البسيط لأشهد أمام العالم كله بأنك قد أخذت مصر بين أحضانك وأعدتها إلى صفوف الريادة..وأعترف بأنك قد بذلت جهدا فائقا في مد جسور مع دول العالم، وأُقر بأنك استطعت تغيير نظرة العالم إلى الثورة المصرية التي طالما أنكروها وحاربوها، وهاهم اليوم بفضل ذكائك وعزيمتك يعترفون بها وبإرادة الشعب المصرى..
لكن..إسمح لي أيضا أن أذكرك بملفات مسكوت عنها أو بالأحري ملفات أهملتها حكومتك..عن عمد أو عن طريق السهو..لكنها فى النهاية ملفات يجب أن تُفتح..
لازلت على يقين من أن ملف التعليم هو الملف الذي يجب أن يكون له أولوية أولى في بلد قامت فيه ثورتين، لأنه ملف أُهمل طويلا..إن ميزانيه التعليم ليست صغيرة والمعونات الخارجية التى نتلقاها لتطوير التعليم كبيرة..
فيجب إذن أن يكون سؤالك لوزير التعليم ولحكومتك: أين تذهب تلك الأموال؟!
ومتى ستتحرك وزارة التعليم لتغيير المناهج العقيمة وتحسين أحوال المعلمين حتي يتحول التعليم الحكومي إلى وجهة كل أسره مصرية مقتدرة او غير مقتدرة؟..
وفى ملف الصحة..أتمنى سيدي أن تُصدر قرارا بإلزام السادة الوزراء بأن يتم علاجهم في المستشفيات الحكومية حتى يتسني لهم الشعور بآلام المواطن المصري الذى يُهان وتمتهن كرامته ويموت علي أسرة المستشفيات نتيجة إهمال وفساد، فالتعامل مع المواطنين فى تلك المستشفيات أصبح لا يرتقى حتى لطريقة معاملة الحيوانات في المستشفيات الأوروبية!..
ويأتى الملف المرتبك..وهو ملف إعتقالات الشباب، فحتى لو كان شباب الجامعات لهم رأى مختلف أو سلكوا مسلكا مختلفا..فأرجو أن تلتفت الدولة إلى أن قمعهم وإعتقالهم والتضييق عليهم لن يفرز إلا معارضة ولن يولد إلا عنف..إحتواء الشباب مهمتنا وحسابهم واجب فى حدود أخطائهم فقط، أما القهر ونظرية خلط العاطل بالباطل فهو خطأ فادح يجب تداركه..
سيدى الوالى..ويبقى الملف الشائك..ملف الفساد..
أنت سيدى تُشرع وتُسن قوانين للقضاء على الفساد، وتشهر أسلحتك فى وجه الفاسدين..ومؤسسات الدولة تُطرمخ وتتغاضى وتُهادن وتتستر على الفساد لأن ببساطة الجميع منتفعون!..
القضاء على الفساد سيدى لا يحتاج للجان ولا لهيئات، إنه ببساطة يحتاج فقط إلى يد من حديد تضرب بلا خوف وتحاسب على حد السواء دون محسوبية..
الفساد سيدى يحتاج مسئول على رأس كل منظومة، نظيف محترم وقادر على إتخاذ القرارات والإطاحة بكل اللصوص..
الفساد يحتاج إلى بتر وليس إستئصال..
وأخيرا تأتى آفة كل العصور..الحاشية..
نعم سيدى، الحاشية..بطانة السوء..ومستشارين خيبة الأمل..
إن شلة المنتفعين لا تصنع دائرة فى لحظات..لكنها تلتف فى بُطئ..ويتسع قُطرها بعد أن تسكن بكل براعة تحت مسام الحاكم فتُصبح مثل الوباء الذى يُصيبه بالصمم والعمى والشلل، فلا يسمع ولا يرى إلا من خلال رؤيتهم، ولا يتحرك إلا من خلال مصالحهم..
فاحذر سيدى إختيار معاونيك..إحذر المتملقين والهتيفة والبهلوانات والدجالين..
واسمح لى أن أسألك: أين مستشارينك وأين مقترحاتهم وخططهم للتطوير؟ لماذا يتصدر المشهد أحيانا نفس الوجوه الفاشلة البائسة التى لا تبحث سوى عن الأضواء؟..
لن يعلوا البناء إلا لو تكاتفت السواعد واصطفت صفا واحد قادر على الدفع بدلا من الهدم والوقوف ضد الدولة..
سيدى..عام على تنصيبك..وعام على توليك المسئولية..وعام من الإنجازات التى لا يجوز إنكارها..
عام مضى وآخر آت، وكلى أمل فى أن يكون عامك القادم هو عام القضايا المسكوت عنها..
إمضاء...سيدة من مصر