تقرير أمريكي يضع "إيران" في مأزق

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


أعلنت السفيرة الأميركية تينا كيادنو تفاصيل التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأميركية حول الإرهاب في العالم، مشيرة إلى ارتفاع كبير في العمليات الإرهابية على مستوى العالم بزيادة تبلغ 35 في المائة خلال عام 2014 مقارنة بعام 2013، وزيادة تبلغ 82 في المائة في مجموع عدد الوفيات الناجمة عن عمليات إرهابية عن عام 2013. وشهد عام 2014 عمليات خطف واحتجاز رهائن بلغ عددهم 9400 وهو ثلاثة أضعاف العدد في عام 2013.

ويطالب القانون الأميركي منذ عام 2004 وزارة الخارجية الأميركية بتقديم تقرير سنوي حول وضع الإرهاب في العالم والدول والمجموعات المنخرطة في أعمال إرهابية بهدف تقييم التهديدات الإرهابية ووضع الخطط لإحباط أي تهديدات.

وقالت السفيرة كيادنو بمقر الخارجية الأميركية صباح أمس الجمعة، نقلا عن الشرق الأوسط، إن الهجمات الإرهابية وقعت في 95 دولة خلال عام 2014 وتركزت بشكل أساسي في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وغرب أفريقيا، حيث استحوذت خمس دول هي العراق وباكستان وأفغانستان والهند ونيجيريا على أكثر من 60 في المائة من إجمالي الهجمات خلال العام الماضي، بينما تصدرت سوريا في عدد الوفيات بنسبة 80 في المائة من إجمالي الوفيات.

وأكد التقرير أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال المسرح الرئيسي للأنشطة الإرهابية في عام 2014 مع تصاعد نفوذ تنظيم داعش وتفاقم الصراع في سوريا وعدم الاستقرار في العراق، إضافة إلى الوضع الأمني الهش في اليمن وليبيا.

ورغم سعى الولايات المتحدة والقوى العالمية إلى إبرام اتفاق نهائي مع طهران بشأن برنامجها النووي، فإن التقرير وضع إيران في قائمة الدول المثيرة للقلق والراعية للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. وقد وضعت الولايات المتحدة إيران في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1984. وأشار التقرير إلى علاقات إيران مع حماس وحزب الله اللبناني ومختلف الميليشيات الشيعية في العراق واستخدام فيلق القدس أداة أساسية لتجنيد الإرهابيين في الخارج، إضافة إلى دعم إيران لنظام بشار الأسد في سوريا وإمداده بالأسلحة والتمويل والتدريب.

ويشير التقرير أيضا إلى نفوذ إيران ودعمها للحركات المتطرفة الإرهابية في أماكن أخرى بجانب الشرق الأوسط، مثل أفريقيا وآسيا، وبصورة أقل في أميركا اللاتينية.

وأبرز التقرير الصادر في 388 صفحة صعود التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق خلال عام 2014 مثل تنظيم داعش، و«جبهة النصرة» والتنظيمات التابعة لـ«القاعدة»، مشيرا إلى «الاستيلاء غير المسبوق» على الأراضي في العراق وسوريا من قبل تنظيم داعش.

وأشاد التقرير في الفصل الخاص بدول الشرق الأوسط، بجهود المملكة العربية السعودية في مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، مشيرا إلى مواصلة الحكومة السعودية الجهود المحلية لتحسين قدراتها على مكافحة الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة.

وتقول الأرقام الواردة في التقرير السنوي حول وضع الإرهاب العالمي إن ما يقرب من 33 ألف شخص قتلوا في نحو 13.500 هجمة إرهابية في جميع أنحاء العالم خلال عام 2014 (مقارنة بمقتل 18 ألف شخص في 10 آلاف هجمة إرهابية خلال عام 2013)، وأشار التقرير إلى مقتل 24 أميركيا على يد متطرفين خلال عام 2014 وارتفاع حالات الاختطاف من 3137 في عام 2013 إلى 9428 في عام 2014.

وقال التقرير إن أبرز اتجاهات الإرهاب العالمي خلال عام 2014 تمثل في صعود تنظيم داعش واستيلائه على الأراضي في العراق وسوريا بشكل لم يسبق له مثيل، مع استمرار تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام لـ«داعش».

وقال التقرير إن الإدارة الفاشلة في اليمن وسوريا وليبيا ونيجيريا والعراق خلقت بيئة مواتية لظهور التطرف والعنف، واستخدمت الجماعات الإرهابية مثل «داعش» هجمات أشد عنفا، وشمل ذلك القمع الوحشي للمجتمعات الخاضعة لسيطرتها وقطع الرؤوس بهدف ترويع المعارضين، واستهدف «داعش» الأقليات الدينية مثل المسيحيين والإيزيدين، وأيضا المسلمين من الشيعة، والقبائل السنية الذين تحدوا حكم «داعش»، وأشار التقرير إلى أن عام 2014 شهد تعبئة إقليمية ودولية قوية لمواجهة «داعش» واعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2178 في سبتمبر (أيلول) بما شكل خطوة هامة في الجهود الدولية للتعاون في منع تدفق المقاتلين الأجانب من وإلى مناطق النزاع.

وركز التقرير على الحرب الأهلية في سوريا كعامل هام في دفع عجلة الإرهاب في جميع أنحاء العالم في عام 2014، وأشار إلى أن عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى سوريا بلغ أكثر من 16 ألف مقاتل إرهابي أجنبي من أكثر من 90 دولة، بما يفوق نسبة المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى أفغانستان وباكستان والعراق واليمن والصومال خلال الأعوام العشرين الماضية.

وأشار التقرير إلى قدرة «داعش» في استخدام وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت في جذب مجموعة واسعة من الشباب من المجندين المحتملين في جميع أنحاء العالم، وقال التقرير إن تنظيم داعش برع في استخدام منصات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تويتر» في نشر رسائله على نطاق واسع ونشر محتويات لصور وحشية، مثل قطع رؤوس الرهائن وتفاخر بأسواق الرقيق من الفتيات والنساء، وتوسع في تكتيكات الرسائل لتشمل محتوى يهدف إلى إظهار حياة مثالية للعيش تحت حكم «داعش».

وأشار التقرير إلى اتباع فكر «داعش» من الغربيين الذين قاموا بهجمات إرهابية فردية في الدول الغربية، مثل كيبيك وأوتاوا في كندا، وفي سيدني بأستراليا، وهي هجمات تنذر بعهد جديد، وتتطلب تعزيز التدابير الأمنية لتحديد الإرهابيين المشتبه بهم الذين تستهدفهم تنظيمات مثل «القاعدة» أو «داعش» لتنفيذ هجمات في الغرب. وخلال عام 2014 عزز تنظيم داعش علاقته بجماعات خارج حدود العراق وسوريا، مثل جماعة «أنصار الشريعة» في درنة التي أعلنت الولاء لـ«داعش» في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 وجماعة «أنصار بيت المقدس» التي تقوم بعمليات إرهابية في شبه جزيرة سيناء المصرية التي أعلنت الولاء لـ«داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وطرح التقرير تساؤلات حول معنى تلك الشراكات وعلاقات الأوامر والأهداف الاستراتيجية منها، أم أنها علاقات انتهازية بحتة.

وأرجع التقرير بروز تنظيم داعش إلى تراجع وتقلص تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان، لكنه أشار إلى استمرار تأثير تنظيم القاعدة في «إلهام» شبكة عالمية من الجماعات التابعة له، مثل «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب» و«جبهة النصرة» و«جماعة الشباب» و«حركة المجاهدين الإسلامية» والجماعة الإسلامية تنظيم القاعدة، إضافة إلى الكثير من الجماعات المؤيدة والمناصرة التي تستوحي أفكارها من فكر «القاعدة».

وعلى الرغم من تركيز التقرير على تهديدات «داعش» و«القاعدة» على أمن الولايات المتحدة وحلفائها، فإنه أشار إلى أن التهديدات الأخطر تأتي من إيران التي تواصل رعاية الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وبصورة رئيسية من خلال الحرس الثوري وقوة فيلق القدس.

وأشار التقرير إلى رعاية إيران لجماعات مثل حزب الله اللبناني والكثير من الجماعات الشيعية العراقية وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطينية، إضافة إلى مواصلة إيران وحزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى تقديم الدعم لنظام الأسد، مما عزز قدرات نظام الأسد بشكل كبير وأطال من أمد الحرب الأهلية في سوريا وفاقم من أزمة اللاجئين والنازحين.

وأشار التقرير إلى أن إيران زودت النظام السوري بكميات كبيرة من الأسلحة عبر المجال الجوي العراقي، في مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، كما يقود مسؤولو فيلق القدس والميليشيات الشيعية الخطوط الأمامية في العراق للمطالبة بالفضل في النجاحات العسكرية ضد «داعش» والتقليل من شأن الضربات الجوية للتحالف ومساهمات الولايات المتحدة لحكومة العبادي.

وأشار التقرير إلى قيام الولايات المتحدة بتوثيق علاقاتها مع الحلفاء والشركاء الدوليين في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط لمواجهة تهديدات سفر المقاتلين الأجانب من وإلى التنظيمات الإرهابية وشهد عام 2014 خطوات في تعزيز قدرات مكافحة الإرهاب من خلال سن قوانين جديدة وتطوير وسائل لتحديد واعتراض وملاحقة المقاتلين الأجانب. وخلال العام الماضي قامت كل من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والإمارات بسن تشريعات ولوائح لمواجهة مشكلة المقاتلين الأجانب.