منال لاشين تكتب: حكم الإخوان بما يخالف شرع الله

مقالات الرأي



أتذكر ذلك الأسبوع الأسود كأنه كان بالأمس، أتذكر ملامحه القلقة الحزينة المرتبكة وذلك رغم مرور أكثر من نحو ثلاثة أعوام على ذلك الأسبوع وذلك الحدث الذى قسم تاريخ بلد لا تقبل القسمة على اثنين.أسبوع الانتخابات الرئاسية الأولى بعد ثورة 25 يناير.المرحلة الثانية من الانتخابات التى جرت بين مرشح جماعة الإخوان محمد مرسى واللواء أحمد شفيق.كان الاستقطاب سيد الموقف، وثمة ارتباك فى صفوف المصريين.خدع الكثيرون فى لحيته مرسى واسم جماعته. جماعة الإخوان المسلمين.ولذلك لم يكن غريبا أن يهتف فيما بعد ملايين المصريين بعدما اكتشفت مرسى وجماعته (احلق ذقنك بين عارك تلقى وشك وش مبارك).انخدع الكثيرون وهادن البعض.ولكننا لم نخدع أو نهادن.

كنا ندرك أن رفض نظام مبارك لا يعنى أن نسلم الدولة للإخوان.كنا ندرك أن تنظيم الإخوان لا يتعرف بالدولة المصرية حتى يصون حدودها وأمنها القومى.وندرك حتى قبل وصول مرسى للحكم أنه لاعهد أو ذمة للإخوان.وأنهم لو تمكنوا من حكم مصر فتصبح امارة وليست دولة، إمارة إخوانية تابعة لقطر أو تركيا يحكمها التنظيم الدولى بقبضة ديكتاتور وتسيطر عليها بالدم من خلال الميليشيات المسلحة وتحدث انقلابا فى الهوية الثقافية والاجتماعية لمصر.

1- المواجهة الأولى

كنا نستعد لإصدار عدد الفجر فى 21 يونيو عندما سارع الإخوان بإعلان فوز مرسى فى الانتخابات الرئاسية ودون انتظار للجنة الرئاسية.وكانت ولا تزال هناك شكوك بأن الإخوان أرادوا توريط المشير طنطاوى وإجباره على إعلان فوز مرسى وإلا تحولت مصر لبحور دم (بنص تعبير الإخوان) ولذلك كان مانشيت العدد «عصابة المرشد فى مواجهة دولة المشير». وصككنا فى هذا العدد ومبكرا جدا تعبير يسقط الرئيس القادم.وكتبنا محذرين مرسى وجماعته من تعدى هذه الخطوط وفتح الحدود أمام حماس ورهن قناة السويس لقطر وإعادة هيكلة الجيش المصرى وتحطيم الآثار وعودة الخصخصة واختراق القضاء.والحقيقة أن هذه العناوين الصحفية تحولت إلى مخاطر وكوارث حقيقة على يد الإخوان.وكان عادل حمودة محقا حينما قال: (مصر لن تهدأ إلا إذا انتهت الحرب بين الإسلاميين والعسكريين ولو فاز الإسلاميون ستصبح مصر إمارة إسلامية)

فى هذا العدد أكدنا أن مرسى وإخوانه سيحاولون تنفيذ مؤامرة رهن قناة السويس من خلال الصكوك الاسلامية وهو القانون الذى صكه الإخوان فى مجلس الشعب ليسهلوا لقطر الاستيلاء على قناة السويس.

ومع إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية رسميا، وتدشين صعود أو بالأحرى تمكين جماعة الإخوان بدأت الثورة فى «الفجر» ضد الإخوان.وكان عدد 28 يونيو 2012.بينما كان البعض مصدوما وعاجزا عن التفكير وكان آخرون لا يزالون فى مرحلة اكتشاف الإخوان وجرائمهم.كان عدد الفجر أسوأ استقبال للإخوان، فبالنسبة لنا الثورة بدأت منذ يوم استيلاء مرسى على الحكم..المانشيت كان (الفاشى فى قصر الرئاسة) وكل العناونين كانت تكثف موقفنا الثورى من الإخوان أطلقنا على مرسى الرئيس الخادم كتب عادل حمودة (الديمقراطية ترتدى السواد خوفا من الفاشية الدينية) فى هذا المقال ركز حمودة على كشف أسرار ما قبل اعلان النتيجة وأن المجلس العسكرى كان خائفا من فوز شفيق.كما كشف عن المفاوضات السرية بين المجلس العسكرى والإخوان.ولكن الأهم أن المقال يذكر الجميع بأن مرسى ليس مرشح الثورة ولكنه مرشح القوة التى استولت على الثورة.وقبل فضيحة تغيير النائب العام بشهور يكشف حمودة فى هذا الوقت المبكر سر رفض الإخوان للإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره طنطاوى.ويرى (أن رفض الإخوان للإعلان الدستورى المكمل هو انقلاب على مؤسسات الدولة بهدف استخدام سلطة التشريع فى تغيير النائب العام وإلغاء المحكمة الدستورية والانتقام من خصومهم.. بالقانون..كله بالقانون).

وفى هذا العدد كتبنا عن فاشية جماعة الإخوان منذ مؤسسها حسن البنا وأن فوز مرسى يعنى أن الفاشى أصبح الآن فى قصر الرئاسة.وأكدنا أن مرسى لم ينعم كثيرا بشخصية الرئيس، وأنه سرعان ما سيتحول لتابع للجماعة وقياداتها وتحديدا خيرت الشاطر .

وفى هذا العدد أو بالأحرى هذه المواجهة كتبنا عن كواليس صفقة اقتسام السلطة بين العسكرى والإخوان.وفى ختام المقال تنبأنا بأن الإخوان لم يصبروا على لعبة التوازن وأنهم بدون التعاون الحقيقى مع الجيش سيجدون أنفسهم فى مأزق تاريخى (مأزق تضيع على أثره كل طعم لكعكة السلطة ولا يتبقى للإخوان سوى طعم العلقم).

ففى ذلك الوقت كان فى المجلس العسكرى من يبحث عن إعادة إنتاج صيغة الحكم فى باكستان.وحتى خارج المجلس العسكرى كان هناك خبراء وساسة ومثقفون راهنوا على النموذج الباكستانى.

ولكنه رهان خاسر لأن أى رهان على الإخوان هو رهان خاسر.

وفى نفس الإطار انتقدنا تهاون المجلس العسكرى فى التعامل مع الإخوان وذلك تحت عنوان (العسكرى والإخوان بما يخالف شرع الله) وفى هذا المقال مقارنة ذكية بين تعامل عبد الناصر مع الإخوان وتعامل أو بالأحرى تدليل المجلس العسكرى لهم.

ورصدنا بداية عملية الشاطر لمحاصرة مرسى وزرع رجاله (جهاد الحداد وياسر على وعصام الحداد وأحمد عبد العاطى).

وجهاد الحداد لايزال يقود عملية التسويق للإخوان فى الخارج.وأحمد عبد العاطى الذى لا يزال فى السجن كشفنا له فضيحة فى أعداد تالية.فضيحة انه دعا لإقامة دولة الخلافة الإسلامية وتكون عاصمتها تركيا.فمصر كانت ستتحول لولا 30 يونيو إلى إمارة تابعة لتركيا.

وفى عدد استقبال مرسى فضحنا أيضا علاقة مرسى بجهاز أمن الدولة فتحت عنوان (مرسى..صنع فى أمن الدولة) كشفت ملش عن صداقته بضباط أمن الدولة وأنه تربى على يد أحد صقور الجهاز وهو اللواء صلاح سلامة، وأن سلامة كان يثق بمرسى.وكانت علاقة مرسى بأمن الدولة قد بدأت من فرع الجهاز بالشرقية وتطورت إلى رأس الجهاز فى مدينة نصر).

ولم ننس فى هذا العدد علاقة أمريكا بالإخوان ودعمها السابق والقادم للتنظيم.وهو الدعم الذى ظهر جليا فيما بعد خلال أحداث ثورة 30 يونيو وما بعدها.

فتحت عنوان (خطة التمكين تبدأ من البيت الأبيض) فضحنا علاقات الإخوان الخفية بالبيت الأبيض وأن حكومة أوباما بها سبعة من المؤيدين والداعمين للإخوان. وأكدت الفجر انفرادها بالأسماء والصور.

وكان موقف مرسى وجماعته من الإبداع والفن حاضرا فى هذا العدد.فقد انتقدنا غياب أى إشارة للفن والإبداع فى أول خطاب لمرسى.

كان هذا بعض مما جاء فى عدد المواجهة الأولى.وهذا العدد يمكن التعامل معه وكأنه فهرس لمواجهاتنا المستمرة والشرسة لمدة عام مع الإخوان.معركة كانت تبدو للجميع مواجهة مباشرة مع رأس الدولة الإخوانية ومعركها الرئيس الشاطر ومكتب الإرشاد.فضحنا كذب مرسى حينما زور فى ملفاته المرضية وكشفنا عن عملية المخ التى أجراها وقتما كان أستاذا بالجامعة، وكان مرسى قد كذب كعادته وادعى أنه أجرى عملية واحدة.كشفنا فى الفجر عجز مرسى وفشله وعمالته وخضوعه للتنظيم ومكتب الارشاد.كانت قيادات التنظيم تحتقر محمد مرسى.ويرون أنه مسئول ملف الرئاسة فى تنظيم الإخوان.ولم يجرؤ مرسى الاعتراض على إهانات أهله وعشيرته.

2- معارك ضد «التمكين»

من رابع المستحيلات كتابة أو حتى اختصار كل معاركنا مع الإخوان،وليس ذلك من باب شجاعتنا فقط،ولكن لأن الإخوان لم يتركوا بابا للفساد السياسى أو الاقتصادى إلا وقاموا به. بعد أقل من شهرين من حكم مرسى اصدر قائمة بالإفراج عن بعض المعتقلين وكانت القائمة كارثية أفرج مرسى عن تجار مخدرات وإرهابيين. وكانت هذه القائمة أو العفو من بين الادلة القوية عن بدء تكوين إمارة إرهابية فى مصر. فنظام الإخوان اعلن التصالح واحتضان كل قيادات الإرهاب والمتهمين فى قضايا قتل المصريين. وقد تزامن ذلك مع فتح مرسى وإخوانه حدود مصر خاصة سيناء لكل قيادات الإرهاب من التكفيريين والجهاديين من كل أنحاء العالم، ولذلك زادت جهود مصر الآن فى تصفية الإرهاب صعوبة واستوحش الإرهابيون فى سيناء.

ومع صدور قائمة العار انتفض الثوار وصدرعدد الفجر فى 30 أغسطس يحمل مانشيت ارحل يامرسى،31 (أغسطس انزلوا التحرير تستردوا الثورة) واعتقد أن هذا المانشيت كان التعبير الأول الصريح والواضح والمباشر عن رحيل مرسى وعصابته.

فى نفس الوقت الذى عفا مرسى عن الإرهابيين والمجرمين بدأت آلة الإخوان لمحاربة الصحافة،وشهر مرسى وعصابته سيف تهمة (إهانة الرئيس) فى وجه الصحافة والإعلام.فتحركت الدعاوى والقضايا ضد الصحفيين بدعوى اهانة الرئيس وصدرت أحكام بالسجن ضد بعض رؤساء التحرير.وكشف الإخوان عن وجهه المعادى لحرية الصحافة والإعلام فرفض مرسى إلغاء تهمة اهانة الرئيس والمؤسسات من قانون العقوبات مكتفيا بإلغاء الحبس الاحتياطى فى هذه التهم فقط، وذلك على الرغم من أن مرسى وإخوانه كان من أشد المؤيدين لحرية الصحافة قبل الوصول للحكم.وبدأت محاولات الإخوان اختراق المخابرات وأجهزة الدولة السيادية وفضحت الفجر زيارات خيرت الشاطر لأمن الدولة ومحمد البلتاجى للمخابرات.ولكن أهل المخابرات رفضوا هذه المحاولات وهددوا بفضح الإخوان.كما رصدنا علاقات الإخوان والشاطر بالإرهابيين والتى تصل إلى حد الخيانة.فقد قابل الشاطر المتهم بقتل جنودنا فى رفح كما رصدنا العلاقات السرية بين قيادات الإخوان وبعض قيادات حماس. لقد وجه الإخوان ضربة عنيفة للقضية الفلسطينية فتعاونهم مع إخوان فلسطين (حماس) أثر بقوة على تعاطف نسبة لا يستهان بها من المصريين مع القضية الفلسطينية، وكان مرسى وجماعته قد انهوا بالاتفاق الذى رعوه مع حماس عصر المقاومة المسلحة.فالقضية الفلسطينية كانت مجرد سلم يستخدمه الإخوان لكسب أرضية وشعبية فى الوطن العربى..

معارك التمكين أيضا وصلت للقضاء. ثلاث أحداث أو بالأحرى كوارث قام مرسى وإخوانه بها فى العام الأسود لحكمهم.عزل النائب العام بالمخالفة للدستور.وتعيين نائب عام إخوانى أو ملاكى كما أطلقنا عليه فى الفجر.والإعلان أو بالأحرى الانقلاب الدستورى الذى أصدره مرسى بتحصين قراراته من الطعن وتحصين مجلسى الشعب والشورى الإخوانيين من الحل.وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت حكما بحل مجلس الشعب لعدم دستورية بعض مواد القانون.وحصار المحكمة الدستورية رافعين شعار (أؤمر وادينا امارة هنجبهملك فى شيكارة).وكانت هناك معركة تفتت الجيش وتوغل الإخوان والسلفيين فيه.وكانت بداية هذه المعركة عزل طنطاوى وعنان.لأن الإخوان تصوروا أن المجىء بالسيسى وزيرا للدفاع سيسهل مخططهم.ولكنهم لم يدركوا أنها بداية النهاية لهذه المخططات.

3- معارك بالدم

حين نقول إن معركتنا مع الإخوان وصلت إلى معركة بالدم فنحن لا نبالغ على الاطلاق.فقد استهدف الإخوان ابنًا من أبناء الفجر.استشهد مع بعض شباب مصر فى مذبحة الاتحادية.والتى تعد بحق بروفة لـ30 يونيو.الشهيد الحسينى أبو ضيف.والذى يشك الكثير من الصحفيين أن الإخوان استهدفوه بشكل شخصى، لأن الحسينى فجر فضيحة لعائلة مرسى.عندما كشف قبل قتله بعددين عن تعيين شقيق زوجة مرسى فى الضرائب بالمخالفة للقانون.الحسينى الذى يلقب الآن بسيد شباب الثورة.لم يكن يكتفى بعمله المهنى فى فضح الإخوان خلال المخابرات.وكان آخر تحقيق له من سيناء.وهو تحقيق عن فتح أراضى سيناء أمام الإرهابيين وتوطين بعض من قيادات حماس فى سيناء، وذلك تمهيدا للمؤامرة الكبرى على سيناء.لقد كان الإخوان سيمنحون سيناء وطنا لاهل غزة، وذلك لحل القضية الفلسطينية وإراحة إسرائيل من مشاكل قطاع غزة. وهذه المؤامرة يشير لها السيسى الآن كثيرا، وفى إحدى العمليات الإرهابية الكبرى قال السيسى صراحة إننا لم نترك سيناء.

الشهيد الحسينى كان ناشطا سياسيا نقيا عف اللسان اعطى للثورة الكثير ولم يطلب أو يأخذ شيئا.كان الحسينى وجها بارزا فى كل الفعاليات ضد حكم المرشد.وكان وجها معروفا ومحفوظا لديهم.ولذلك كان من السهل عليهم اصطياده وضربه بطلقة فى رأسه. وخطف الكاميرا.فالإخوان الفاشيون كانوا لا يكرهون أكثر من الإعلام والكاميرات والصحافة لأنها تفضخ خطاياهم وتسجل فضائحهم.وتتحول إلى شاهد لا يكذب ويقاوم النسيان. ومرسى ورا خوانه كانوا يتصورون أن الإعلام يثير المواطنين ضدهم.

لم يعرف مرسى المصريين ولم يفهمهم الإخوان.فقد كان المصريون يمدوننا بالمعلومات الخاصة بعمليات أخونة مصر.فى كل موقع حاول الإخوان السيطرة عليه،كان مصريون وطنيون بسطاء يرفضون عملية التمكين. ويمدوننا بالمعلومات والمستندات.

ولكن الأهم أنهم يمدوننا بالدعم النفسى.البعض كان يندهش من جرأتنا وآخرون كانوا يخشون علينا.ولكن الجميع كان مقتنعًا بما نفعله.ويرى أنها معركة تستحق النضال والسجن والموت لأنها معركة وطن.